قفز اسم القس الإنجيلي البارز جون هاجي مجددا مع إعلان المرشح الجمهوري جون ماكين رفضه لتصريحات صدرت عن هاجي وصف فيها الكنيسة الكاثوليكية بأنها “العاهرة الكبرى”، رغم دفاع ماكين عن هاجي، الذي يرأس واحدة من أبرز المنظمات المسيحية الداعمة لإسرائيل في أمريكا، داعيا إلى إعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه. فمن هو القس جون هاجي، وما هو مدى تأثير منظمته في الانتخابات الرئاسية وفي السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؟
جون هاجي هو أحد أبرز قيادات اليمين الديني الأمريكي، وهو قس إنجيلي في كنيسة كورنر ستون الأمريكية في سان أنتونيو بولاية تكساس الأمريكية.
لكن نفوذ وشهرة القس هاجي لا تنبع فقط من رئاسته لهذه الكنيسة، أو من رئاسته لـ”تلفزيون الإنجيلية العالمية”، لكنها مستمدة من تأسيسه ورئاسته لمنظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل”، وهي من أبرز المنظمات المسيحية الأمريكية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، والتي تتخذ موقفا متشددا بشأن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وتصف منظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل” نفسها بأنها منظمة صهيونية مسيحية، ويجذب مؤتمرها السنوي العشرات من أبرز السياسيين وصناع القرار وأعضاء الكونجرس في الولايات المتحدة.
وتضم كنيسة كورنرستون، التي يرأسها هاجي وتأسست في 1975، أكثر من 19 ألف عضو، كما تصل برامجه الدينية إلى ملايين المشاهدين، من خلال شركة “تلفزيون الإنجيلية العالمية”.
ورغم كونه رمزا بارزا بين الجمهوريين والإنجيليين المحافظين فإن هاجي اكتسب المزيد من الاهتمام في انتخابات الرئاسة الأمريكية بسبب دعمه للسيناتور جون ماكين.
فمثل الكثيرين من الأصوليين المسيحيين يعتبر هاجي أن عودة اليهود إلى “الأرض المقدسة” تنفيذا لنبوءة توراتية، وأن تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي هو بمثابة “عد تنازلي” يُنذر بقرب المجيء الثاني للمسيح في نهاية العالم، وهو ما عبر عنه هاجي في كتابه “العد التنازلي لأورشليم: تحذير للعالم” الصادر في 2006.
ويعتبر هاجي أن الدعم القوي الذي يقدمه الرئيس جورج دبليو بوش لإسرائيل “يحقق وصية توراتية بحماية الدولة اليهودية”، كما أنه يلعب “دورا محوريا في المجيء الثاني” للمسيح.
ومنذ تسعينيات القرن العشرين يعتبر المسيحيون الإنجيليون المؤمنون بسفر الرؤيا من أمثال هاجي أن الإسلام “دين زائف” يدعمه المسيخ الدجال في عصور نهاية العالم، وهو ما عبر عنه القس الإنجيلي المعروف رود بارسلي مؤخرا في تصريح أثار انتقادات واسعة اضطرت جون ماكين في النهاية إلى رفضها رغم احتياجه الشديد إلى دعم بارسلي في انتخابات الرئاسة.
وقد وجد اليمين المسيحي، الذي يُعد هاجي من رموزه في أمريكا، والمحافظون والمتشددون، وجدوا جميعا أنفسهم في تحالف قلق في ظل إدارة بوش، يروجون جميعا لحدوث مواجهة في الشرق الأوسط.
ففي مقابلة مع المذيع تيري جروس، في الراديو الوطني (ناشونال ببلك راديو)، قال هاجي إنه “لا مجال لحل وسط” مع “الإسلام المتطرف”. وعندما سأله جروس عن تعريفه لهذا “الإسلام المتطرف” كانت إجابة هاجي: “حسنا، الإسلام بشكل عام.. هؤلاء الذين يعيشون بالقرآن، ولديهم أمر روحي بقتل المسيحيين واليهود”.
وفي أوائل 2006 بدأ هاجي خطواته لتأسيس منظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل” للترويح لرؤيته للسياسة في الشرق الأوسط؛ حيث دعا هاجي في فبراير/شباط 2006 إلى تأسيس حركة واسعة لدعم إسرائيل، وهي الدعوة التي لباها أكثر من 400 من القيادات المسيحية ليتم تأسيس منظمة “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل”، المعروفة اختصارا باسم “كوفي”، والتي تقول إن هدفها هو توفير “تجمع قومي تستطيع من خلاله كل كنيسة مؤيدة لإسرائيل، أو منظمة كنسية، أو كهنوتية، أو شخص في أمريكا، يستطيع الكلام والتصرف بصوت واحد دعما لإسرائيل في الأمور المرتبطة بالقضايا الخاصة بالتوراة”.
