في الخامس والعشرين من مايو – أيار سنة 2002 تحرر جنوب لبنان من رجس الاحتلال الصهيوني لا بالمفاوضات وطاولة الحوار بل بقوة الارادة والحق والايمان والعزم والاصرار. بالتضحيات الجسام التي قدمتها المقاومة الوطنية والاسلامية في لبنان. فتحت أزيز الرصاص ودوي الصواريخ والمدافع وصرخات المقاومين وغاريد الأمهات والأخوات، كانت قوات الاحتلال تندحر من كافة مواقعها في جنوب الشهداء. تاركة خلفها العملاء يتخبطون ويستغيثون. فمنهم من سلم نفسه للمقاومة ومنهم من هرول مسرعاً ودون سلاح خلف دبابات وناقلات الصهاينة الهاربة من جحيم المقاومة. في ذلك اليوم ارتفعت اعلام لبنان وحزب الله والمقامة وفلسطين على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. والتقت العائلات الفلسطينية على خط التماس خلف الأسلاك الشائكة، فهتفت الحناجر لفلسطين ولبنان. وفي نفس اليوم تحرر أسرى معتقل الخيام، الذي حولته المقاومة فيما بعد الى متحف وطني. لكن العدوان دمره كلياً في حرب تموز سنة 2006.
في ذلك اليوم رفعت أعلام المقاومة الوطنية والاسلامية ورايات حزب الله وصور الشهداء والأسرى فوق مواقع المندحرين الصهاينة وعملائهم الصغار والكبار. فحضرت ارواح الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين والعرب والأممين الذين قاتلوا مع المقاومتين الفلسطينية واللبنانية في السنوات الطويلة من عمر الاحتلال في جنوب لبنان. وعبر السنوات الماضية حيث كافح وجاهد وناضل هؤلاء الأبطال لأجل عروبة لبنان ومن أجل دحر وسحل الاحتلال وتحرير الأراضي العربية من رجسه. فتحية لارواحهم الزكية الطاهرة التي ستظل تحلق في سماء الجنوب لتحرسه من العدوان. وتحية خاصة لمقاتلي المقاومة الاسلامية الذين سطروا الملاحم خلال سنوات الشموخ التي كانت محصلتها النهائية التحرير وهزيمة العدوان.
إن المقاومة التي سجلت انتصارا عربيا حقيقياً على المعتدين الصهاينة وأعادت الكرة مرة أخرى في عدوان تموز 2006 . لن تلتفت لاستطلاع الرأي الذي أجرته احدى الفضائيات العربية ونشرت نتائجه يوم الخميس الموافق 22-05-2008. وجاء فيه أن ” أكثر من 60 ألف شخص صوتوا حيث رأى نحو 70% منهم أن سلاح المقاومة في لبنان فقد مشروعيته بعد تورط حزب الله في أحداث لبنان الأخيرة”. إن سلاح المقاومة في لبنان هو الذي صان السيادة اللبنانية وحافظ عليها وحماها من العدوان الصهيوني… ولولا هذا السلاح لما كان هناك هيبة وسيادة للدولة، التي كانت الميليشيات المسلحة و الأحزاب والمنظمات الطائفية والمذهبية قد اقتسمتها وقسمتها لدويلات. سوف يسجل التاريخ لحزب الله أنه لم يتورط في الحرب الداخلية اللبنانية. وأن الأحداث التي جرت مؤخراً في لبنان أجبرت الحزب على دخولها في عملية محدودة لتأديب الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء فيا يخص أمن المقاومة وقياداتها وشبكة اتصالاتها الأمنية. وسيسجل التاريخ أيضاً للحزب قبوله للاتفاق الذي وقع في قطر. فبهذا القبول صان من جديد وحدة وسيادة لبنان. وأنقذه من حرب مذهبية وطائفية وسياسية كانت على وشك الوقوع والايقاع بهذا البلد الذي عانى الأمرين خلال سنوات الحرب الأهلية وفي زمن مقاومة الاحتلال حتى طرده ودحره عن الجنوب سنة 2002 . ثم هزيمته شر هزيمة في حرب تموز 2006.
في هذه الذكرى العظيمة تقف الأمة العربية وقفة عز وشموخ تحية وتقدير للمقاومة التي عاهدت شعبها على النصر فانتصرت. وعاهدت الشهداء على هزيمة العدوان فهزمته. وعاهدت أهل الحنوب على تحريرهم فحررتهم. وعاهدت الأسرى على اطلاق سراحهم فأطلقت سراح غالبيتهم الساحقة باستثناء الاسير القدوة سمير القنطار و كذلك نسيم نسر ويحيى سكاف. ومع دخول ثلاثة مقاتلين جدد من المقاومة سجون الصهاينة بعد عدوان تموز 2006 أصبحت قضيتهم أكثر الحاحاً. لذا فالمقاومة لم ولن تتخلى عنهم ولن تترك مصيرهم مجهولاً فهي على العهد باقية، ملتزمة بحريتهم وبمعرفة مصير المفقودين منهم. وسوف تعيدهم الى لبنان العربي الأبي محررين منتصرين سواء كانوا أحياء أم شهداء.
في الخامس والعشرين من ايار – مايو لترفع الأعلام ولترتفع عالياً احتفالاً بالنصر الكبير وفرحاً بعملية انقاذ لبنان من حرب الفتنة و تدخلات الأعداء. وتكريماً للشهداء الذين قضوا من أجل عروبة وحرية واستقلال وسيادة لبنان.
* مدير موقع الصفصاف الالكتروني من أوسلو : www.safsaf.org