يكشف صحفي أميركي تفاصيل جريمة ارتكبتها قوات المارينز في حرب الفلوجة سنة 2004 لم تكن معروفة من قبل حيث تعمد الجنود الأميركان منع الأطفال من تسليم أنفسهم أو الهرب من المدينة ومواجهة مصير الموت، بقرار من إدارة بوش التي أمرت بتحول الفلوجة الى تراب بعد مقتل 4 مرتزقة وتعذيبهم من قبل متمردين كانوا يهيمنون على المدينة.
ويصف (ديفيد ليندورف) الصحفي الأميركي ومؤلف كتاب (حالة اتهام بالخيانة) الصادر سنة 2006 ما يسمّيها حرب بوش ضد أطفال العراق، بأنها “أسوأ جريمة حرب لحد الآن”.
ويقول في موقع شبكة كاونتربنج الأميركية على الإنترنت: بالتأكيد لم يعمل الرئيس (بوش) أي شيء في خلال فترتيه الرئاسيتين التعستين بالمكتب الأبيض، سوى غزو العراق وتدميره، والانقلاب على خمسة قرون من التقاليد الموروثة والمثل القضائية، وأيضا تفويض التعذيب الجسدي والتشجيع عليه، وحملته في التجسس الداخلي في الولايات المتحدة، ولا شيء من كل هذا يمكن أن يقارن مع مصادقته القبيحة والشنيعة كقائد عام للقوات المسلحة على سجن أكثر من 2500 من أطفال العراق.
وطبقاً لأرقام خاصة بالحكومة الأميركية –يقول الكاتب- فإن القوات الأميركية اعتقلت أطفالاً لا يتجاوز عمرهم الـ 17 سنة منذ أن شرعت في حربها بأفغانستان سنة 2001 وتعتبرهم “أعداء”، وعلى الأغلب يسجن هؤلاء الأطفال لمدة سنة وبعض الأحيان لمدة 5 سنوات. وفي الأقل 8 منهم وبعمر 10 سنوات جرى سجنهم في غوانتينامو.
وأوضح (ليندورف) أن هؤلاء الأطفال كانوا محتجزين لكثرتهم في سجن خاص بهم يسمى (معسكر إيغوانا). وأقدم أحد هؤلاء الأطفال على الانتحار في سن 21 سنة أي بعد أن أمضى خمس سنوات من الحجز في غوانتينامو.
ولسخرية القدر وسوء حظ ذلك الشاب الذي سجن طفلاً مراهقاً، والذي انتحر ليكون في عداد ضحايا السياسة الإجرامية للرئيس الأميركي على الرغم من أن البنتاغون “وزارة الدفاع الأميركية” توصلت قبل أسبوعين من إقدامه على الانتحار أنه “بريء”، لكنْ لا أحد اهتم بإبلاغه أنه من المتوقع إطلاق سراحه وإعادته الى بيت أهله في أفغانستان.
ويؤكد الكاتب الصحفي الأميركي (ديفيد ليندورف) قائلاً: أجد نفسي مجبراً على القول إن سلوك (بوش) إجرامي بموجب بنود اتفاقيات جنيف لسنة 1949 الموقعة من قبل الولايات المتحدة والمتبناة من قبلها والمدمجة مع القوانين المحلية الأميركية. ويضيف: وبموجب سيادة الدستور فإن الأطفال تحت سن الـ 15 سنة يصنفون كـ “أشخاص محميين” حتى إذا جرى أسرهم وهم يقاتلون ضد القوات الأميركية، لأنهم يعدون ضحايا، وليسوا أسرى حرب. وفي سنة 2002، وقعت إدارة (بوش) على نسخة محدَّثة من تلك المعاهدة رفعت عمر “الأشخاص المحميين” الى ما تحت 18 سنة.
وخاصة في حربه في العراق، فإنّ هذه القوانين والمعاهدات –كما يقول الكاتب- لا تعني شيئاً بالنسبة للرئيس الأميركي (جورج دبليو بوش)، ولا بالنسبة لنائبه (ديك تشيني) أو لبقية “الجوقة الإجرامية” في إدارة (بوش)، ولكنها بالتأكيد تعني أشياء وأشياء بالنسبة لبقية الشعب الأميركي.
