عراق المطيري
كثيرا ما يضطر المرء إلى تأخير أو تأجيل بعض ما عقد العزم على إنجازه
عراق المطيري
كثيرا ما يضطر المرء إلى تأخير أو تأجيل بعض ما عقد العزم على إنجازه وأن يكون خطه الذي يسير عليه وينتهجه ليس بسبب التقاعس أو تغيير الاتجاه أو انه فقد بوصلته فاختلطت عليه الطرق ولكن بسبب بعض المداخلات التي قد تسيء إلى الخط العام والصحيح الذي اختاره أغلبية أبناء الشعب العربي الممتد على كل مساحة وطنه ويتعداها إلى التعايش السلمي بين شعوب الأرض لأسباب لا نختلف عليها كثيرا والذين ننطلق منهم ونعول عليهم , فإذا كان اختيارنا للخط الوطني مبني على تلك الأسس فلابد من الوقوف عند ما يسيء إلى رموز شعبنا فيعرض تاريخنا إلى خطر التزوير أو يجعل صورته ضبابية في بعض النقاط , خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار الانتشار العالمي للشبكة العنكبوتية وتعدد مصادر الخبر الذي يحتاجه المواطن العربي وهو في شغف دائم لتلقفه والتعدد الهائل في المواقع الالكترونية وحرية النشر وحرية الاستقبال وإمكانية التأثير في الشريحة الهدف .
لذلك أجد من غير المناسب أن نطرح ما يسيء إلى رموز شعبنا العربي وقادته ولا نظهر منهم إلا إخفاقاتهم في تطبيقهم لما يحملون من مبادئ في المراحل التاريخية بعدت أو اقتربت أو يقلل من شأنهم في الوقت الذي تغض شعوب الأرض الأخرى البصر عن إخفاقات رموزها وتتمجد بانجازاتها أو نقارن بين الرمز الوطني والقومي وبين من يستهدف إضعاف امتنا من خارجها وزجها في متاهات تتعبها وتنحرف بمسارها , ولا يعيبنا كقومية لها تراثها أن تستحضر تاريخ رموزنا ونستفيد من دروسهم وتجاربهم ونتغنى ببطولاتهم ونحاول أن ننجب من يطمح إلى بلوغ أهدافهم في الوقت الذي نجد شعوبا ليس لها تاريخ تحاول الآن أن تصنعه كما هو حال أمريكا أو ربيبتها إسرائيل مثلا لا حصرا , ومن المعيب جدا أن يخلط المثقف بين رموز امتنا وقادتها وبين من يحاول الانحراف بها باستخدام شعاراتها وثوابتها القومية.
نحن الآن نسطر كلمات تاريخنا ونأمل أن يتغنى أبنائنا بما نصنع لهم ما يشرفهم وما نضيف على ما خلد آبائنا وأجدادنا وان مرت فترة زمنية كبت فيها مسيرة آبائنا فهذا لا يعني إن امتنا لا تصلح للبقاء أو يجب أن تنصاع إلى محاولات التذويب والصهر القومي أو العرقي أو الديني فنساهم نحن في تهديم حضارتنا فلا يعقل أن من يجيد تسطير الكلمات الرنانة من حقه أن ينال من تاريخ البطل القومي جمال عبد الناصر مثلا ويحمله وحده ذنب نكسة حزيران 1967 ولازال المشاركين فيها أحياء يرزقون وأسباب فشلها معروفة لكل الناس في الوقت الذي يتجاهل الفعل الثوري المجيد من بطولاته ابتدءا من المشاركة الفعالة في ثورة يوليو 1952 إلى قيادته الرائعة للقرار الخالد بتأميم قناة السويس إلى تحدي العدوان الثلاثي والنصر العظيم على قوى الشر عام 1956 ورفض الانصياع إلى ضغوط الدول العظمى والانضمام إلى حلف بغداد المخجل إلى مشروع السد العالي ووحدة مصر وسوريا وغيرها الكثير التي شكلت قفزات نوعية في حياة الشعب العربي بصورة عامة والمصري بصورة خاصة كالوحدة المصرية السورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة والعوامل والأسباب التي أدت إلى انهيارها معروفة ولسنا بصددها , ونحن نعرف طبيعة شعبنا المصري كجزء من امة العرب التي تعتبر من الأمم الحية صعبة المراس ولا تنقاد إلا لمن تجده الأصلح لها فكانت مردودات نكسة حزيران الشعبية كبيرة وعظيمة على عموم الوطن العربي ومن رحم تلك النكسة أنجبت بطولات انتهت بالانتصارات العربية في حرب تشرين 1973كواحدة من الانجازات البطولية الرائعة .
إن الأسلوب الذي تجري به مغالطة الحقائق التي عشنا تفاصيلها نحن وليس آبائنا أو أجدادنا مخجل جدا فكيف تصاغ الأمور غدا لأبنائنا حيث تكون أيامنا قد انطوت وصفحاتنا قد اندثرت تحتاج إلى من يزيل عنها برفق غبارها …!!! فكلنا عشنا اعتداءات الفرس على شعبنا العراقي حيث يقنعوا بما حصل عليه شاههم محمد رضا بهلوي في اتفاقية الجزائر عام 1976 نتيجة حكمة القيادة العراقية الوطنية وسعيها إلى حقن الدماء بين الطرفين , وحالما تغيرت رموزهم جاء شيطانهم الأكبر خميني بما دنس به الفكر الإسلامي وبالتحديد الثقافة الشيعية الجعفرية بما يسيء لها بمشروع ولاية الفقيه الذي يهدف إلى ابتلاع القوميات والأمم والتمدد على حسابها لصالح القومية الفارسية , فرغم إن الإسلام عربي والقرآن بلغة العرب فهم يرفضون التعامل مع مفرداته ومعطياته إلا باللغة الفارسية فيتمسكون بلغتهم بشدة حتى فيما يخص الله والدين ويطلبون منا نحن العرب حملة الرسالة السماوية الكريمة أن نتخلى عن قوميتنا وديننا ونتشيع على الطريقة الفارسية لولاية الفقيه …. فأي منطق عجيب هذا الذي تواجهه امتنا من جيرانها ونحن نعرف مسبقا عمق موروث الحقد الفارسي الشعوبي على الأمة العربية وأسبابه وطرق واساليب الغدر الذي يواجهون به امتنا بما يمتد إلى آلاف السنين ولنا في ذلك تجارب عديدة ومريرة آخرها ما حصل ويحصل في لبنان على يد حسن نصر الله غير مسعاهم في اليمن وفلسطين والسودان وغيرها .
