من المؤسف حقاً أن ينزلق القلم الذي تدفع فاتورة حبره من قوت الشعب ليكون درعاً و منارة له .. على أن يعلمه مالا يعلم ويدافع عنه في قضايا الحياة بالفكر و الأدب .. وأن يكون قبل كل هذا وذاك يحمل الوطن ومصالحه نصب عينيه إن لم تك في قلبه .. ثم نجده تاركا كل هذا ويحاول تكميم الأفواه الساعية إلى كشف وملامسة الحقائق بكلمات أأسف أن أحيلها إلى أي شئ سوى أن تكون أدباً صحفياً ,
وبدلاً من أن يكون الأستاذ أستاذاً ويعلم الجيل الجديد آداب المهنة وشرفها نجده ينزلق عن سطور الأدب والإحترام .. و يسن قلمه ويطعن قلم أمن بحرية الرأي.. ويقوم الأستاذ مدعياً أن من يسن عليه قلمه لا يؤمن بحرية الرأي فأصبح في النهاية قامعاً لحرية الرأي والتعبير ..
كل هذا قد يكون جائزاً لقلم صغير حائر .. يحبو حبوه الأول على صدر الصحافة .. ولكن حينما يكون قد مر على حبوه ما يقارب النصف قرن .. فهذا هو المؤسف حقاً .
في مقال للأستاذ سلامة أحمد سلامة في جريدة الأهرام العدد (44362) الصادر يوم الخميس 22 مايو 2008 , فاجأنا الأستاذ الكبير بمقال لا يمكن أن نصفه سوى بأنه مقال صغير لكاتب كبير .. لا يليق أبداً بتاريخ الرجل في عالم القلم ..ولا يحاكي العقول بل يدعو لإعادة النظر في كاتب السطور .
فنجده متحاملاً بشكل غير طبيعي على قلم رئيس تحرير روزاليوسف الأستاذ عبدالله كمال , وبلغة ملفوفة يسدى طعنات القلم إلى صدورنا جميعاً , فنحن جيل تعلم ما تعلموه وزدنا عليه ثقافة الواقع ومعايشته .. وبرغم إختلافي الجزئي مع الأستاذ عبدالله كمال في بعض الأمور.. إلا أن الحق أحق أن يتبع .. فنحن جميعاً قد لا نتفق على وسيلة .. ولكننا يجب أن نتفق على الهدف والغاية من الكتابة .. فإذا كانت مصلحة البلاد هي الغاية فيجب على الجميع الانصياع لكل حرف وطني يخرج ليبني بناءً وطنياً .
يبدأ الأستاذ سلامة أولى كلمات مقاله بجملة ( تنفجر بين الحين والآخر) .. ليبدأ بإنفجار .. وهذا ما يدل على التحفذ المسبق لما سيليه من كلمات حارقة ..
و بما أنه يعلم علة القارئ فيقذف قنبلته المسيلة للتعاطف .. بحديثه عن الآخر ووصفه بأنه من كتاب السلطة .. ويا ليته اكتفى بهذا بل استدعى كلمات العامة التي يجب أن نرتقي بها لا أن ننحدر إليها فيقول (وتقود هذه الحملات أقلام, تجلس في حجر السلطة,)) وأعجب كل العجب من كاتب كبير مثل الأستاذ سلامة أحمد سلامة أن يتفوه بمثل هذه الألفاظ .. وغيرها نوردها في محلها ..وإذا كانت العامة لا تعرف أهداف الكتابة فليأذن لي أستاذنا أن أذكره بمقالة الكاتب عبدالحميد التي أوردها(إبن خلدون في مقدمته)
بنصحائكم يصلح الله للخلق سلطانهم وتعمر بلدانهم. لا يستغني الملك عنكم، ولا يوجد كاف إلا منكم. فموقعكم من الملوك موقع أسماعهم التي بها يسمعون، وأبصارهم التي بها يبصرون، وألسنتهم التي بها ينطقون، وأيديهم التي بها يبطشون. فأمتعكم الله بما خصكم من فضل صناعتكم، ولا نزع عنكم ما أصفاه من النعمة عليكم. وليس أحد من أهل الصناعات كلها أحوج إلى اجتماع خلال الخير المحمودة، وخصال الفضل المذكورة المعدودة منكم.أيها الكتاب. إذا كنتم على ما يأتي في هذا الكتاب من صفتكم، فإن الكاتب يحتاج من نفسه ويحتاج منه صاحبه الذي يثق به في مهمات أموره أن يكون حليماً في موضع الحلم، فهيماً في موضع الحكم، مقداماً في موضع الإقدام، محجماً في موضع الإحجام، مؤثراً للعفاف والعدل والإنصاف، كتوماً للأسرار، وفياً عند الشدائد، عالماً بما يأتي من النوازل، يضع الأمور مواضعه)) والمقالة طويلة وأعتقد أن الأستاذ يعلم بقية المقالة.
