أروى عبد العزيز *
.. بعد ضيقِ السجن وعذابِ السجَّان .. وبعد ستِ سنواتٍ قضاها هناكَ مكرهاً.. خرج ” سامي الحاج” من معتقله في “غوانتنامو” .. ليحكي للعالم بعضاً من نارٍ.
اكتوى بها في تلك البقعة النائية .. وكفاه أنه رأى النور .. ولو بعد تلك المدة الطويلة من الظلم والظلام..؟!
لكنَّ سجوننا العربية يغدو الداخل إليها مفقوداً والخارج منها مولود؟! هذا إن كُتب له الخروجُ منها سليمَ العقلِ صحيحَ البدن ..وقلَّ ما يحدثُ ذلك .. ؟!
ليس في كلماتي القادمة دفاعاً عن أمريكا وسياستها أو تقليلاً من جبروتها وظلمها ..؟! لكن لماذا تثار كل هذه الضجة عن سجون .. “غوانتنامو”.
في الوقت الذي تمتلئ بلادنا العربية بأحدث السجون .. وكثيرٌ منها قد عفا عليه الزمن .. ولو ُطلب منه التحدث .. لنطقت سراديبه وجدرانه .. بما يَشيبُ له الولدان .. من حكايا الظلم .. وقصص الألم والعذاب .. فالسجون في بلادنا العربية، كانت ومازالت ملجأً للعلماء ..والدعاة .. والأحرار .. والثوار .. ؟!
وكثيرٌ منهم من زج به في هذه الملاجئ المظلمة صغيراً .. ليُمضي بقية حياته فيها .. ظلماً وعدواناً .. إن لم يكن قد لقي فيها حتفه فكانت له مقبرة .. حين عجزت الأرض كلها أن تحتوي جسده المجروح ..وروحهُ الضائعة .. ؟!
وإن كان سجن خليج “غوانتنامو” قد بُني في أوائل عام 2002م، فإن السجون في عالمنا العربي .. وخاصة في سوريا التي يدَّعِي طغاتها أنها بلد الحرية .. وأن “الأسد حاميها”، إذ تبين أن “حاميها حراميها”، حين ملأ أرضها بالسجون .. والتي تحكي مخادعها وآلاتُ التعذيب فيها عن عراقتها؟!
بدءاً بسجن “المزة العسكري” لكبار القوم .. مروراً بسجن “قطنا للنساء”، وانتهاءً بسجن “تدمر العسكري”، والذي ضم خيرة رجالات وشباب سوريا ..
وما بين سجن وآخر كثير من السجون .. وكثير من الأوجاع والعذاب ..ومازالت هذه السجون بالرغم من قدمها إلا أنها صالحةٌ للاستعمال ..؟!
فالظلم لم يهدأ يوماً ولم تُطفئ ناره .. فَدُعاتُه يقفونَ على أبوابِ سوريا .. يُضرمونَ النارَ كل يوم وسوريا تحترق ..وما من ُمنقذ ..؟!
ويبدو أن هذه السجون قد مُلئت بالمظلومين .. ليُنقل من ضاقت عليه سجون وطنه .. إلى “غوانتنامو” .. وحينها تسلط كل الأضواء على ذلك الخليج النائي .. في حين تبقى أضواءُ الإعلام بعيدةً كل البعدِ عن السجون العربية .. الممتلئة بالأبرياء من الشيوخ والشباب .. وحتى النساء ..؟!
ولعل المدون السوري الشاب “طارق عمر بياسي”، أحد هؤلاء الذين ُزجَّ بهم في سجون سوريا .. وطنه .. الذي لم يكن إلا سجناً أكبر بقليل من السجن الذي ألقي فيه “طارق بياسي” بتهمة إضعافِ الشعور الوطني ووهن نفسية الأمة .. بعد مشاركته في مواقع على الإنترنت الإسلامية وانتقاده لأجهزة الأمن العابثة ببلده التي لا تجيد سوى اللعب من تحت الطاولة.. في حينِ يدَّعِي هؤلاء أن هذه المواقع ما هي إلا إسلامية مشبوهة..؟!
ليُحكم على “طارق” بعد كلماتٍ معدودات خطها في هذه المنتديات ..بالسجن ثلاث سنواتٍ لتهمةٍ لا يستحقُّ الحكم عليها أياماً .. فضلاً أن تكون سنواتٍ عِدَّة .. ؟!.. “طارق ”
هو نموذجٌ من النماذج الذين زُجَّ بهم .. في سجون سوريا .. ولعل بعضها .. بقي مفقوداً .. بعد مرور سنواتٍ طويلة على سجنه ..؟! لتبقى سياسة “من خلف الستار” التي يمارسها النظام السوري البعثي منذ توليه مقاليد الحكم ..
هو نموذجٌ من النماذج الذين زُجَّ بهم .. في سجون سوريا .. ولعل بعضها .. بقي مفقوداً .. بعد مرور سنواتٍ طويلة على سجنه ..؟! لتبقى سياسة “من خلف الستار” التي يمارسها النظام السوري البعثي منذ توليه مقاليد الحكم ..
وليبقى السؤال: متى يمتلك الإعلام العربي الشجاعة .. لتسليط الأضواء .. على زوايا مظلمة في عالمنا العربي .. بما فيها السجون العربية ..وخصوص “غوانتنامو” سوريا ..؟!
* كاتبة سورية .. مغتربة
وهذه رسالة تسربت من داخل معتقله:
من طارق بياسي إلى أحرار العالم !
من عمق العتمة .. ومن كوة مظلمة على خارطة سورية الأم .. ومن سراديب الظلم والطغيان ..
أنا طارق عمر بياسي .. أناديكم من قلب الليل الجاثم على صدري منذ أكثر من سبعة أشهر !
أستصرخ فيكم النخوة والعروبة والإسلام ! أستنهض في قلوبكم بقايا نخوة (جاهلية) تنصر المظلوم وتكف يد الظالم !
لم أسفك دما .. ولم أقتل نفسا بريئة .. ولم أهز كيان الدولة .. ولم أبسط يدي لغرب أو شرق !
بل إنني لم أخرج في مظاهرة ضد النظام أطالبه فيها برفع الظلم وتنكيس أعلام الطوارئ ..
ولم كتب مقالا أهاجم فيه أحد رموز الظلم والفساد ..
ولم أنضم لمعارضة خارجية مرتبطة بالغرب !
ولم أروج لأفكار أية معارضة محضورة ..
كل الذي فعلته هو أنني كتبت بضع كلمات في أحد المواقع الإلكترونية أذكر فيها سلبيات وإيجابيات الأجهزة الأمنية !!
إنها بضع كلمات فقط ! كلمات ضمنها القانون لي ضمن إطار الحرية الشخصية وحرية التعبير التي أقرها الدستور !
أيكون العقاب السجن شهرا لكل كلمة !!!
إنني أناشد أحرار العالم .. جمعيات حقوق الإنسان .. كل من يرفض الظلم والطغيان .. أن يتحركوا لأجل دعم قضيتي !
ليس لأنني طارق بياسي .. وليس من أجل شخصي الضعيف !
ولكن من أجل رفع هذا الظلم عن المئات أمثالي ! من أجل أن تخرقوا جدار الصمت في هذا السجن الكبير ..
من أجل تقولوا كلمة الحق في نصرة تلك العقول التي يزج بها يوميا في سجون الوطن المتناثرة أكثر من أكشاك الخبز !
هو موقف كرامة وعزة وإياء ونخوة ..
فإن لم يكن هذا الموقف اليوم .. فلا تنتظروا شروق الشمس غدا !