نجح تدخل الدكتور عبد اللطيف عربيات في انقاذ الإجتماع الأخير لمجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي من التعرض لإنفجار كبير، مستمهلا بعض الوقت لاحتواء الأزمة التي فجّرها رموز تيار الوسط، مدعومين ببعض الحمائم.
فتيل التفجير أشعله نبيل الكوفحي، عضو المكتب التنفيذي للحزب ، قبل أن يسارع الدكتور عربيات إلى اطفائه، وذلك باقتراحه (الكوفحي) اعفاء زكي بني ارشيد الأمين العام للحزب من مهماته، تحت ضغط التهديد بتقديم استقالة جماعية من عضوية المكتب التنفيذي لتخيير مجلس الشورى بين الإستجابة لمطلب تحالف الحمائم والوسط، أو ارغام مجلس الشورى نفسه على حل نفسه..!
هذه هي حقيقة الأزمة التي عمل تحالف الحمائم والصقور على تفجيرها يوم السبت الماضي، وإن كان الكوفحي اقترح قبل خروج مندوبي وسائل الإعلام اضافة بند جديد على جدول اعمال المجلس تحت عنوان بحث الخلافات داخل المكتب التنفيذي للحزب، وهو ما أقره مجلس الشورى بالأغلبية.
لم يمثل طلب الكوفحي أي مفاجأة البتة، وذلك في ضوء جملة مقالات وتقارير صحفية سربت لصحيفة “الغد” الأردنية، التي قرر الزميل جورج حواتمة رئيس تحريرها تأجيل طباعتها أكثر من مرة خلال الشهرين الأخيرين بانتظار وصول التسريبات الموعودة من قبل رموز هذا التيار.
فبعد أن انفردت الصحيفة بنشر تفاصيل محددة لما جرى داخل جماعة الإخوان المسلمين، انفردت باستباق الحدث فيما يتعلق بحزب جبهة العمل الإسلامي المنبثق عن الجماعة. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ أن مقالات تعبوية نشرت في ذات السياق.
فيما يتعلق باجتماع مجلس شورى الحزب، يمكن رصد ما يلي، من بين كم كبير مما نشر قبيل تحديد موعده، وذلك على نحو يؤكد أن الصحافة تحولت فعلا إلى سلاح بيد الفرقاء في الحركة الإسلامية الأردنية:
تغيير كل المؤسسات القيادية للحزب
أولا: بتاريخ 16 الجاري، نشرت صحيفة “الدستور” الأردنية تقريرا تحت عنوان “العمل الإسلامي تتعرض لتجاذبات تنظيمية جديدة تدفع قياداتها لإعادة الحسابات”، جاء فيه أن “قيادي من جناح الإعتدال” ابلغ الصحيفة بأن “مروجو التغيير في العمل الإسلامي يركزون في خطابهم التغييري على ثلاثة محاور اولها إعادة انتخاب أمين عام جديد للحزب، وانتخاب مجلس الشورى والمكتب التنفيذي للحزب، ودعم اتجاه الإعتدال للجماعة”. وأضاف المصدر الإسلامي الذي وصف نفسه بالإعتدال “يرى قياديون اسلاميون أن الحركة دخلت في مرحلة يطبعها خيار جديد يحدد مساراتها، فإما أن تخطو الحركة في اتجاه تجاذب متوازن يعيد للأطراف التنظيمية دورها في إدارة حلقات العمل الحزبي السياسي، أو أن تترك الأمور على منوالها على أقطاب التشدد الذين يحملون في رؤسهم افكارا تصعيدية كبيرة، تتعدى كل ما يمكن تصوره”. واضاف “يستشف من تحركات التغيير المرتقب التي يديرها قياديو الإعتدال أن هدنة ابرمت بسياق ما حدث في انتخابات الجماعة الداخلية لجأ اليها قطب الإعتدال كتكتيك مرحلي يتم اعادة حساب خسائره عقب أن يتمكنوا من استحداث تغييرات في الحزب”.
وختم المصدر قائلا “الأنظار تتجه الآن نحو الإجتماع الأول لشورى العمل الإسلامي عقب الإنتخابات الداخلية للإخوان، حيث يلتئم اقطاب الحركة الإسلامية في اجتماع من المتوقع أن يطغى به الخلاف على الوفاق الأخير”.
ثانيا: بتاريخ 20 الجاري، نشر ابراهيم الغرايبة، مقالا في صحيفة “الغد” بعنوان “الفلاحات يتولى إلى الظل”، خصصه لامتداح سالم الفلاحات، المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، والغمز من قناة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”. والغرايبة هو شقيق الدكتور رحيل الغرايبة نائب الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، سبق له مغادرة الحركة الإسلامية على خلفية تصارع التيارات.
