كتب/ رداد السلامي*
حين اغتيل الفنان ناجي العلي كتب الكاتب الفلسطيني- مهند صلاحات – تحت عنوان لماذا اغتالوا ناجي العلي يقول:لان ناجي “متهم بالانحياز ، وهي تهمة لا أنفيها .. أنا لست محايداً، أنا منحاز لمن هم “تحت”.. الذين يرزحون تحت نير الأكاذيب وأطنان التضليلات، وصخور القهر والنهب، وأحجار السجون والمعتقلات، أنا منحاز لمن ينامون في مصر بين قبور الموتى، ولمن يخرجون من حواري الخرطوم ليمزقوا بأيديهم سلاسلهم، ولمن يقضون لياليهم في لبنان شحذاً للسلاح الذي سيستخرجون به شمس الصباح القادم من مخبئها.. ولمن يقرأون كتاب الوطن في المخيمات”.
اليوم ليس في كتبانا ومثقفينا وصحفيونا من يكون كـ”ناجي العلي” فجلهم باعة كلام فحسب ومداحين وأقلام تنتهز الفرص وتبني لها مجدا زائفا على أنين المعدمين والمقهورين في الوطن.
لايوجد في الوطن اليوم من ينتمي الى أوجاع الفقراء ،لايوجد من يتلمس طريقا إلى كشك غيبت السجون صاحبه ولم يعير أحدا من الذين يمرون متأبطين حزم صحفهم “المعتقة ” بالزيف أبناءه أدنى التفاته، سائلا إياهم أين غاب والدكم .؟!
محمد النعماني صاحب الكشك الذي يقع بجانب بوابة جامع الجامعة الجديدة ..الانسان الذي لم يفتقده أحد ،ولم يحس بيتم أبناءه الــ 8 أحد رغم أنه لم يمت بعد ،مئات الوجوه تمر من أمامه إلا أنها لم تستشعر غيابه..!! ،غبار العابرين يكتسح صحف التهريج المكدسة ولم يشعر أحدا أن ثمة شيء تغير في ذلك الكشك.
أين أنت يا محمد .؟أين هدوؤك المعتاد ..في أي ظلمة زهقت ابتسامتك الفضية المضيئة .. ومن لأبنائك الثمانية ،ومن لي انا في ليل الشتات كي يقرضني 500ريال أسد بها لسع جوع مجنون داهمني ذات مساء فلم أجد غيرك يقول: أكيد يا رداد أنت ماشي معك مصاريف.؟!
دخل محمد النعماني السجن بحسب ابنه- فارس12عاما- قبل شهر ولم يخرج ،كانوا يزورونه الى السجن الذي يقع خلف الإدارة المحلية ،وقبل أيام تفاجأ الأبناء ان والدهم لم يعد موجود هناك ،لقد اختفى تماما من السجن ولم يرد اسمه ضمن قائمة المسجونين بحسب الزميل محمد العلائي .
كنت اتسائل كيف يخفى إنسان لايملك غير كشك يعول منه أبناءه واسرته الكبيرة..ألأن شجار حدث بين ابنه وابن أحد الأقوياء، يرمى محمد في السجن ويحتويه ظلام العدم والتلاشي هكذا بضغطة زر، دون ادنى ضمير يوخز السجان ومسئول السجن ، لقد كان أمل محمد النعماني كبيرا في تلك الوجوه الصحفيه التي تتردد على كشكه الصغير تلك تقول انها انها تدافع عن الحقوق ،وأنها لسان الضعفاء وسلاح المعدمين ضد المستبدين والفاسدين صناع القهر .
صحافة وصحفيون يروجون لنظم خاوية ينحتون للظلم أصنام بشرية تعفنت فسادا وإفسادا،كتاب يلهثون وراء المهاترات الكلامية والمراشقات الحادة يقرضون الكلمات وتتقرح معد أقلامهم ذما ومدحا ،ومع ذلك لم يتحرك قلم واحد ممن يجيدون غزل الكلمات وتنميقها ليقول لأمن الخوف :أين قذفتم محمد ومن سيعيل أبناءه .
محمد صبرا أيها المكافح النبيل..صبرا أيها الإنسان الطيب ..أيها المقاوم صمتا في سجنك المجهول ،صبرا فلم يعد في زماننا نبي يفتقد أمثالك !!،فليس ثمة إلا أدعياء يدافعون عن الأقوياء !! ،زمن الحثالة الذين يجعلون من المستبد رمزا وطنيا ومن الضحية حاقدا مشوشرا ،إنه يا محمد وطن المقاييس المختلة ،وطن يحكمه الأغبياء يحركون نخب مثقفة من على نخب الموائد ،مثقفون لم ينعتقوا من التبعية لهم ،وعذرا أبناء محمد هذا كل ما استطيع ان أقدمه لكم في زمن” تفشي” منظمات عقوق الحق والحرية ،منظمات المنح والدولار والتأمين باليورو منظمات الدفاع عن من يقدم اكثر ومن لم يجد فله بطون السجون وظلمتها.