طارق ديلواني
كان الاحتفال الرسمي الأردني بعيد الاستقلال الثاني والستين فرصة مواتية
طارق ديلواني
كان الاحتفال الرسمي الأردني بعيد الاستقلال الثاني والستين فرصة مواتية ليظهر الرجل الأقوى في مؤسسة القصر باسم عوض لكل خصومه والمراهنين على إقصائه من منصبه انه بات أكثر قوة وتحكما في مفاصل صنع القرار الرسمي.
الرجل وعبر ترحيبه الحار وابتسامته العريضة احتل الأضواء أمام عدسات التلفزة وسيطر على المشهد تماما لدى استقباله ثلة من المهنئين بعيد الاستقلال بخلاف احد أهم منافسيه رئيس الوزراء نادر الذهبي.
وببساطة متناهية ومن دون مواربة كانت كلمات جلالة الملك عبد الله الثاني في خطابه المرتجل الذي وجهه بهذه المناسبة ودعا فيه الى عدم الالتفات للمزايدات وأصوات المشككين بالمسيرة الاقتصادية دعوة صريحة لكل من انتقد الرجل لكف لسانه عن الخوض في ثقة ملكية محسومة .
عوض الله يثبت مرة أخرى انه صاحب مناورات محسوبة ومدروسة وان خصومه وضعوا أنفسهم في مواجهة القصر حينما ترصدوا وتصيدوا له ..فمن يشكك بخيارات الملك يتجاوز خطا احمر ومن ينتقد مؤسسة القصر ينتقد بالضرورة راعي هذه المؤسسة .
قادم الأيام اذا لا يحمل في طياته الكثير من التداعيات باستثناء خيبة الأمل التي يجر أذيالها كل من اعتقدوا أن الصوت العالي دون حجة قد يؤتي ثماره فالسياسة الاقتصادية الحالية ستظل قائمة ومحاولة البعض ترسيخ نظرية المراجعة الداخلية والخارجية لسياسات الأردن لم تلق صدى رسميا رغم أن حبر الأقلام التي انبرت للتبشير بأردن جديد لم تجف بعد .
آن الأوان اذا لكل الذين راهنوا على نهاية حقبة عوض الله ان يتحسسوا رؤوسهم فالمرحلة المقبلة هي مرحلة تصفية حسابات وتصنيفات من مع ومن ضد؟ قد تكون باكورتها تغييرات إعلامية مرتقبة . اذ ان اغلب أزمات الأردن المتلاحقة تسببت بها أقلام موتورة وإعلام موجه يفتقر إلى الشفافية والموضوعية والتعاطي الجاد السليم مع قضايا الاردن الداخلية والخارجية على حد سواء.
وطوال اكثر من 40 عاما أصبحنا محط تندر الجميع فأطلقت بحقنا عدة مسميات، أقل ما توصف بأنها مسيئة ومهينة ومعيبة، من إعلام “الفزعة” إلى “كتاب التدخل السريع” إلى “الإعلام المرعوب”حتى ” السحيجة والهتيفة” . والهدف كان دائما وصف حالة الإعلام الأردني الرسمي، الذي لم ينطلق حتى اللحظة من عقاله، ولم يخرج من قمقم الرقابة المسبقة والارتهان. وتنفيذ الأجندات.
الحاصل أن هذا الإعلام الفوضوي والعبثي كان على الدوام السبب الحقيقي في أزمات الأردن الداخلية والخارجية، لارتباطه الوثيق بالآلة السياسية وأداة صنع القرار ولارتباطه أكثر بالعقلية الأمنية، وما بين هذا وذاك تبلور تيار إعلامي يؤمن إلى حد الاعتقاد بنظرية المؤامرة ضد هذا البلد وفي سعيه لصد هذه المؤامرات المزعومة نصبت أقلام هذا التيار نفسها رقيبة على عقول الأردنيين فأخذت ترغي وتزبد في كل ما يتعلق بمستقبل البلد ، فطلع علينا من يرسخ مفهوم الخيار الأردني
وليس ببعيد عن هذا التيار استمرأت بطانة من الصحفيين المتسلقين استعان بها وزراء وأصحاب قرار في مؤسسات الدولة الخداع والتضليل والتطبيل والتهويل .
الإعلام والإعلام وحده هو السبب الحقيقي في أزمات الأردن المتلاحقة بدءا من العلاقة مع حركة حماس، مرورا بالتوتر مع سوريا والردح السياسي لقطر وانتهاء بالحشد الطائفي قبل أيام على وقع الأزمة اللبنانية .
تعدد الولاءات الإعلامية دونما الولاء للوطن يجب ان ينتهي، والمعارك المفتعلة على صفحات الجرائد باسم الاردن والحرص على مصلحته آن لها ان تتوقف
&
#160;
#160;
صراع الأقلام الصحفية الأردنية هو صدى لصراع رجالات الحكم في الأردن، لكنه في الوقت ذاته صدى لسياسة إعلامية رسمية جرَت على البلد مخاطر سياسية واقتصادية، إقليمية ومحلية .