وفي ذات العدد من ذات الصحيفة، نشر مقال لعبد المجيد الذنيبات المراقب العام الأسبق للجماعة، الذي سبق له الإعتراض على ترشيح بني ارشيد لموقع الأمين العام للحزب، وأعاد التصويت داخل مجلس شورى الجماعة بأمل تراجع المجلس عن ترشيحه.
مقال الذنيبات كان بعنوان “تداعيات الأزمة اللبنانية اردنياَ”، صب فيه انتقادات حادة على اسلاميين لم يحددهم، قال إنهم وقعوا مع آخرين على رسالة تأييد للشيخ حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله.
الذنيبات اعتبر في مقاله، الذي تبنى فيه موقف تيار المستقبل في لبنان، وانتقد ما اسماه “تخلي الجيش (اللبناني) عن دوره في حفظ أمن الدولة وسلامتها”، إن “ما يدور في لبنان هو احتراب على السلطة والسيادة والشرعية في آن واحد”، قبل أن يوجه انتقاداته للموقعين على الرسالة الموجهة لنصر الله قائلا “كان على نخبنا السياسية أن تقف الموقف المتوازن والعادل. فنحن مع المقاومة ومع حزب الله عندما يمارس دوره في مقاومة العدو الاسرائيلي وحماية التراب اللبناني، ولسنا معه في تخريب لبنان وقتل مواطنيه وسحب سيادته وامنه واستقراره”. ثم قال “قد أكون مخالفاً لهذه القوى في هذا الطرح، وبخاصة أن بعضاً ممن وقعوا على هذا البيان من المحسوبين على التيار الإسلامي الذي
اعتقد انهم وقعوا بصفتهم الفردية، ولم يعودوا لمؤسساتهم لاتخاذ موقف مؤسسي، وهذا ما تأكد لي بعد التحري والإستفسار، وقد كان موقفه محل استنكار واعتراض”.
اعتقد انهم وقعوا بصفتهم الفردية، ولم يعودوا لمؤسساتهم لاتخاذ موقف مؤسسي، وهذا ما تأكد لي بعد التحري والإستفسار، وقد كان موقفه محل استنكار واعتراض”.
وقد تحولت انتقادات الذنيبات لاحقا إلى لائحة اتهام ضد بني ارشيد بمفرده من بين خمسة اسلاميين وقعوا على الرسالة.
وللذنيبات موقف معارض لحزب الله لا يتردد بالتعبير عنه علانية، كما فعل أمس (الثلاثاء) في مقال آخر له في صحيفة “الغد” بعنوان “الإنتصار الكبير في صلح الدوحة”، شبه فيه “صلح الدوحة بـ “صلح الحديبية” قائلا “اخيرا توصل اطراف المعادلة اللبنانية، وبعد صراع دام اكثر من عشرين شهرا الى اتفاق وصفه المتحدثون والمشاركون في المؤتمر بأنه صيغة لا غالب ولا مغلوب ووصفه آخرون بصلح الدوحة، ولعلها اشارة إلى صلح الحديبية الذي كان بداية لفتح مكة زمن الرسول صلى الله عليه وسلم”. أي أن الذنيبات يحذر مواربة من أن يؤدي اتفاق الدوحة إلى تكريس انتصار وهيمنة حزب الله على لبنان..!
التبشير بالفتنة
ثالثا: بتاريخ 24 الجاري، اليوم الذي انعقد فيه اجتماع مجلس الشورى، شهد تحولا مهما في مهاجمة بني ارشيد، والإفصاح عن حرب داخلية تشتعل في صفوف الحركة الإسلامية، وذلك على نحو غير مسبوق. لقد تحول التسريب إلى تصريح ينشر عبر مقال لأحد اقطاب الخلاف.
فقد نشرت صحيفة “الغد” مقالا بقلم الدكتور رحيل الغرايبة، وهو أحد كتاب صحيفة “الرأي” الرسمية، لم يسبق له الكتابة في غيرها، تحت عنوان “سالم الفلاحات قائد يستحق الإنصاف” أسبغ على المراقب العام السابق للجماعة صفات وأوصاف بلغت حد تشبيهه بالخليفة عثمان بن عفان، والإمام علي بن أبي طالب مثل “قائد كبير، مديد القامة، عظيم الصمت، مثالي النزعة، يحب الاستقامة، تربى في محضن الدعوة منذ طفولته”..إلخ.
