فى لقاء تليفزيونى عبر فضائية الشبكة العربية للأخبار إل ann جمعنى مع الزميل الكاتب الأردنى جهاد المومنى والذى أثار المخاوف من العودة بالقضية الفلسطينية إلى الخيار ألأردنى والمصرى من خلال ما يعرف بالخيارالكونفدرالى أو الفيدرالى ، قبل إكتمال قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء ألإحتلال الإسرائيلى ، وبلورة الحدود السياسية للدولة الفلسطينية ، .وفى الواقع تثير هذه الأطروحات العديد من التساؤلات المشروعة التى أشاطر الكاتب فى مخاوفه لما قد تثيره من تداعيات سياسية سلبية على القضية الفلسطينية أولا وعلى مستقبل العلاقة مع كل من ألأردن ومصر . والتساؤل هنا الذى نثيره ونحاول أن نجيب عليه من خلال مقالتنا هذه : ما هى الدوافع التى تكمن وراء طرح هذه الخيارات وفى هذا التوقيت بالذات ؟ وما مصدرها ؟ ومن له مصلحة فيها ؟
لقد تشعب اللقاء الذى أداره بهدوءه وموضوعيته المعتاده الإعلامى ألأستاذ نهاد إسماعيل، وفيه تلاقت ألأفكار حول عدد من ألأمور أرى فى أهمية إستعراضها وأبراز ما يكمن ورائها من مخاوف : وأول هذه الأمور ، التأكيد على عمق العلاقات التاريخية والسياسية والجغرافية وألإجتماعية التى تربط كل من مصر وألأردن وما تمثلانه من عمق إستراتيجى لفلسطين ، لا يمكن للأخيرة أن تخرج إلى عالم الدول و البقاء والنماء الذاتى دون أن يكون هناك شكلا من أشكال العلاقات التكامليه والتنسيقيه بين هذه الأطراف الثلاث . فكل من مصر ,ألأردن تمثل الحاضنه السياسية لفلسطين ، فهذه الحقيقة التاريخية لا يمكن إنكارها وتجاهلها لا ألأن ولا فى المستقبل . وثانيا : أهمية الربط بين هذه الخيارات وتراجع القدرة الدولية وخصوصا الولايات المتحده فى إيجاد حل للقضية الفلسطينية حتى فى إمكانية قيام دولة فلسطينية تتجاوز حدود الرؤية والوعد للرئيس بوش . فالهدف من هذه الخيارات لا يعنى التسليم والتأكيد على عمق العلاقات بين فلسطين وعمقها المصرى وألأردنى ، والعربى عموما ، بقدر ما يعنى التخلص من عببء القضية الفلسطينية والمسؤولية الدولية سواء فى قيامها أو إيجاد حل لها . إذن هوالفشل وعدم القدرة على فرض خيارات أخرى تتوائم مع الطموحات الفلسطينية المشروعة فى قيام الدولة الفلسطسنسة وحل لمشكلة اللأجئيين الفلسطينيين ، والقدس والمياه والمستوطنات والحدود ، وغيرها من القضايا التى يمس حلها وجود إسرائيل السياسى وألأيدولوجى الذى قامت عليه .
وثالثا ، أنه من خلال هذا الطرح يمكن تسوية كل القضايا الرئيسه التى أشرنا إليها ، كقضية اللاجئييين الفلسطينيين وإمكانية توطينهم حيث يتواجدون وخصوصا فى ألأردن وسوريا ولبنان ومصر وغيرها من الدول . وأ لأمر ذاته بالنسبة لقضية القدس ، لأنه فى هذه الحالة لن تكون هناك حاجة سياسيه للقدس كعاصمه ، وتبقى حاجتها الدينية التى يمكن حلها والتوفق حولها , ولن تكون هناك حاجة لترسيم الحدود من جديد فالحدود مرسمه مع كل من مصر وألأردن ، وليس بالضرورة أن يتم ألإنسحاب من كل ألأراضى التى تحتلها إسرائيل ، مما يعنى بقاء المستوطنات وإمتداد الحدود ألأمنية لإسرائيل .
