السيد رئيس المجلس التشريعي بالإنابة في غزة منشغل هذه الأيام بقضية الرئاسة ، إذ حذر في تصريحات صحفية يوم الثلاثاء 20-5 من إمكانية التلاعب بموعد الانتخابات الرئاسية وتأجيلها إلى موعد الانتخابات التشريعية بعد عام ، وقال: “مسألة الانتخابات الرئاسية استحقاق دستوري وقانوني لا بد من الوفاء به ” يا للعجب ! كأن الحياة في غزة على ما يرام ولم ينقص أهلها أي شيء ، والسيد رئيس المجلس التشريعي يريد أن يصبح رئيس دولة ولو لمدة ستين يوما .. لذلك هو يطالب بتنفيذ القانون .. أصبح يعد الأيام والليالي حتى يوم الثامن من كانون الثاني القادم ( يوم انتهاء المدة القانونية للرئيس محمود عباس ) فهو يطالب الرئيس محمود عباس في هذا اليوم بتقديم استقالته ليستلم رئيس المجلس التشريعي مكانه لمدة ستين يوما حتى تجرى انتخابات رئاسية …؟ وقد يحلم أيضا بأن يبقى زميله الرئيس الحقيقي للمجلس التشريعي معتقلا لبعد هذا التاريخ … يا سلام ! هذا هو ما يشغل بال رئيس المجلس التشريعي لدينا ..! له الحق هو وزملائه في المجلس التشريعي ! لأنهم لا يعانون من أزمة الوقود ، فكل شيء متوفر لديهم .. ورجال المقاومة أصبحت وظيفتهم تأمين السلامة لهم ولعوائلهم ، ويُضْرَب المواطن من قبلهم في طوابير الانتظار ليتسنى له الحصول على 6 كجم من الغاز يمكنها أن توفر له ولأسرته الحياة خمسة أيام قادمة.. هذا إن كان صاحب حظ بعدما يتلقى عدد من الهراوات .. ما هي وظيفة نواب المجلس التشريعي ؟ أين هم من أهلنا في غزة ؟ ألم يشاهدوا ما يجري ويدور ؟ أم أن فرحتهم بالشرف الكبير الذي فازوا به أعماهم عن مسئولياتهم ..؟ لم نر منهم أحد يقف مع الناس في طوابير الانتظار عند محطات تعبئة الغاز ، لم نسمع أحد منهم يفتي لنا كيف يمكننا أن نقتسم رغيف الخبز سواسية ، أسعار المواد الضرورية للحياة ترتفع بشكل صاروخي ولم نسمع رئيس المجلس التشريعي ومن معه أنهم يعقدون جلسة لمناقشة الأمر ؟؟ لم نسمع منهم أي سؤال عن مصير الغاز المكتشف في بحر غزة ؟ لم نسمع منهم أنهم طالبوا أشقائنا في مصر الذين أعلنوا أنهم لم يسمحوا بتجويع أهل غزة .. بأن غزة لا يوجد لدى أهلها ما يمكنهم من تحضير الطعام ؟ وأن الغاز المصري بدأ يتدفق بآلاف الأطنان لإسرائيل ..؟! فقط مؤخرا انعقد المجلس التشريعي في غزة ليقر قانونا يحمي المقاومة .. وهل شعبنا رفض ونبذ المقاومة ، وباتت هذه المقاومة مهددة من شعبنا حتى تحتاج لقانون يحميها ؟؟ من الذي يهدد المقاومة ..؟ ألم يخسر شعبنا ما لا يمكن حصره من الممتلكات ، بالإضافة لآلاف الشهداء والجرحى من أجل المقاومة ؟! ألم يوجد موادا وقوانينا تعاقب العملاء والخونة في دستورنا ، وسبق أن حوكم هؤلاء وأعدموا ..؟ أي منطق مقلوب يا نواب الشعب هذا الذي تمارسونه ؟! إسرائيل حاولت في السابق قطع الكهرباء عن غزة ، فهاجت البلاد وماجت لأن الكهرباء شريان مهم ،لكل مناحي الحياة واحتجت بعض الدول على إسرائيل فتراجعت عن استمرار قطع الكهرباء ، لكنها وجدت وسيلة ضغط أخرى أكثر أهمية وحيوية للمواطن الذي استغنى فترة كبيرة عن الكهرباء ؛ لكنه من الصعب جدا عليه الاستغناء عن الغاز خاصة أنه لا يوجد بديلا له كي يستطيع أن يصنع طعامه ، إذ من المعروف أن غزة لم يبق فيها شجرة يمكن أن يستخدمها حطبا للوقود بدلا من الغاز ، وأن الشجر الذي خلعته الجرافات الإسرائيلية قد استهلكته غزة فحما لنراجيلها .. و يؤكد ذلك أنه عندما انقطعت الكهرباء لم نشاهد طوابير المواطنين عند محطات تعبئة الكهرباء ..! كما هو حاصل الآن أمام بوابات محطات تعبئة الغاز وبشكل متواصل ، إذ يؤكد الكثيرون أنهم باتوا ثلاثة أيام بلياليها في انتظار تعبئة بضعة كيلوات من غاز الطبخ الذي لم يستغني عنه أحد ، ولم يستطيعوا الحصول على الغاز .! لم نشاهد فضائيات العالم النشيطة في غزة بتغطية هذه المعاناة وهذه القسوة التي لم يمر بها شعبنا في السابق .. لم يتساءل جهابذة الفضائيات عن غاز غزة الممنوح لشركة بريتش غاز أين يذهب ؟؟ إسرائيل ستجد كل مرة وسيلة كبيرة للضغط على الفلسطينيين ، فكما علمت أن غزة استخدمت زيت القلي بدلا من السولار ، فسوف تقلل كميات الزيت الموردة لغزة ، وبالطبع ارتفع سعر الزيت من 7 شيكل للتر الواحد ليصبح 9 شيكل أو أكثر ومرشح للزيادة ، وبالطبع هذا يؤثر كثيرا على المواطن وعلى المؤسسات الخيرية التي تقدم دعما للمواطن يحتوي على الزيت .. وهكذا كل تجربة تلحقها ضغطا جديدا ، والحكومة المسيطرة على غزة لا يعنيها المواطن كثيرا ، فالعديد من أصحاب القرار هم بالأصل تجارا ، أو على علاقة وطيدة بالتجار ويجنون أرباحا هائلة هذه الأيام مستغلين الظروف ، وأحيانا يصنعونها هم كي يقومون برفع الأسعار ، وهناك شواهد كثيرة ، فمثلا : أنواع الوقود متوفرة في السوق السوداء بأسعار خيالية ، وكذلك العديد من السلع الشحيحة هي محجوزة في مخازنهم خفية ؛ ليتسنى لهم بيعها كيفما يشاءون .. الشواهد كثيرة وما يقال هنا وهناك لا يصدق ، لكن الناس لا تختلق القصص … يا نواب غزة ! يا من شحذتم ألسنتكم من على منابر المساجد قبل الفوز ! لا يمكن لهذا المنطق الأعوج أن يسود .. وكما منحتكم الناس ثقتها بأنكم لن تتخلوا عنهم وستعملون على خدمتهم ليل نهار .. لماذا تهربون الآن من وجوههم ، أو أن الكثيرين هجروا من أمام منابركم ولا يريدون أن يستمعوا لوعودكم ، فالأمور انكشفت الآن ولم يعد أحد يصدقكم .. العمل السياسي ليس كما قصص التاريخ التي تحفظونها وترددونها بشكل دائم ..؟ وحاجات الناس ومتطلبات حياتهم العصرية ليست في الكتب التي حفظ
تموها .. الرياء السياسي والنفاق الاجتماعي لا يمكن أن يوطد الحكم ، والديماغوجية التي تمارسونها لا تعيد الوحدة لشعبنا ، اختلاق الروايات الكاذبة كمبررات لأخطائكم لم تعد مقنعة .. إلى متى يمكن أن تستمروا في سردها ..؟ نختم قولنا بما جاء في كتابه العزيز : ” أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ” صدق الله العظيم .( البقرة ـ 266 ) ( تأخرت هذه المقالة ثلاثة أيام متتالية لانقطاع الكهرباء عن شمال غزة ، بعد العملية الفدائية في معبر بيت حانون التي نفذت في خط الضغط العالي المغذي لها من إسرائيل ، ومازالت القوات الإسرائيلية تمنع طواقم الصيانة من إصلاح العطب وإعادة التيار الكهربائي لنا ..؟! ) السبت 25 أيار 2008
عــبد الكـــريم عليــان [email protected]