ثم فاجأ الغرايبة قراءه بالتحدث عن فتنة أطاحت بالفلاحات..!وقال “ضاق صدره (الفلاحات) بالتحدي الداخلي الذي يصل إلى حد الفتنة، من حيث تمزيق الصف، ونشر الإشاعات والأراجيف، ونقل الحقائق المبتورة، والتسريب إلى الصحافة بطريقة ظالمة، واصبحت الصحافة مصدر توجيه وتعبئة مغلوطة للصف والشباب، مما يزيد من حدة الشرخ وعمق الجرح، وايقاد النار تحت مرجل الفتنة”.
وختم الغرايبة مقاله قائلا “ان ما تم في صفوف الجماعة مؤخراً (فتنة) وقى الله الجماعة شرها، ولكنها يجب أن تبقى محلاً للعظة والدرس والتقويم، فقد أطيح بالشيخ سالم الفلاحات في ظل فتنة حقيقية، لها اسبابها وعواملها وبيئتها، التي ما تزال باقية، وربما تطل برأسها في أي وقت”.
متى يمكن أن تطل الفتنة برأسها..؟
تولى الإجابة على هذا السؤال الزميل محمد أبو رمان من خلال تحليل سياسي نشر في ذات العدد بعنوان “أزمة إخوانية عميقة تنضج على نار هادئة!” توقع فيه استنادا إلى مقال الغرايبة، حدوث ذلك “خلال الأيام وربما الساعات القادمة”..!
وبرر توقعه حدوث ذلك بعاملين اساسين:
الأول: إيذان توقيع بني ارشيد على الرسالة الموجهة لنصر الله “بعودة الإحتكاك بين جناحي الجماعة الحمائم والوسط من جهة، والصقور والتيار الرابع من جهة أخرى”. وأشار إلى أن التيار الرابع مدعوم من حركة “حماس”.
الثاني: “عدم قدرة النخبة الإخوانية تجاوز جروح المرحلة السابقة التي شهدت اشتباكاً داخلياً غير مسبوق وتسريبات اعلامية تجاوزت كافة الخطوط الإخوانية الحمراء، بخاصة ما تضمنته من اتهامات للمراقب السابق الفلاحات وقيادات الحمائم”، واعتبر أن هذا هو “السبب الرئيس الكامن وراء اشتعال الأزمة الداخلية من جديد”.
تسريبات المعتدلين
استند أبو رمان في تحليله إلى مقال الغرايبة، وتسريبات من داخل صفوف تيار الحمائم والوسط، أدانت تسريبات مفترضة من قبل تحالف التيارين الآخرين، وتضمن تحليله تسريبات أخرى مثل:
أن الدكتور سليمان البدور، المعين من قبل الحكومة رئيسا للجنة ادارة جمعية المركز الإسلامي الخيرية، طلب من مراد العضايلة عضو الجمعية، وعضو المكتب التنفيذي للجماعة الإختيار بين عضويته في الجمعية أو في المكتب التنفيذي للجماعة، ولاحظ الكاتب أن هذا الطلب لم يطرح على آخرين يجمعون بين العضويتين، واستخلص مما سبق على لسان مصادر لم يحددها، أنّ ذلك “يعكس سياسة حكومية لتفجير الصراع داخل الجماعة”.
أن همام سعيد، المراقب العام الجديد للجماعة، وهو من اقطاب الصقور، قرر محاكمة بني ارشيد أمام محكمة اخوانية لتوقيعه الرسالة الموجهة لنصر الله، وهو ما تأكد عدم صحته.
وأورد اسماء اعضاء المحكمة وهم “داوود قوجق، شرف القضاة، محمود عويضة، مصطفى نصرالله وأحمد أبو سعيد”. وأضاف إن المحكمة العليا داخل الجماعة تتشكل بدورها من حسان ذنيبات، محمد القضاة، محمد الزيود، محمود ناطور، خالد شريف، أحمد صياح ومحمود أبو قورة. وللمفارقة، فإن اسماء اعضاء المحكمتين التي يفترض أن تكون سرية بالمطلق كعادة الحركة الإسلامية، اضطر مجلس الشورى إلى اعلانها في بيانه الختامي، ما دامت قد نشرت في وسائل الإعلام..!
حدوث خلافات بين همام سعيد واقطاب التيار الرابع بسبب ما ساماه خضوع المراقب العام الجديد لابتزاز تياري الحمائم والوسط، وترشيحه اغلبية منهم في المكتب التنفيذي.
