في ظل التخبط الذي تشهده الساحة السياسية الفلسطينية و الذي قادنا الى حالة من التخبط الفكري و الاجتماعي.. ياتي السؤال: اين دور الاحزاب السياسية الفلسطينية في بناء مجتمع مدني ديمقراطي تقدمي , و دورها في تعزيز السلم الاهلي و تقبل الاخر المختلف؟
و لماذا تراجعت الاحزاب السياسية الفلسطينية في تأدية دورها الاجتماعي بعدما كانت طليعية في تشكيل الذات الفلسطينية و انتاج الافكار التقدمية و تصدير الفكر التحرري الى باقي الشعوب التي تناضل في سبيل الحرية؟
و هل باتت الاحزاب الفلسطينية تعاني من جمود فكري و عدم القدرة على التماشي مع الواقع الاقليمي و الدولي بما يخدم القضية بشكل اكثر فاعلية؟
و هل تقدم هذه الاحزاب اجندة اجتماعية ديمقراطية تحترم الاخر و تعترف بحقة في الممارسة السياسية؟
وهل عملت هذه الاحزاب على خدمة الفرد و بناء شخصيته وطنيا و ثقافيا و فكريا..وهل هي قادرة على قيادة مجتمعنا الفلسطيني المنقسم على ذاته الى الاستقلال السياسي و الحرية الاجتماعية؟
وهل تتمتع هذه الاحزاب بقرار سياسي مستقل بعيد عن التبعية السياسية لاي من المعسكرلت الاقليمية او الدولية؟
ام ان الاحزاب السياسية الفلسطينية هي سببا رئيسيا لانقسام مجتمعنا على نفسه؟ و انها اسخدمت الفرد و القضية لخدمة مصالح القيادات السياسية ؟ وتناست في غوغائية التسابق على كرسي الحكم الهدفين الاساسيين لوجودها, و هما اولا: مقاومة الاحتلال و الاستقلال التام و قيام الدولة ذات السيادة ” دولة مؤسسات يحكمها القانون”.
و ثانيا: خلق مجتمع مدني ديمقراطي تقدمي يضمن حريات مواطنيه.
لهذا فنحن بحاجة لاعادة تفعيل دور الاحزاب السياسية في الاراضي الفلسطينية دون ان نتجاهل الازمات التي تعاني منها هذه الاحزاب يمينا و يسارا, اضافة الى الازمة السياسية العامة, فاليسار الفلسطيني و الذي كان طليعيا في خلق التوجه الفكري و الثقافي للمجتمع الفلسطيني نجده الان قد همش نفسه بعد اتفاق اوسلو و تأسيس السلطة الوطنية حيث لم يقوم اليسار بدوره كمعارضة حقيقية عن طريق طرح فكر تغييري و بدائل واقعية عما خو موجود و بعيدا عن الجمود الفكري و ضيق الافق و التنظير السياسي, و هنا ل يجب الاشارة الى التراجع العام في الفكر اليساري بعد انهيار الاتحاد السوفييتي و الاسئلة التي طرحها هذا الانهيار على فاعلية هذا الفكر.
اما التيار اليميني و المتمثل بالحركات الاسلامية فهي تعاني بشكل واضح من التبعية السياسية للمعسكر الايراني السوري, هذا بالاضافة الى الغموض في اجندتها الاجتماعية و تصورها للدولة التي نريد تأسيسها,
اما التيار الوسطي و المتمثل طبعا بحركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح و التي قادت النضال الفلسطيني على مدى اثنين و اربعون عاما و التي كانت اولى الحركات التحررية الفلسطينية المستقلة البعيدة عن التبعية لأي كان على الرغم من انها ذات بعد قومي عربي على اعتبار القضية الفلسطينية قضية عربية, هذه الحركة الرائدة عالميا بفكرها التحرري العلماني نجدها الان بعيدة عن طرحها الاساسي و نجد فجوة واضحة مابين مبادئها و ما بين ممارساتها.
لذلك فنحن كفلسطينيون بحاجة الى صوت وطني علماني مستقل عن الضغوطات الاقليمية و الدولية و ذات قيادة نظيفة بدماء شابة لقيادتنا نحو الدولة المستقلة ذات السيادة الكاملة و خلق مجتمع مدني قائم على فكرة المواطنة.