بعد قيام الكيان الصهيوني منذ ستنون عام، ولاسيما بعد النكسة بدأت فكرة وأطروحة السلام مع إسرائيل تطرح علي الساحة العربية والعالمية، وللعلم هناك العديد لاسيما من المصريين يعتقدون أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان من أنصار القضاء علي الكيان الصهيوني ، و أكد أن الرئيس جمال عبد الناصر بالفعل كان قومي الفكر ،يؤمن بأن الوطن العربي جسد واحد أذا اشتكي منه عضو(دولة شقيقة) تداعت له باقي الأعضاء (دول الوطن العربي) بالصهر والحمى ،وكان يأمل في مصر حرة أبية مستقل القرار ،كما حمل عبء القضية الفلسطينية علي ظهره؛ وكان مصمما ًعلي التخلص من ذلك الكيان الغاصب السرطاني الذي لا أساس ولا جذور له في وطننا العربي وهو ما توكده موقف عديدة منها مساعدته للفلسطنين ودعمه لقضيتهم، وعندما وقعت مصر فريسة للعدوان الثلاثي عليها مثل ذلك نكسة مصرية هزت النظام السياسي كله ، حتى أن الرئيس جمال عبد الناصر فكر في التنازل عن الحكم؛ولكن حب وإيمان المصريين به هو الذي جعله يتنحي عن قراره، ؛ وان كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد تراجع في قراره ولم ينحي عن الحكم ألا أن فكره أصابه التغير؛ وبدا يفكر في مصلحة مصر أولاً أي بدا يقدم المصلحة الوطنية عن المصلحة القومية، وهو ما جعله يتقبل قرار الأمم المتحدة رقم 242 ذلك القرار الذي ينص على إنهاء حالة الحرب والاعتراف ضمنا بإسرائيل دون ربط ذلك بحل قضية فلسطين التي اعتبرها القرار مشكلة لاجئين، احترام سيادة دول المنطقة على أراضيها في أشارة ضمنية لاحترام دولة إسرائيل ، وإقرار مبادي سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ومقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 67 والجدير بالذكر أن في ترجمة القانون للنسخة الانجليزية تم حذف “أل” التعريف من كلمة “الأراضي” بهدف المحافظة على الغموض في تفسير هذا القرار، ويشكل هذا القرار منذ صدوره صُلب كل المفاوضات والمساعي الدولية العربية لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي. ومعني قبول الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بهذا القرار أنه قبَل بوجود إسرائيل واعترف بها وليس هذا فحسب بل أنه من المقبول والطبيعي أقامة علاقات معها واتفاقيات سلام، وبالتالي فنحن منذ الستينات وأطروحة السلام مع إسرائيل تروض القادة العرب وتطرح علي أجندتهم حتى توجت المساعي الدولية والإقليمية باتفاقية السلام المصرية إلاسرائيلية ،وبعد قطعية العرب لمصر انقلب حال وفكر القادة العرب وبعدما كانت تروضهم فكرة السلام مع الكيان الإسرائيلي، وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني ويمنعهم الحياء ، ومع عودة العلاقات مع مصر وانطلاق مؤتمر مدريد عام 1993 ،وما تمخض عنها من اتفاقية أوسلو تلك الاتفاقية التي تعد النكسة الثانية للعرب حيث أن هذه الاتفاقية كرست اعترافات العرب بالكيان الغاصب مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ، مما جعل إسرائيل واقع معترف به نحيا معه في وطننا العربي . ومن ذلك الوقت وتوالت دعوات السلام تارة من قبل الدول العربية وتارة من قبل جامعة الدول العربية ، وتارة من قبل القوي العظمي ( الولايات المتحدة الأمريكية الداعية أنها راعية السلام في الشرق الأوسط ) والسؤال الذي يطرح نفسه هل حققت كل هذه المساعي سلام بين الدول العربية وإسرائيل ؟ ولماذا لم يتحقق السلام بين الدول العربية وإسرائيل إلي ألان ؟ وما هو السلام الذي تصبو إليه إسرائيل ؟
الحقيقة أنه لم تحقق كل هذه المساعي سواء العربية منها أو الإقليمية أو الدولية السلام بين الدول العربية والكيان الاستيطاني،حتى معاهدات السلام التي تمت بين الكيان الغاصب وبعض الدول العربية إلا وهى مصر والأردن أراها سلام بارد ولماذا بارد؟ لان مازالت الشعوب العربية يرفض أقامة سلام مع ذلك الكيان الاحلالي الغاصب ، فرغم معاهدة السلام التي تمت بين إسرائيل ومصر إلا أن مازال الشعب المصري يرفض التطبيع وإقامة علاقات بشتى أشكالها مع ذلك الكيان السرطاني في المنطقة ، مما يجعل ذلك السلام سلام على مستوي رسمي فقط ، ويجعله سلام بارد ، وهل جمود هذه المساعي يتوقف فقط علي رفض الشعوب العربية للسلام مع ذلك الكيان الاستيطاني أكد لك سيدي القارئ لا بالحجة والمنطق فعرقلة عمليات السلام التي طالما سمعنا بها من عقود طويلة متجمدة ، لأن إسرائيل دولة حرب لا دولة سلام ، وكيف لكيان عنصري مثل إسرائيل يري الأخر علي أنه أغيار وأن ما دون اليهودي خلق لأجل خدمة اليهودي ، وبأن الرب قد وعدهم بأن يملكوا ارض فلسطين وما حولها، وبأن وطنهم القومي من النيل إلي الفرات فكيف يقبل هذا بسلام مع العرب أي سلام يحلم العرب أن يحققوا مع اليهود ؟ أليس ضرباً من ضروب الجنون أن يصبو العالم العربي لحياة أمنة مع الكيان الصهيوني ؟
فإسرائيل لا تسعى لسلام مع الدول العربية بل الأخيرة هي التي تلهث وراء سراب إقامة سلام عادل وشامل مع إسرائيل مما ينعكس علي منطقة الشرق الأوسط كله بالاستقرار والأمن ، ولذلك يبدو واضحا عزوف إسرائيل عن السلام مع العرب في إملاء شروطها عندما تطرح أي مبادرة سلام بينها وبين دول المواجهة , وترجع فشل كل مبادرة للسلام تطرح إلي عدم استجاب العرب لمطالبها وشروطها لتحقق السلام .
فهل يا إسرائيل ……….. لو استجاب العرب لشروطك وإملائتك سيتتحق السلام ………………؟
ُأكد لك سيدي القارئ أن العرب حتى لو استجابوا لكامل إملاتها لم ولن يتحقق سلام مع ذلك الكيان الغاصب العنصري ، فلا يوجد راغب لسلام عادل وشامل يملىء شروطه، فالسلام العادل والشامل قائم علي التنازلات من كلا من الطرفين
فلا للسلام مع إسرائيل …………… لا للسلام المشروط
أمنية سالم
باحثة سياسية ومختصة في شئون إسرائيلية