ونستنتج من هذا الجزء يا أستاذ سلامة أنه يجب على كل كاتب أن يكون كاتب للسلطة للنصح والإرشاد .. فكفانا عبث بعقول القراء الذي يأخذونها على علتها .. ولا يعرفون مصدرها .
ثم يسرد لنا الصحفي الكبير سبب سخطه وهو مقال ( عبدالله كمال)ومطالبته معرفة كيف لقناة دريم أن حصلت على موعد لمقابلة رئيس الولايات المتحدة قبل وصوله .. ولم يذكر الكاتب نقطة هامة أن مثل هذه المقابلات مع رؤساء الدول لا تنسق مع جهات إعلامية فقط بل هناك جهات أخرى تتدخل في مثل هذه الحالات .. فمقابلة رئيس أكبر دولة في العالم ليس كمقابلة نجم سينمائي .. وأظنه يعرف الفرق بين هذا وذاك .
ومن حق الشعب المصري أن يتأكد من هوية أي قناة إعلامية يطمئن لها أو يحترمها لتعم المصداقية ..
ثم يبدأ الأستاذ ب ( شتيمة) ليلعن شتيمة . أتعجب فيقول :هذا المنطق الغبي) ولم أعلم أن هناك في قواميس المنطق أن هناك منطق غبي و منطق ذكي .. ويثير النعرات التشكيكية في قلم نزف نزفه بكل شفافية فأنبرى له دون إجادة ..
ومن المؤسف أيضاً أن يقوم بوصف زميل له بـ ( الصحفيون الجدد) ولا أعلم في عالم الصحافة بما يسمى الجدد ولكني أعرف أن هناك صحفي مجيد وصحفي لا يجيد .. فلربما كانت هذه سقطة أخرى ..فضلاً ع
ن عبارة خادشة للأدب حين يصف زميل له بأنه ( من أصحاب البنطلونات القصيرة) .. وهي بالطبع كناية للطفولة ..فماذا حقق الكاتب الكبير من التطاول على الزميل بهذه العبارات ..
ن عبارة خادشة للأدب حين يصف زميل له بأنه ( من أصحاب البنطلونات القصيرة) .. وهي بالطبع كناية للطفولة ..فماذا حقق الكاتب الكبير من التطاول على الزميل بهذه العبارات ..
ويأتي دور الأستاذ عبد الله كمال للدفاع عن قلمه .. فيكتب مقالاً بعنوان ( المتوتر) وبالطبع فهذا العنوان يحيلنا إلى أن من كتب المقال السابق (متوتراً).. وأنت التوتر هذا نتيجة لفقدان شئ هام .. قد يكون القفة بالنفس أو الحسد أو الغيرة .. أو أن هناك في الخفاء أحداث لا نعلمها بين الطرفين .
ولكن ما يهمنا هو الحديث الذي خرج للعامة والنخبة في آن واحد .