ألا يعيب المرء خصوصا إذا صنف نفسه على خانة المثقفين إن يمس الرئيس الراحل شهيد العصر صدام حسين لصالح دجال منافق اعتنق الإسلام ستارا لمحاربة المسلمين فوقف بوجه عدوان تصدير ” الثورة الفارسية ” , فهل إن صد العدوان عملا مشينا يعاب عليه المرء ؟ وهل من الممكن لمدعي الثقافة والمعرفة أن يتناسى المئات من المشاريع العملاقة وحملات البناء الحضاري والنهوض بالأمة من خلال المشروع النهضوي القومي الذي يؤمن به ويتبناه ؟ وهل من الممكن لأحد أن يعتبر الظرف هو من منحه فرصة النهاية المشرفة لمشروع حياته الجهادي والنضالي ونهمل دوره في اختار طريقة الفوز بالخاتمة المشرفة ؟ وهو بإمكانه أن يعيش بالطريقة التي يتمناها ويعيشها الكثيرين من أشباه الرجال ممن نراهم اليوم يترأسون بسلاح المحتل ويتزعمون بقوة وبسطوة الأجنبي على شعبنا في أقطارنا العربية .
إذا تمكنا بإصرار من قول غير الحقيقة فالأكرم لنا أن نكمم أفواهنا ولا ننطق بكلمة واحدة لأننا سنكون أضحوكة لأبنائنا وللأجيال اللاحقة قبل غيرهم من الأجانب فالرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله تصدى لحملة ظالمة استهدفت امتنا العربية جميعها قادتها مجموعة من الأطراف الدولية والإقليمية بالتعاون مع النظام الرسمي العربي وليس الشعبي فإذا كان سيء الذكر المقبور محمد أنور السادات قد وضع المسمار الأول في نعش القضية العربية عندما ابتدع نظرية تجاوز حاجز الخوف العربي ثم أردفه بمشروع كامب ديفيد فالتف معه وتحالف الحكام العرب فنصبوا أنفسهم أدوات لضياع الأمة العربية بعد فشل مشروع التمدد الفارسي بان وضعوا أنفسهم رهن إرادة أمريكا يقودهم حسني مبارك فكان حكام مشايخ الخليج العربي رأس الرمح الذي وجه إلى العراق لتمزيقه ثم تمزيق الأمة العربية وشرذمتها وهذا ما بات الشعب العربي يلمسه اليوم فمنذ غزو العراق واحتلاله وعرقلة مشروعه الذي لم ولن يستطيعوا إنهاءه تهاوت الكثير من أركان الصمود العربي .
أما حسن نصر الله الذي عصب رأسه بولاية الفقيه الفارسية وارتدى عمامة خميني السوداء فانه قد ابتلع الطعم بمحض إرادته بعد أن وجد النظام الرسمي العربي قد ضحى بشعبه وارتمى بأحضان الأمريكان , فقد خير نفسه بين الأمريكان والفرس لأنه يدرك أو لا يدرك إن المحصلة واحدة فالضحية هو الشعب العربي في كل الأحوال فاختار أن يكون بطل برعاية فارسية يقبل أيادي خامنئي ويأتمر بأمره على أن يكون عميلا ذليلا للأمريكان وبالتأكيد أحرار العرب يدركون مغزى الحركة التي يقودها بالتحالف مع حركة أمل التي لا يمكن أن تتطهر أيديها من دم اللبنانيين والفلسطينيين ولكي يكتسب معاني البطولة بالتمام والكمال سهل له الفرس بعلاقتهم الطيبة الواسعة ” ولمن ينكر طيب العلاقة نذكره فقط بفضيحة إيران كيت مثالا شاخصا ” بالتعاون مع الصهاينة عملية تبادل الأسرى اللبنانيين لدى الكيان الصهيوني مقابل موافقته على تصفية الإرهابي عماد مغنية الذي كانت حياته ثمنا لصفقة أطرافها الفرس وحسن نصر الله ومخابرات حكومات عربية تهتم بالأمر الشيعي ستتكشف أوراقها قريبا إن شاء الله.
إن قوميتنا العربية التي أنجبت سيد الخلق محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه والتي كرمها الله بمزايا لا حصر لها ولا عد وحمّلها أمانة نشر الإسلام فأصبحت هدفا لكثير من أمم الأرض وشعوبها قادرة على أن تنجب الأبطال الأخيار الذين يجاهدون للذود الرسالة السماوية وعن ربوع وطنها وليست بحاجة إلى فارسي مشعوذ يشتت شملها .
عاشت الأمة العربية برموزها منارات عزها لا برعاديد تنصلوا عنها وضحوا بها ارضاءا للأجنبي .