حين نتأمل فى التاريخ ونقوم بسياحة عبر الزمن لنستخلص منه عدة قوانين
سيد يوسف
تسير الحياة الاجتماعية والسياسية للدول يمكننا أن نستنتج قانونا مفاده أن دولة الكيان الصهيونى وُجِدَتْ لتفنى وأنها إلى زوال، وأن مشروعهم المعلن فى أفول سريع الخطوات.
انظروا نظرة مغايرة للجدار العنصرى الذى يفصل فلسطين: صحيح أنه يزيد معاناة الفلسطينيين لكنه أيضا يعطل حلم الكيان الصهيونى بالامتداد من الفرات إلى النيل بل إنه يحمل معنى يصرخ بشدة الوضوح مفاده صرخة صهيونية للعرب تقول: دعونا نعيش على هذا الجزء من الأرض(” وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ” النساء104)…وشبيه لحد التطابق بهذا الأمر الجدار المزمع بناؤه بين مصر وبين غزة فهل من معتبر؟!
وإن تستدعى المرء نصوص فإنها تستدعى قول الله تعالى “لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ” الحشر14، وفهم الأمر بهذا الطرح وحده لا يكفى لتلمس نقاط بيضاء فى مشهد يبعث على التشاؤم والإحباط إلا على فئة تأبى المقاومة والجهاد أن يتركانها وإنها لفئة منصورة مهما انفض العرب والناس عنها ذلك أنها تمدد بسبب إلى السماء، وتسير المقاومة بخطى بطيئة لكنها ثابتة وناجحة ومتطورة شهد على ذلك انتقال الانتفاضة من الحجر إلى السكين إلى العمليات الاستشهادية إلى صناعة الصواريخ الأرضية الى خطف العسكر الصهاينة وامتدت إلى القيام بعمليات نوعية شهد بكفايتها العدو قبل الصديق.
نقول : تسير المقاومة على خطى ثابتة قد تكون بطيئة نسبيا لكنها متطورة وفاعلة وتقض مضاجع الصهاينة وحلفائهم وفى هذا المشهد نقطة بيضاء نرجو التركيز عليها… وقد أنصف الدكتور عبد الوهاب المسيرى فى رؤيته بتحديد علامات عشرة لزوال الكيان الصهيونى وإن اعتمدت فى معظمها على الداخل الصهيونى أكثر من الخارج المتمثل فى استمرار المقاومة وقد أعجبنى رؤية صديق حين تحدث مجتهدا أن إفسادة بنى إسرائيل الحالية هى الإفسادة الأولى واستدل على ذلك بأدلة قد نتفق أو نختلف فى قوة الاستدلال بها لكنها على أي حال رؤية جديرة بالتأمل والاعتبار.
وثمة نقاط أخرى جديرة بالتأمل حين تبعث على بعض التفاؤل خلاصتها أن أمتنا رغم ضعفها ما تزال حية رغم كمّ معاول الهدم الطاغية التى تعمل عليها، صحيح هى أمة مريضة لكنها لم تمت ولن تموت، والمريض يُرجى برؤه …ويحلو لبعض المستشهدين أن يقولوا إن زمن التتار حين علوا كان أشد سوادا على الأمة من زمننا الراهن هذا ويستدلون على ذلك بروايات هى فى مظانها.
وأخرى تعنى بميلاد جيل حر مقاوم لا يخشى القهر ويناط به تغيير الأوضاع حالكة السواد حين تبرأ أمته بله أن يكون هو أداة هذا التغيير فمما لا شك فيه أن بعد الظلام فجر ساطع فاصبروا وأبشروا.
نوجز ما نريد تبيانه كما يلى
(1)العنصر البشرى المتمثل فى البنية النفسية للمقاوم (2) المنهج الأصيل الذى يحمله المقاومون من عقيدة (3) الحق الذى يحمله أهله فى مواجهة الباطل واستمرار الكفاح (4) قانون الحياة الذى ينص على أن الزبد يذهب جفاء وأن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض (5) تخبط الباطل وغبائه رغم قسوة القهر….
هذه مفردات بيضاء فى مشهد مليء بالسواد تنبئ أن المستقبل للمقاومة وأن النصر لها ولو على المدى البعيد واذكروا – إن شئتم- كم مكث الصليبيون بالمشرق قبل أن يدحرهم صلاح الدين هو والذين جاهدوا معه.
سيد يوسف