بدأ الأستاذ عبد الله مقاله بلفظة ( يعاني الأستاذ سلامه احمد سلامه من توتر يمكن تفهم أسبابه ، ولايعنى تفهمها أنني اقبلها .) وهي ربما تكون استكشاف للحالة التي كتب بها الأستاذ الكبير مقاله الهجومي الغير مبرر .. ولكن في سياق الرد وضحت نبرات القلم أنها قد استُفزت جراء ما كتب في مقالة الأستاذ ..فأشار لعمره الذي وصل أرذله ..
ومن المأخوذ على الأستاذ عبدالله أنه انزلق لنفس المنحدر الذي وقع به الأستاذ سلامه بدافع الدفاع عن النفس .. فكانت العبارات تبدو كمن يشهر قلمه الثائر لحقه في وجه القلم العجوز. فوصف كلمات القلم العجوز بأنها ( منحطة) وعدد الأستاذ عبد الله بعض من الألفاظ التي استفزته فيلحقها بجملة الدفاع ((وقد يجيز لي حق الرد أن اصف الأستاذ سلامه بأنه من (أصحاب البنطلونات الباليه والأقلام العاجزة ) (التي تتبنى دفاعا تافها عن أفكار دخيلة ) ..لكننى لن افعل احتراما للسن والأخلاق.))
ورغم أنه حاول أن يتمالك قلمه إلا أن القلم بثورة الشباب أندفع .. فوقع في نفس الحفرة ..
و قد فند الأستاذ عبدالله الإتهامات والإهانات التي لصقها الأستاذ سلامة بمقالة و جاوب علي النقاط بكل شفافية .. أتفق معه فيها .. وكان ردي على المقال :-
الأستاذ عبدالله كمال
نأسف نحن جيل الحاضر .. والذي أتخذ الجيل الماضي قدوة فإذ به يقع في براثن تشبيهات بعيدة كل البعد عن أخلاقيات الصحافة .. بل وعن الأخلاق عامة .. وأن يكون حوار المثقف المصري الذي يحمل أمانة إعلام المواطن مواطن الأدب وبواطن الأمور أن يكون بهذه السطحية والسوقية في التعامل مع قلم حر أراد أن يوضح ولو من بعيد حقيقة مستترة ويطالب بإظهار مخبوءاتها لتظهر الصورة الحقيقية لها .. وبعد ذلك يمكننا أن نتعامل مع ما سيظهر وبكل مقومات الحضارة والثقافة ..وليس بأسلوب التطاول الذي حدث من الأستاذ ( الكبير) سلامة أحمد سلامة) وأعتب عليك أنك جاريته في رد الإهانة بالإهانة .. فمهما استفزنا قلم يجب أن نلجم أقلامنا بلجام الود والإحترام مع بعضنا البعض .. وإن أخطأ الأستاذ فلكل جواد كبوة ..
وأتمنى أن يبحث أمر القناة بالفعل من الجهات المختصة لذلك .. فالواجب الصحفي فعله الأستاذ عبدالله .. وعلى من يهمه أمر الوطن أن يوضح الصورة الحقيقية أو ليتعامل معها.. فما رأيته في مقال الأستاذ عبدالله يدل على وطنيته وخوفه على مصر الحبيبة .. فما العيب يا أستاذ سلامه ..
وإلى هنا نقف ونسأل أقلام الوطن .. لماذا لا نكون أقلاماً في حب الوطن .. يكمل منا الأخر .. لا أن يقصف كل منا الآخر ..فنحن في غنى عن هذه الاتهامات و المناطحات .. في زمن المعلن فيه ضلال .. و الماسك على الأمانة الصحفية أصبح كمن يمسك على جمرة ..
هل للقلم الكبير أن يتواضع .. مع أني لا أؤمن أن هناك قلم كبير ولا قلم صغير .. بل إن هناك قلم والآخر خنجر .. فماذا نختار … أنكون أقلاماً أم خناجر .
والحديث لا ينتهي
حسين راشد
نائب رئيس حزب مصر الفتاة
وأمين لجنة الإعلام