في ضوء هذه المقدمات، لم يكن هناك مفاجأة فيما شهده اجتماع مجلس شورى الحزب، بل إن اعضاء المجلس تبادلوا الإتصالات الهاتفية وهم في طريقهم لمقر الحزب لحضور الإجتماع. وكان السؤال الذي يطرح في هذه الإتصالات “هل قرأت مقال رحيل..؟”.
اعفاء بني ارشيد أو الإستقالة
جدول اعمال الإجتاع كان روتينيا، مع أنه سبق تأجيل عقد دورة المجلس لمدة طويلة، إذ كان مفترضا عقدها بين أواخر شهر كانون أول/ديسمبر أو أوائل كانون ثاني/يناير الماضيين، غير أن المكتب التنفيذي بأغلبيته المشكلة من تحالف الحمائم والوسط قرر تأجيل انعقادها انتظارا لما سيحدث في انتخابات مجلس شورى الجماعة. وهو ما يعتبره الآخرون سببا واهيا.
البند الأول على جدول الأعمال كان جدول الأعمال نفسه، الذي يجب اقراره قبل أي شيئ آخر. ولذا فقد كان مندوبو وسائل الإعلام لا يزالوا موجودين حين رفع نبيل الكوفحي عضو المكتب التنفيذي للحزب يده يطلب اضافة بند على جدول الأعمال تحت عنوان ما يستجد من أعمال. وكان البند المقترح هو “بحث الخلافات داخل المكتب التنفيذي”. وقد وافق عليه المجلس بالإجماع، وإن لأسباب متباينة.
الكوفحي، بعد تحول الجلسة إلى السرية، برر طلبه ادراج هذا البند بحضور الصحافة بالقول إنه كان مضطرا لفعل ذلك، لأنه حينما يغادرون يكون جدول الأعمال قد أقر فعلا، ولا يجوز تعديله.
وبدوره اقترح المهندس علي أبو السكر بعد تحول الجلسة إلى السرية مناقشة تأخير عقد مجلس الشورى ومحاسبة رئاسة المجلس عن هذا، فلم يقر اقتراحه. كما اقترح حل المكتب التنفيذي في خضم النقاش الذي دار بين الكوفحي وبني ارشيد.
أول المتحدثين في الجلسة السرية للمجلس كان الكوفحي، الذي تقدم باقتراحه الحقيقي قائلا إنه يطلب اعفاء زكي بني ارشيد من موقعه امينا عاما للحزب، وفي حالة عدم الموافقة، فإنه واعضاء المكتب التنفيذي سيقدمون استقالة جماعية من المكتب..!
ويشغل التحالف المشار إليه جميع اعضاء المكتب باستثناء بني ارشيد وأحمد الزرقان.
هذا التخيير يشابه التكتيك الذي سبق لتحالف الحمائم ـ الوسط أن استخدمه مع همام سعيد المراقب العام الجديد، حين خيروه بين البقاء خارج المكتب التنفيذي، أو الحصول على الأغلبية فيه، فاستجاب لهم..!
اتهامات الكوفحي
وبرر الكوفحي طلبه بتوجيه جملة اتهامات لبني ارشيد منها:
عدم عمله على دعم قائمة الحزب المرشحة للإنتخابات البرلمانية الأخيرة في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي.
تخلفه عن المؤتمر الصحفي الذي عقد للإعلان عن القائمة، وكان مقررا عقده برئاسته.
اطلاقه تصريحات استفزازية للحكومة على نحو يعرض علاقة الحزب بالحكومة للتردي.
توقيعه على الرسالة الموجهة لنصر الله.
مصادر تشير لـ “الوطن” هنا أن هناك كتلة تعمل على شكل مؤامرة لتنحية بني ارشيد ارضاء للحكومة، وتدلل على ذلك بالتساءل كيف يعملون على ادانة بني ارشيد على أمر أقدم عليه محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين، الذي أعلن تأييده لحزب الله ونصر الله في مواجهة حلفاء اميركا في لبنان، كما يتساءلون ما الذي جعل خصوم بني ارشيد يعترضون على توقيعه على الرسالة الموجهة لنصر الله، دون أن يعترضوا على توقيع رموز آخرين في الحركة الإسلامية على ذات الرسالة منهم الشيخ حمزة منصور رئيس مجلس الشورى، عزام الهنيدي، سعود أبو محفوظ، وعلي أبو السكر..؟!
وتخلص المصادر إلى أن تصعيد الحملة على بني ارشيد يأتي الآن بالتزامن مع اطاحة سالم الفلاحات، وكلمة “اطاحة” هي التي استخدمها الغرايبة في مقاله.
