الأسيران المناضلان رافع كراجه ومحمد كراجه شموع على طريق الحرية ……….
.اليوم الجمعة 23/5/2008 ، يكون قد مضى على وجود هذان المناضلان في الأسر ثلاثة وعشرين عاماً،ثلاثة وعشرين عاماً وهم حملة أمناء للراية،وهم يدفعون هذا الاستحقاق دافعاً عن الحقوق والثوابت، وهم يسطرون أروع ملاحم الصمود والدفاع عن الحركة الأسيرة الفلسطينية، حقوقها ومنجزاتها ومكتسباتها في وجه قمع وفاشية ادارات السجون الإسرائيلية، ولم يفقدوا لا البوصلة ولا الأمل، ولم تلن لهم إرادة ولا قناة،بل يقبضون على مبادئهم كالقابضين على الجمر في هذا الزمن الحراشي، وفي هذه الذكرى ،ذكرى ثلاثة وعشرين عاماً من الكفاح والعطاء والصمود والتضحيات، فإن الحركة الأسيرة داخل المعتقل الذي يتواجد فيه هذان المناضلان، وكأحد التقاليد الاعتقالية المتبعة في السجون،فيما يخص الأسرى القدماء وعمداء وقادة الحركة الأسيرة ،تقوم بعمل احتفال متواضع لهؤلاء المناضلين، تؤكد فيه الحركة الأسيرة على استمرار التمسك بالثوابت،وتدعو الى نبذ الفرقة والخلاف بين أبناء الحركة الأسيرة، وتوجه دعواتها لكل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، من أجل تجاوز حالة الانقسام والعودة للوحدة والحوار،وطبعاً مع التطرق بالأساس لدور هؤلاء الأخوة المناضلين ونضالاتهم وتضحياتهم ، وفي نفس السياق فقد أعلمني أحد الأصدقاء ، أنه سيقام لهما احتفال ضخم في مسقط رأسهما في قرية صفا/ رام الله،بمناسبة مرور ثلاثة وعشرين عاماً على اعتقالهم، كنوع من التقدير والاحترام لهؤلاء المناضلين، وما سطروه وغرزوه من قيم الصمود والعطاء والتضحية بين أبناء بلدتهم وفي القرى المحيطة وفي محافظة رام الله نفسها. وهؤلاء المناضلين عايشا الحركة الأسيرة في أغلب محطاتها،وتنوع أجيالها ما قبل مرحلة أوسلو وما بعدها،الانتفاضة الأولى والانتفاضة الثانية، وكذلك فهم عرفوا طريقهم لكل سجون الاحتلال ومعتقلاته، حتى التي أصبحت الآن تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، فما أن تتحدث عن أي سجن من سجون الاحتلال، إلا ويحدثك هؤلاء المناضلين عن ذكرياتهما فيه بحلوها ومرها والمناضلين الذين كانوا خير قدوة ومثال فيه لأبناء الحركة الأسيرة، وقد تعرفت على هذين المعتقلين في سجن عسقلان عام 2001 ، حيث قدم المناضل رافع كراجة لزيارة صديق له في غرفتنا هو المناضل عصمت منصور، من رفاق وقادة المنظمة الأسيرة للجبهة الديمقراطية، ومن بعدها توطدت أواصر الصداقة والعلاقة بيننا،وفي سياق العلاقة أخبرني عن ابن مجموعته محمد كراجة”أبو ناصر” والذي كان يعمل في مطبخ المعتقل، وهؤلاء المناضلين رغم التحولات الفكرية والسياسية التي حصلت عندهما في المعتقل، فأنت لا تستطيع إلا أن تكن لهما كل الاحترام والتقدير، وتتفهم وجهة نظرهما والظروف التي أحاطت بهذه التحولات، فالشعور بالغبن أو قلة الاهتمام بالمناضل وعائلته وهمومه واحتياجاته،أو التعامل معه بطريقة خاطئة وفوقية،أو عدم احترام تجربته وخبرته قد تدفع بالمناضل الى أخذ خيارات لا يرغب بها، ولكن في نهاية المطاف،يجب علينا أن نحترم خيارات وقناعات أي مناضل،مادامت تلك القناعات والخيارات في البيت الوطني العام،وبغض النظر عن لونها، والمناضل رافع والذي كنا ننقاش معاً ما جرى في بلدتهم من أحداث مؤسفة والطريقة التي عولجت بها، كان يبدي حرصاً على أهل بلدته ووحدتهم، وأي تطور في تلك الخلافات،ليس من شأنه سوى تقديم خدمة مجانية للذين لا يريدون الخير والوحدة لهذه البلدة، ويخدم مخططاتهم ومخططات