ولكنّ أسر الأطفال وسجنهم ليس الحالة الأسوأ في حرب (بوش) وجرائمها، خاصة عندما يقارن ذلك بسوء معاملة الأطفال. ويضيف (ليندورف) قوله: تحت قيادة (بوش) كقائد عام للقوات المسلحة الأميركية، فإن الجيش الأميركي في العراق وفي أفغانستان، يعتبر أي طفل من الذكور بعمر 14 سنة أو أكبر مقاتلاً محتملاً وعدواً للولايات المتحدة. ولهذا فهم يعاملون كإرهابيين، حيث يرميهم الجنود حتى القتل، كما أنهم يخضعون لعمليات تعذيب قاسية جداً في السجون ومعتقلات الحجز.
ويقول الكاتب: خلال هجوم 2004 الذي نفذته قوات المارينز في مدينة الفلوجة غربي العراق، حدثت أمور أسوأ من كل ما تقدم، فقد ذكر (ديكستير فلكنز) مراسل صحيفة النيويورك تايمز أن السبب الرئيس لغزو هذه المدينة المنكوبة، التي طوّقت بـ 20 ألف جندي مارينز، بناء على قرار خاص من البيت الأبيض بمسحها من الخارطة، لأنها أوت مجموعة من المتمردين، وأغضبت الجمهور الأميركي بأسر أربعة من المرتزقة العاملين في القوات الأميركية وقتلهم وتمزيق أجسادهم.
إن سكان المدينة البالغ عددهم 300 ألف حذروا بأن الحرب ضدهم ستكون شاملة. وسمح للأطفال والنساء وكبار السن بالهرب من المدينة والعبور من بعض نطاق الحصار الذي فرضته قوات المارينز. لكن (فلكنز) مراسل النيويورك تايمز قال إن الذكور احتجزوا، حيث اعتبرتهم القوات بسن الحرب وفي هذه الحالة جرى تأسيس قانون جديد في العراق باعتبار الأطفال من عمر 12 سنة فما فوق مقاتلين ويمنعون من ترك المدينة وأعيدوا الى داخل مدينة الفلوجة لينتظروا مصيرهم هناك. الأطفال الصغار كانوا يواجهون صرخات أمهاتهم، وهم يعادون مشياً على أقدامهم الى المدينة ليلقوا حتفهم.
وقال الصحفي الأميركي –الذي يتهم بوش بارتكاب مجازر وحشية ضد الأطفال العراقيين- إن هذه الحرب كانت “جريمة ثلاثية”، فأولاً: كانت حالة عقاب جماعي “وهي ممارسة معروفة لدى النازيين في الحرب العالمية الثانية” التي منعت بموجب اتفاقيات جنيف. ويضيف قوله: إن القوانين الدولية للحرب تضمن أيضا حق الاستسلام، ولهذا فإن أولئك الرجال والأولاد والأطفال الذين حاول مغادرة المدينة حتى لو كانوا مشتبه بهم على أنهم مقاتلين وأعداء، كان واجباً على قوات المارينز السماح لهم بالاستسلام ويمكن أن يعتقلوهم ويعاملوهم كأسرى حرب. والأمر الثالث أن الأولاد كانوا “أشخاصاً محميين” أي يجب أن يعاملوا بموجب القانون كضحايا حرب، وتتم حمايتهم من الأذى. لكن ما جرى هو أنهم عوملوا كأعداء، ودمروا.
وبسبب هذه الجرائم –يقول الكاتب- فإن الرئيس (جورج بوش) يجب أن يتهم من قبل الكونغرس ويحاكم كمجرم حرب. ولكن –يضيف ليندورف- بعد أن رأينا انكماش الكونغرس وتقصيره في ممارسة حقه في الدفاع عن الدستور، فأنا لا امتلك إلا القليل من الأمل أن يحدث ذلك. ولكني آمل بعد أن يترك (بوش) مكتبه ذات يوم قريب فإنّ رجال قضاء في بلدان أخرى –ربما في إسبانيا، أو كندا، أو ألمانيا- سوف يستعملون مبادئ العدالة الكونية لاتهام (بوش) بارتكاب جرائم حرب، ويجب أن يعتقل (بوش) إذا ما غادر البلاد كما اعتقل (بينوشيت) بقرار من قاض إسباني خلال زيارته الى المملكة المتحدة.
وبسبب سلوكه اللاإنساني، وسجنه الأطفال فإن هذا الرئيس –كما يقول الصحفي والمؤلف السياسي الأميركي ديفيد ليندورف- يجب أن يقف في ساحة المحكمة متهماً بارتكاب جرائم حرب.