في ساحة خضراء بها نهر صغير يعيش فيه السّمك وأنواع أخرى من الطيور ،حيث الهدوء ودعابة الأطفال ، فلاعسس ولا هرج ولامرج إلتقيت أحد المهاجرين من الذين تعرّفت عليهم حديثا ،كان قد زار الجزائر في وقت قريب لايتعدى الشهرين
وبعد الإطلاع على أحوال العائلة بدأ يقص علي قصصا يشيب منها الولدان قائلا:
إن حالة الجزائر لاتبعث بخير ،حيث أنني تفاجئت ببعض القصص التي رواها لي لاتصلح حتى في الأفلام السينمائية، أصبحت واقعا يسمع به ويشاهده الجزائريون بل وتنقله الصحافة في كل يوم على صفحاتها ،وقد تذكرت مقولة كنا نرددها ونحن صغارا، عش تسمع .
إن مشاكل البلد تتفاقم وتتضاعف كل يوم وأصبحت بمثابة الرقاَّص الذي تسمع تكتكاته ويدُك على قلبك كما نشاهد في الأفلام ونتظر لحظة الدّوي
ونعني بهذا التشبيه الحالة الإجتماعية التي وصل إليها الشعب والقابلة للإنفجارفي كل لحظة ، وممّا قصّه علي هذا المهاجر كنت قد إستمعت إليه في الصباح في نفس اليوم من طرف أحد الأقارب، حيث فاجئني بأن الكثير من الأطفال أصبحوا عُرضة للإختطاف
من طرف محترفي الإجرام لبيع كلاهم.
قد يظن ضعاف النفوس أو المُنومون بمغناطيس الحشو والتدليس أننا ننطلق من خلفيات ونستغل الأوضاع بغية الإثارة ونحن بفضل هذاالهامش من الحرية نحاول أن ننفس ولو قليلا عن كرب المهمشين والغلابى
ونتحدث عن مآسيهم وننطق بلسانهم حتى ولو لم نكن مخولين بذلك كما هم أصحاب الشكارة على حد قول الفكاهي البرلماني سي عطاء الله ونتقاضى الأجر ،بل ندفع من جيوبنا ونخصص أوقاتنا لمتابعة الأخبار لحظة بلحظة، وبإمكاننا أن نفعل كما يفعل من يعيشون في نادي الصنوبرلو فكرنا كما هم، لكن نفوسنا تأبى الظلم
وتأبى النسيان ،ومن منطلق المبادئ التي نشأنا معها تعلمنا أنه من لم يهتم بأمرإخوانه فليس منهم.
إن دوام الحال من المحال كما علمتنا التجارب فلابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر، مانخشاه هو العودة إلى حيث كانت الجزائر في بداية الأزمة مع ركوب رؤوس مسؤوليا
فلا الإنذارات ولاالإحتجاجات ولا الإضرابات ولاالإنتحارات جعلتهم يعيدون الحسابات بل مازادهم ذلك إلا غياّ وخشونة ،فهاهي أحداث بريان في غرداية وقبلها في الشلف والمدية تعد شرارة بأن الأوضاع ماتزال قابلة للإشتعال في كل لحظة
لأن مراجل البركان ماتزال مشتعلة حتى وإن خمدت ،ولأن الأزمة لم تُعالج معالجة صحيحة وماشهدناه هو الحيف والظلم وتحميل طرف كل تبعات الأزمة دون الطرف الآخر في حين أن المتسببين الحقيقيين لايزالون في مقاليد الحكم
بل ماوصلنا من أخبار يدل على أن هناك عودة محتملة إلى بعض الوجوه التي كنا نعتقد بأنها دخلت الأرشيف وهذا ما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا وننتظر دقات الرقاص وياساتر إستر.