وتضيف المصادر أن حلفاء الفلاحات يريدون اطاحة بني ارشيد مقابل اطاحة الفلاحات، ولا يتقبلون أن يطاح بالفلاحات، وبقاء بني ارشيد رغم كل الجهود التي بذلها الفلاحات لإطاحته، قبل أن يطاح به هو..!
ويشير بعض المصادر إلى أن ما ساء حلفاء الفلاحات هو أنه غادر موقعه مهزوما جراء اخفاقه بالبقاء في موقعه مراقبا عاما للجماعة. ويعتبرون أن معارضة عبد المجيد الذنيبات المراقب العام الأسبق لهمام سعيد المراقب العام الحالي، وبني ارشيد ليست انتصارا للفلاحات، وإنما انتصارا لنفسه، وإنه عمل على خلط اوراقه بأوراق الفلاحات وأنصاره مرحليا.
كيف..؟
يجيبونك بأن الذنيبات تراجع عن ترشيح نفسه لموقع المراقب العام سنة 2006 حين تم ابلاغه من قبل رموز تحالف تياري الحمائم والوسط بأن لا يفعل ذلك، لأنهم قرروا ترشيح الفلاحات. وهو يبطن الآن سعادة لفشل الفلاحات، ويسعده فشل همام سعيد، كي يستعيد فرصة العودة للموقع، ما دام هو الوحيد من بينهم الذي لم يفشل في الإنتخابات، ولم تحدث في عهده اشكالات، ولم تتفجر أزمات داخلية، وكان مسيطرا على الوضع.
رد بني ارشيد
المهم، زكي بني ارشيد رد على الكوفحي بمطالبة اعضاء مجلس الشورى بقراءة مقالات صحيفة “الغد”، ومن بينها مقال رحيل الغرايبة، وتحليل محمد أبو رمان، وقال لهم احكموا علي في ضوء هذه الكتابات..!
وتحدى أن يكون خالف أي من قرارات المكتب التنفيذي، وقال هاتوني بقرار واحد خالفته، مما أتهم بمخالفته من قرارات.
أما فيما يتعلق بعدم مشاركته في الترويج لمرشحي الحزب في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، فقال إن الأمر مطروح الآن أمام المحكمة الداخلية، ولا يجوز مناقشته خارج المحكمة. واضاف إن المحكمة هي التي تحدد في نهاية المطاف إن كنت ارتكبت مخالفة بهذا الخصوص أم لا.
وفيما يتعلق برسالة التأييد الموجهة لنصر الله وضح بني ارشيد أن معد هذه الرسالة هو الدكتور هاني الخصاونة، الذي تولى الإتصال وجمع التوقيعات عليها، وهو من اقطاب المعارضة المستقلة، ووزير سابق. وأضاف إن الخصاونة إتصل به وعرض عليه المحاور الرئيسة للرسالة، دون أن يقرأها عليه، فوافق على اضافة توقيعه عليها، وسأل الحضور هل أنتم ضد محاور الرسالة، فأجابوا بالنفي. فواصل قائلا إنه هو الآخر يعترض على صياغة الرسالة مثلهم.
وختم بني ارشيد مؤكدا أنه لم يخرج أبدا عن سياسات وقرارات وثوابت الحركة الإسلامية، مؤكدا التزامه بها.
وعندما فتح الباب أمام من يريد التقدم بمداخلات حول هذا الموضوع، سجل معظم اعضاء المجلس اسماءهم. وهنا خشي الدكتور عبد اللطيف عربيات، الذي يحظى باحترام الجميع، أن يتحول الإجتماع إلى حالة من الهرج والمرج، خاصة وأن النفوس معبأة، فاقترح تأجيل مناقشة هذه القضية إلى جلسة قريبة للمجلس. فوافق المجلس بالإجماع، وكذلك وافق على اقتراح تقدم به الكوفحي يقضي بعقد الجلسة المقبلة خلال شهر من تاريخه.
هل تعقد الجلسة الموعودة..؟
المصلحة العليا للحزب والحركة الإسلامية تكمن في عدم عقدها، كما تكاد تجمع الآراء، ويراهن أصحاب وجهة النظر هذه على حكمة الدكتور عربيات، وما يحظى به من احترام لدى الجيع، في أن تنجح جهود يتوقعون منه بذلها لاحتواء الخلاف، وهو الذي سبق أن قدم مثلا على التسامي فوق المسائل الشخصية، حين لم يعمل على عرقلة عمل، أو تفشيل بني ارشيد، بعد أن فاز عليه في الترشيح لموقع الأمين العام للحزب، الذي سبق لعربيات أن شغله وكان ثاني أمين عام للحزب منذ تأسيسه.