كشف مصدر دبلوماسي عربي بارز في المنامة أن الرئيس السوري بشار الأسد اتهم قيادة المملكة العربية السعودية بالتآمر على سوريا، وبالعمل لقلب نظام الحكم فيها. وأبلغ الأسد، بصفته رئيساً للقمة العربية، الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى رفضه تحويل المشكلة السعودية ــــ الإيرانية إلى مشكلة عربية ــــ إيرانية، داعياً إلى البدء بجهود خاصة لتعميم نموذج اتفاق الدوحة اللبناني والانتقال مباشرة إلى البحث في المصالحة الوطنية الفلسطينية. وقال المصدر لصحيفة الأخبار اللبنانية التي نقلت النبأ إن موسى الذي زار دمشق بعد مشاركته في جلسة انتخاب الرئيس ميشال سليمان في بيروت، عرض للرئيس السوري تفاصيل ما جرى في الدوحة، وأبلغه بأن اللجنة العربية تدرك أن دمشق أدّت دوراً محورياً في التوصل إلى الاتفاق، معرباً عن أمله في العمل على تنقية الأجواء في العلاقات العربية ــــ العربية.
وأوضح المصدر – حسب الصحيفة – أن الأمين العام للجامعة العربية سأل الأسد عمّا إذا كان رئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان سيزور دمشق قريباً، فرد الأسد بأن لا علم له بهذا الأمر، لافتاً انتباه ضيفه إلى أن سوريا عاتبة على القيادة المصرية. فقد سبق أن سأل الأسد شخصياً الرئيس المصري عن عدم زيارته دمشق، ورد الأخير بأنه ينوي القيام بها ولكن في ظروف أفضل، ليتبيّن لاحقاً أن الرئيس المصري لا يريد أن تنزعج منه السعودية إن هو زار سوريا. كما أبلغ الأسد موسى أن الرئيس المصري لم يؤدّ دوراً مساعداً في لمّ الشمل العربي، بل عمل حتى على عدم انعقاد القمة العربية في دمشق، وأنه زار البحرين وطلب من ملكها المساعدة على نقل مقر القمة إلى شرم الشيخ، ثم قرر خفض مستوى تمثيل مصر في القمة.
كذلك شرح الأسد لموسى وبإسهاب تفاصيل ما تقوم به القيادات الرئيسية في المملكة العربية السعودية ضد سوريا الدولة، وضد النظام فيها، عارضاً أمامه الوقائع عن مواقف واتصالات أجراها الملك عبد الله ووزير خارجيته سعود الفيصل ورئيس الاستخبارات مقرن ومسؤول الأمن القومي بندر بن سلطان، من أجل جر «الأجنبي الغربي» إلى غزو سوريا وضرب النظام فيها، أو التحضير لأعمال تهدد النظام العام وتهدف إلى قلب النظام في سوريا.
وقال المصدر الدبلوماسي إن موسى خرج من هذا اللقاء بانطباع عن صعوبة تطبيع قريب للعلاقات بين سوريا والسعودية، وسمع كلاماً حاداً من الأسد عند إثارة ملف العلاقات مع إيران. وحسب المصدر، فإن موسى اقترح على الأسد، بصفته رئيساً للقمة، أن يوافق على تأليف لجنة تعمل على حوار عربي ــــ إيراني لمعالجة ما سمّاه موسى المشكلات القائمة حالياً. وحسب المصدر، فإن الأسد رد رافضاً الفكرة، قائلاً: «تريدون تأليف لجنة حوار بين العرب وإيران، وهذا يعني أن هناك مشكلة عربية ــــ إيرانية، فهل تقول لي ما هي مشكلة المغرب أو الجزائر أو مشكلتك أنت كمواطن مصري مع إيران؟ ومن قال لكم إن هناك مشكلة لبنانية أو سورية أو فلسطينية مع إيران؟ نعم هناك مشكلة للسعودية مع إيران، وهي ناتجة من قول السعودية إنها تعاني من موجة تشييع مفترضة، وهي ليست صحيحة. وبالتالي، فلتذهب السعودية وتعالج مشكلتها هي مع إيران، ولكن لن أقبل بأن يجري تحميل العرب كافة مسؤولية السياسة السعودية، لأن لا وجود لمشكلة عربية ــــ إيرانية».
إلا أن الأسد ــــ يضيف المصدر الدبلوماسي العربي ــــ قال لموسى إن المطلوب الآن معالجة ما هو قائم من مشكلات حقيقية. وها نحن جميعاً أمام مشكلة قائمة وخطيرة، وهي التي تتصل بالخلافات القائمة بين حركة فتح وحركة حماس في المناطق الفلسطينية. وعلينا أن نستفيد من تجربة اتفاق الدوحة للعمل بقوة على تحقيق اتفاق بين الفلسطينيين الذين يحتاجون منا اليوم إلى كل دعم، حيث الحصار المفروض عليهم من جانب العدو، وحيث العرب لا يقدّمون لهم أي دعم، وهم الذين يحتاجون إلى الطعام والدواء قبل أي شيء آخر».
وقال المصدر إن الأسد حيّا جهود موسى والجامعة العربية في إنجاح اتفاق الدوحة. وكرر استعداد سوريا للمساعدة على حسن تنفيذ هذا الاتفاق وعلى القيام بما يلزم لتحقيق اتفاق فلسطيني ــــ فلسطيني.