وقد اكتسبت
المنظمة سريعا نفوذا واسعا لدى إدارة بوش؛ حيث قال الكاتب الصحفي الأمريكي ماكس بلومنثال في مقال له في 2006: “خلال الشهور الأخيرة عقد البيت الأبيض سلسلة من اللقاءات غير المعلنة عن السياسات في الشرق الأوسط مع قيادات مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل”.
المنظمة سريعا نفوذا واسعا لدى إدارة بوش؛ حيث قال الكاتب الصحفي الأمريكي ماكس بلومنثال في مقال له في 2006: “خلال الشهور الأخيرة عقد البيت الأبيض سلسلة من اللقاءات غير المعلنة عن السياسات في الشرق الأوسط مع قيادات مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل”.
وأضاف بلومنثال: “لقد أخبرني ديفيد بروج، الناشط في جماعات الضغط في واشنطن، أن ممثلي منظمة كوفي في اللقاءات ضغطوا على مسئولي البيت الأبيض لتبني موقف مواجهة أكبر تجاه إيران، ورفض مساعدة الفلسطينيين، وإطلاق يد إسرائيل مع تصعيدها لصراعها العسكري مع حزب الله”.
وقد أدت آراء هاجي بشأن الشرق الأوسط، وقدرته على تعبئة وحشد مشاعر أعداد كبيرة من المسحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، أدى هذا إلى تمتعه بعلاقة متميزة ودعم من العديد من رموز الصقور في السياسة الأمريكية، ومن بين أبرز هذه العلاقات علاقته بالسيناتور الجمهوري جون ماكين، الذي حصل على دعم هاجي في الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري والتي تمهد للانتخابات الرئاسية أواخر العام الجاري.
ففي المؤتمر الذي عقدته منظمة كوفي في يوليو/تموز 2007 فاجأ ماكين الحضور بزيارة مفاجئة وقال في كلمة له: “إن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ليست إستراتيجية فقط، رغم أنها مهمة، (لكن) الرابطة الأكثر عمقا بين بلدينا هي رابطة أخلاقية؛ فنحن ديمقراطيتان يتشكل ائتلافهما من قيمنا المشتركة”.
وأضاف ماكين: “أن تكون مؤيدا لأمريكا ومؤيدا لإسرائيل بفخر لا يعني وجود ولاءات متصارعة، إنه يتعلق بالدفاع عن مبادئنا التي يعتز بها البلدان، ولهذا السبب أنا أقف اليوم مسيحيا، مؤيد لأمريكا ومؤيد لإسرائيل بفخر، كما أعتقد أن الكثيرين منكم يفعل الشيء نفسه”.
وتتجاوز وجهات نظر هاجي قضايا الشرق الأوسط؛ حيث قال هاجي في تسجيل مصور واسع الانتشار إن الزعيم النازي أدولف هتلر أتم عمل “الكنيسة (الكاثوليكية) الرومانية” في قيامه بإراقة “دماء القديسين” الذي كانوا في الأغلب من اليهود، واصفا الكنيسة الكاثوليكية بـ”العاهرة الكبرى” وأنها “نظام لطائفة زائفة”.
لكن هاجي تراجع عن تصريحه هذا قائلا إنه أراد بتعبير “العاهرة الكبرى” “الكنيسة المرتدة، أي هؤلاء المسيحيين الذين يعتنقون نظام الطائفة الزائفة الخاص بكراهية اليهود ومعاداة السامية”.
وعندما سُئل جون ماكين رأيه في تصريحات هاجي، قال المرشح الرئاسي: “أنا أرفض بوضوح أية تصريحات معادية للسامية أو معادية للكاثوليكية أو عنصرية أو غيرها، وأدينها، وأدين هذه الكلمات التي من الواضح أن القس هاجي.. كتبها”.
لكنه استدرك قائلا إن هاجي قال “إن كلماته نُزعت من سياقها، ودافع عن موقفه، وأتمنى أن تعطوا له ربما فرصة للرد”.
ويبث هاجي حاليا برامجه التلفزيونية على ثمانية شبكات كبرى، و162 محطة تلفزيون مستقلة، و51 محطة إذاعية، تصل جميعها إلى أكثر من 190 دولة في العالم، بحسب سيرته الذاتية على موقع منظمته على الإنترنت.
كل الحقوق محفوظة وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك© (2007). www.AmericaInArabic.com
يحظر النشر أو البث أو البيع كليا أو جزئيا بدون موافقة مسبقة. هذا المقال محمي بقوانين حقوق النشر الأمريكية. للاشتراك اكتب إلى [email protected]