فور رفع الحكومة السورية لأسعار المشروبات الكحولية التي تنتجها المعامل العمومية وهي من معامل القطاع العام القليلة الرابحة على الدوام، عادت الأزمة الأيديولوجية الخامدة منذ نهار الأول من أمس لتشتد ولتعصف بالوحدة الوطنية لقيادة حزب ـ الكلكة ـ القومي العنيد، والعتيد، والعربيد..!
هذه القيادة، مشهودٌ لها كما هو معروف للداني فقط..! كثرة أوقات الصحو التي أمست تغشاها منذ انقطع الدعم الكحولي الحكومي عنها..!؟ وهي ظلَّت بالرغم من كل المنعطفات المصيرية التي عكِّرت صفو الأمتين العربية والإسلامية خلال القرون الخمسة الماضية وهو تاريخ بني عثمان قبل أي أحد آخر، قيادة تاريخانية تبزّ ما عداها من قيادات حزبية متوارثة ملّتَ منها كافة الطبقات وبخاصة طبقة النكاشين المستحدثة..! ـ أم علي ـ تقول: إن هذه القيادات مستحاثية لأن عملتها الأيديولوجية لم تعد قابلة للصرف في أي بنك شعبي أو طبقي بالرغم من أنها احترفت جميعها الحديث الممجوج عن كرامة الوطن والمواطن.. وعن اقتصاد السوء كما تسميه نكاية بشريحة من مواطنيها الليبراليين، والعلمانيين، والديمقراطيين، والعقلانيين، وكلهم من دون نقصان باتوا عملاء للامبريالية يعرقلون نضال الرفاق في زواريب الصراع الطبقي الآيل إلى انتصار البروليتاريا المحتَّم ( ألم تثبت الحياة تسع عشرة مرة صحة البرنامج..؟ ) و التي ستقيم دكتاتوريتها الشريفة الخلنج ..!؟ وهي ـ قيادة حزب الكلكة ـ بفعل العدوى ظلّت تاريخانية بالرغم من الانشقاقات المتتالية على مدار الأيام حيث لا تنقضي السهرة الحزبية من غير انشقاق أفقي أو شاقولي..! وكل الانشقاقات عادة تحظى برعاية منظرة الحزب ـ أم علي ـ التي لا تحب العقول الراكدة ولا النعاج السائبة ولا كل أشكال الوحدة لأنها كما تقول مؤمنة بأنه حتى الرب الذي لا رب غيره أقلع منذ قرون عن فكرة توحيد المؤمنين به وبرسله وباليوم الآخر..!
أما عن الانشقاق الأخير الذي تعرّض له الفرع السوري للحزب، فقد تسبب به قرار الحكومة برفع أسعار منتجات معاملها الكحولية بنسبة كبيرة الأمر الذي نتج عنه حالة هيجان و تذمر لم تستطع ـ أم علي ـ احتوائها بالرغم من إطلاقها لنظريتها الديالكتيكية الجديدة المعنونة: المبسّط في علم الحكومات الحكي مات..! أم علي ترى بكل شفافية أيديولوجية ظلماً وتعسفاً شديدين ينال هذه الحكومة من شياطين العمل السياسي الموالين والمعارضين على حدٍ سواء إذ أن الجميع يستوطي حيطها وينعتها بكل الصفات لا بل يصوبون نحوها حراب اتهاماتهم وسهام توجعاتهم بدواعي الخلط الذي يعتري تهويماتهم التنظيرية فهم يظنون أن الحكومة هي السلطة والسلطة هي الحكومة..! وهكذا، فهم يستمرون في محاولاتهم البائسة لنحرها ومحاولة جرجرتها من فوق الكراسي فيسهمون في لخبطة الرأي العام وتضليله فيما خص مسألة الأضداد والأصفاد..! في حين أن نظرية ـ أم علي ـ ترتكز على محور التفافي له مسننات مدببة وأنياب مصقولة بحسب شروحاتها النهارية أما في الليل فإنها فتقول: إن الحكومة ليست هي السلطة أبداً بل هي أجيرة مؤقتة عندها لا أكثر ولا أقل وانطلاقاً من هذا ترى ـ أم علي ـ أن الحكومة لا علاقة لها بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد وعلى الشياطين المغفلين إياهم أن ينظروا نحو السلطة وليس نحو الأجيرة..! وآخر البراهين التي ساقتها لتأكيد صحة نظريتها كان قرار الحكومة الأخير فهي تقول: لو كان للحكومة شبهة علاقة بالسياسة والعمل السياسي لما فكرت يوماً برفع أسعار منتجاتها الكحولية بل على العكس من ذلك فهي كانت ستعمد كل حين إلى تخفيض أسعار هذه المنتجات الإستراتيجية فتصبح متاحة لجميع أبناء الشعب في كل الأوقات وليس في المناسبات فحسب.! وهي لكانت تدرك مدى أهمية التخفيض المستمر في أسعار هذه المنتجات على وجه التحديد ولكانت وعت وعياً مبكراً أن مردود ذلك يتجلى في تعميم لا وعي المتضررين ليشمل جميع أبناء وبنات الرعية ولو استلزم الأمر لكانت استعدت لدعمهم بكميات مجانية بدل أن تدعمهم بالمازوت ولو حين الضرورة أي على مدار العام .!
أم علي لا تستثني بلداً ولا حكومةً في هذا الشرق المجيد فهي توسع المجال الحيوي لنظريتها ليشمل كل الحكومات الرفيقة والصديقة والتي بين بين وإن اختلفت أنواع منتجاتها فالأمر وفق نظريتها لا يفرق كثيراً بين القات، والقنب، وزعفران الكيف، وعرق الميماس، أو الحنبلاس، أو التين، أو التمر، وكبسولات الدعاة القدامى منهم والجدد وخطب الجمعة وفتاوى رفاقنا المشايخ وغير ذلك من منتجات وفيرة..! وهي تقول: كل حكومات هذا الشرق لا علاقة لها بالسياسة والعمل السياسي اللهم ما عدا ما ينص عليه عقد التشغيل…! وهي قدمت كافة الأدلة والبراهين الطازجة لتدعيم ما ترمي إليه نظريتها الكلكاوية بدءاً من انتصارات الخامس من حزيران إلى أم المعارك مروراً باتفاق مكة إلى اتفاق صنعاء إلى اتفاق القاهرة إلى اتفاق مقديشو إلى اتفاق غزة وصولاً إلى اتفاق الدوحة وما تبقى من اتفاقات جاهزة للإخراج والدبلجة في الوقت المناسب.. والسعر المناسب تقصد أم علي: سعر المنتجات المناسب…!؟