بعد قرابة العامين من تجربته في مجال الإعلام السمعي البصري، “غير الموفقة” – بإجماع المراقبين- مع قناة “نسمة تي في”؛ يستعد المجمع التونسي في مجال الاتصال والإشهار “قروي أند قروي ورلد”، لبعث الروح فيها من جديد، بإبرامه عقد شراكة مع عملاقين عالميين في مجال الإنتاج السمعي والبصري والسينمائي.
أعلن مجمع “قروي أند قروي” عن إبرام شراكة مع مجمع “كوينتا” الذي يترأسه التونسي طارق بن عمار، ومجمع “ميدياسات” الإيطالي التابع لرئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكونيويترأسه فيدالي كونفالونياري، وتتمثل هذه الشراكة في فتح رأس مال قناة “نسمة تي في” لهذين الشريكين بنسبة 25% لكل منهما. في المقابل يحتفظ الأخوان نبيل وغازي قروي مؤسّسا “نسمة” بنسبة 50% من أسهم القناة.
25 مليون دولار..
وقال موقع “الجزيرة نت” إن المنتج السينمائي العالمي التونسي طارق بن عمار أكد أن المجمعين قاما بضخ 25 مليون دولار بالتساوي لرفع رأس مال المحطة، وبالإضافة إلى خمسين بالمائة الباقية فإن القناة باتت تستند على رأس مال ضخم لا يبتعد كثيرا عن رؤوس أموال كبريات القنوات العربية المتمركزة في الخليج، كقناة “الجزيرة” القطرية التي يقدر رأس مالها بمائة مليون دولار، وقناة “العربية” السعودية برأس مال يقدر بخمسين مليون دولار.
واستندا إلى هذا الرقم الكبير، ينتظر أن تكون “نسمة تي في” بحجم الفضائيات العربية التي تتنافس على جمهور المغرب العربي، كقناتي “أم بي سي” التابعة لرجل الأعمال السعودي الوليد بن ابراهيم، و”أل بي سي” اللبنانية، لكن المال وحده لا يكفي، خصوصا وأن المراقبين يؤكدون أن القناة تعمل دون استراتيجية وخطة إعلامية واضحة.
وكانت أوساط إعلامية تحدثت، العام الماضي، عن “صفقة تاريخية” بين القناة و”روبرت ميردوخ” صاحب أكبر إمبراطورية إعلامية في العالم، ومؤسس شركة “نيوز كورب روبرت ميردوخ” الشهيرة، وشنت حملة إعلامية ضدها بسبب “تعاملها مع مستثمر أسترالي من أصول يهودية يكره العرب”، الأمر الذي نفاه الأخوان قروي.
نجاح أم فشل؟
ولا يخفى على متتبعي الشأن الإعلامي أن تعامل وسائل الإعلام -الجزائرية على الخصوص- مع فضائية “نسمة تي في” كان مبنيا على المصلحة التامة، ففي الوقت الذي فعلت جريدة جزائرية كل ما بوسعها لتقول إن القناة تحقق نجاحا مذهلا لأنها كانت راعيا رسميا لأحد برامجها التلفزيونية، لم تتوان جريدة أخرى عن شن حملة شعواء ضدها لأنها لم تستفد من ريع القناة.
وعرفت “نسمة تي في”، وهي أول قناة فضائية موجهة إلى الجمهور المغاربي، تعثرا كبيرا منذ انطلاقتها في نوفمبر من العام 2006، العام الذي شهد أيضا إطلاق “ميدي1 سات” من المغرب كأول قناة إخبارية مغاربية، حيث لم تنجح الفضائية التونسية الخاصة في استقطاب المشاهدين في منطقة يقطن بها أزيد من تسعين مليون نسمة، ورغم أن مسؤولي القناة تحدثوا عن نسب مشاهدة عالية يقولون إن قناتهم استطاعت تحقيقها، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك.
ولم تضف القناة “المغاربية” أي جديد على الساحة الإعلامية المغاربية حتى لا نقول العربية، حيث اكتفت ببث الأغاني الغربية وبعض الأغاني المغاربية التي لا تعكس حقيقة الزخم الثقافي والفني للمنطقة، بالإضافة إلى المسلسلات المدبلجة، واستنساخ بعض البرامج العالمية كبرنامج “ستار أكاديمي” وتقديمها في نسخة مغاربية، في حين غابت الأخبار والحوارات والبرامج الاجتماعية والثقافية والسياسية عن المحطة.
بعيدا عن السياسة..
ولا يبدو أن هذه النوعية من البرامج ستكون موجودة في أجندة المحطة في المرحلة المقبلة، فقد أعلن بن عمار، رئيس مجمع “كوينتا”، أن البرمجة الفعلية للقناة التي ستنطلق في شهر رمضان المقبل، سترتكز في الأساس على البرامج والمنوعات الترفيهية والموسيقى، مؤكدا أن نشرات الأخبار لن تكون موجودة بها في الأمد القريب على الأقل، وكأن الغناء والرقص فقط هو ما يهم جمهور المغرب العربي.
ويبدو خوض القناة التونسية في أمور السياسة أمرا مستبعدا في بلد يعاني من ضيق هامش حرية التعبير، وضلت السلطة فيه تلاحق الأصوات المعارضة داخل البلاد وخارجها كما فعلت مع قناة “الزيتونة” للمعارض راشد الغنوشي، وقناة “المستقلة” التي أدخلتها إلى بيت الطاعة، وكلاهما تبثان برامجهما من الأراضي البريطانية.
أما الأخوان قروي، وككل مرة، فهما متفائلان، ويؤكدان أن قناة نسمة تطمح
لأن تكون قناة المغرب العربي الكبير، ولكن بعيدا عن السياسة، حيث تهدف في الأساس إلى النهوض بالثقافة الموسيقية وإحياء تراث منطقة المغرب العربي، وتصبو لأن تصبح جسرا يربط ضفتي المتوسط. ويعد الأخوان قروي ببرامج متنوعة موسيقية ورياضية وأخرى موجهة للأطفال ومسابقات ومنوعات، يقولان إن القناة بصدد إعدادها، وهي نفس الوعود التي قدماها عديد المرات من قبل دون أن يتحقق منها الشيء الكثير.
لأن تكون قناة المغرب العربي الكبير، ولكن بعيدا عن السياسة، حيث تهدف في الأساس إلى النهوض بالثقافة الموسيقية وإحياء تراث منطقة المغرب العربي، وتصبو لأن تصبح جسرا يربط ضفتي المتوسط. ويعد الأخوان قروي ببرامج متنوعة موسيقية ورياضية وأخرى موجهة للأطفال ومسابقات ومنوعات، يقولان إن القناة بصدد إعدادها، وهي نفس الوعود التي قدماها عديد المرات من قبل دون أن يتحقق منها الشيء الكثير.
الفضائية التونسية التي تريد أن تكون مغاربية انطلقت مرتين، وفي انتظار الانطلاقة الثالثة، يبقى السؤال: هل ستضيف هذه “النسمة” المغاربية شيئا إلى أعاصير الفضائيات الغربية والعربية؟.
الإجابة في سبتمبر المقبل.
علاوة حاجي/ صحفي ومدون جزائري.