الاحتلال وأجهزته وأدواته في بث الفرقة والخلاف بين أبناء البلدة الواحدة، وفي الجانب السياسي كنا نعرج على ما يجري من تفاعلات وتغيرات في الجسم الوطني، وما تشهده المرحلة من تراجع في الهيبة والثقة والصدقية بالعديد من قيادات العمل الوطني، والذي بدوره أثر على الكثير من كادرات وأعضاء تلك التنظيمات، والتي عزفت عن تنظيماتها واستقالات من العمل الوطني، وبحثت عن دور وهوية وفكر وقناعات في أطر وأحزاب أخرى،أو بحثت عن هما الذاتي، والمناضل رافع كما هو حالي أنا لديه ثقة وقناعة عالية بالرفيق القائد احمد سعدات، والذي يرى أن هذا القائد يعبر حقيقة عن هموم ونبض الرفاق والشارع، وهو ملتحم مع الجماهير ويتطلع إليها باحترام ويثق بها والتعلم منها، ورافع إنسان يعكس في جوهره حقيقة المناضل المنتمي للهم الوطني العام،وكذلك رفيق دربه “أبو ناصر” ،فهما من خلال التمرس في الكفاح والنضال، ومن خلال الكثير من الأفواج التي مرت عليهم وعاصروها في السجون من الأسرى بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية، فعدا عن الدور التعبوي والتحريضي والتثقيفي الذي لعبوه تجاه هؤلاء المناضلين،فهم مثلوا لهم القدوة والمثال في تغليب الهم العام والوطني والاعتقالي على الهموم الشخصية والفئوية والحزبية، وكانا دائما يقولان لهم،بأن وحدة الحركة الأسيرة والمحافظة على منجزاتها ومكتباتها خط أحمر، مهما علا وارتفعت حدة الخلاف السياسي بين مجموع قوى الحركة الأسيرة، فمن غير المسموح العبث به ،تحت أي ظرف أو سبب، فهذا هو مقتل الحركة الأسيرة وما تهدف وتطمح وتعمل عليه ادارات السجون الإسرائيلية، وفي الخلافات التي عصفت بالحركة الأسيرة أكثر من مرة ،والتي عولجت بطريقة خاطئة أو بقصر النظر والفئوية، خسرت الحركة الأسيرة وربحت ادارات السجون، والأسيران كراجه عاصرا الحركة الأسيرة في أغلب محطاتها، وشاركوا ولعبوا دور القادة في العديد من معاركها النضالية التي
خاضتها دفاعاً عن منجزاتها ومكتسباتها ضد ادارات السجون الإسرائيلية، وفي العديد من اضرابات الأمعاء الخاوية والخطوات النضالية دفعا هذين المناضلين ثمناً باهظاً ، تمثل في القمع والعزل والترحيل القسري من سجن لآخر ومن عزل لآخر كذلك، وطول فترة السجن والقيد عدا أنها أكسبتهما الخبرات والتجارب الكثيرة في الكثير من المجالات التنظيمية والسياسية،فإنهما علاوة على ذلك كونا حصيلة جيدة من المعلومات والقدرات الثقافية ،علاوة على أنهما نسجا شبكة واسعة من العلاقات الاعتقالية،مع مختلف ألوان الطيف السياسي الاعتقالي،وشكلا مرجعية للكثيرين منهم، في العديد من الهموم والقضايا الاعتقالية والوطنية. والمناضلين كراجه واللذان ما زالا من حملة الراية بإخلاص، ويدفعان ثمناً باهظاً على المستوى الشخصي والأسرى، ما يريدانه وما يطمحان إليه،هو بالأساس أن يتم ايلاء قضيتهم الاهتمام الكافي،ليس فقط على صعيد تحسين شروط وظروف اعتقالهم،بل لا بد من تفكير جاد وعملي بضرورة العمل على إطلاق سراحهم، وبما يحفظ لهم كرامتهم ونضالاتهم، وقضيتهم لا تحلها لا مبادرات حسن النية ولا الاستجداء والاستعطاف، وهي لا تحل إلا من خلال صفاقات التبادل، ومن هنا على الأخوة الأسيرين للجنود الإسرائيليين من حماس وحزب الله، أن يجعلوا هؤلاء الأسرى في صلب صفقات التبادل المنوي عقدها، فثلاثة وعشرين عام من النضال والعطاء والتضحية ،تستحق ذلك للأخوين كراجة ولكل أسرانا القدماء وقادتنا وعموم أبناء الحركة الأسيرة.
راسم عبيدات القدس- فلسطين 23/5/2008 [email protected]