أما ألأمر الرابع : أن هذا الطرح يعنى إلغاءا للشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية ، ولمسيرة بناء سياسى فلسطينية طويله ، وألأخطر فى هذا الطرح هو تذويب ليس فقط للقضية الفلسطينية ، بل للشخصية الفلسطينية فى ظل عملية توطين أوسع وأشمل من توطين اللاجئيين الفلسطينيين . وخامسا : أن الكونفدرالية أو الفيدرالية ، يتطلب تماثلا فى الوحدات السياسية المكونه ، لسبب رئيس وهام جدا ، وهو أنه وعلى الرغم من أهمية قيام هذه الإتحادات وحتميتها سياسيا وجغرافيا ، إلا أن الوحدات المكونة لها تظل تحتفظ بقدر ليس قليلا من شخصيتها الدولية وسلطاتها وصلاحياتها الداخلية . وألأخطر من ذلك الحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية التى تتعارض فى جوهرها ومضامينها السياسية مع جوهر فكرة قيام إسرائيل كدولة .
وسادسا : الحيلولة دون تطور المؤسسات السياسية الفلسطينية إلى دولة كامله ومستقله ، وحتى مع قيام الدولة فليس المسموح لها أن تنمو وتكبر وتطور لأن وجودها سيشكل حاجزا بشريا ومانعا طبيعيا لتطور إسرائيل وإستمرار بقائها ، فالهدف النهائى هو إستيعاب الدولة الفلسطينية مع إحتمال قيامها فى كيانات سياسية وإقتصاديه أكبر .
هذه الملاحظات الست هامه ونحن بصدد تحليل وفهم أبعاد هذه الخيارات الإقليمية المطروحة من منظور أحادى . وبالمقابل لخيار الكونفدرالية والفيدرالية منظور آخر يعكس المصلحة القومية وبما يقود إلى إنهاء ألإحتلال الإسرائيلى وقيام الدولة الفلسطينية الحقيقية ، وفى هذا السياق تكون المسؤولية مزدوجه ، فلسطينيا فى أن يضع الفلسطينيون حدا لحالة الإنقسام والتشرذم السياسى وأن يحرروا أنفسهم من سياسات المحاور والأحلاف ، وأن يعيدوا القضية إلى عمقها العربى والإسلامى الصحيح ، وعربيا الإصرار على دعم الموقف التفاوضى الفلسطينى والمساهمه الإيجابية فى إنهاء حالة الإنقسام الفلسطينى ، وعلى عدم توفير غطاء عربى لأى تسوية سياسية لا تلب الحد ألأدنى من طموحات الشعب الفلسطينى , كما جاء ذلك فى خطاب الرئيس محمد حسنى مبارك فى منتدى ديفوس الإقتصادى الذى عقد أخيرا فى شرم الشيخ ، وفى التصريحات المتعدده التى أكدها الملك عبدالله الثانى
والتى تحذر من هذه الأطروحات ورفضها فى سياقاتها السياسية التى تطرح فيها لما تضمنه من تداعيات سياسية سلبيه ليس فقط على الشعب الفلسطينى بل على الوضع السياسى المصرى والأردنى ومن هنا يأتى عدم القبول بها على المستوى الرسمى والنخبوى . هذه الخيارات تطلب عملا فلسطينيا مصريا أردنيا عربيا متكاملا وعودة للقضية الفلسطينية إلى بعدها العربى والدولى الحقيقى الذى يعنى إحياء للمرجعيات الدولية وإلى مسؤولية المجتمع الدولى فى نشأة القضية الفلسطينية ومسؤليته فى حلها ، وهذا لن يتأتى إلا إذا توفر للقضية الفلسطينية سياقا فلسطينيا وعربيا قويا . عندها يكون لخيار الكونفدرالبة والفيدرالية مغزاه القومى.
والتى تحذر من هذه الأطروحات ورفضها فى سياقاتها السياسية التى تطرح فيها لما تضمنه من تداعيات سياسية سلبيه ليس فقط على الشعب الفلسطينى بل على الوضع السياسى المصرى والأردنى ومن هنا يأتى عدم القبول بها على المستوى الرسمى والنخبوى . هذه الخيارات تطلب عملا فلسطينيا مصريا أردنيا عربيا متكاملا وعودة للقضية الفلسطينية إلى بعدها العربى والدولى الحقيقى الذى يعنى إحياء للمرجعيات الدولية وإلى مسؤولية المجتمع الدولى فى نشأة القضية الفلسطينية ومسؤليته فى حلها ، وهذا لن يتأتى إلا إذا توفر للقضية الفلسطينية سياقا فلسطينيا وعربيا قويا . عندها يكون لخيار الكونفدرالبة والفيدرالية مغزاه القومى.
دكتور /ناجى صادق شراب /أستاذ العلوم السياسية /غزه