تتواصل الجهود الحثيثة في قطر للوصول لاتفاق ينزع فتيل التفجير ويعيد الأمور في لبنان إلى نصابها الطبيعي . وفي الأثناء يقوم البعض بتوتير الأجواء وصب الزيت على نار الفتنة المذهبية وبشكل مدروس يستهدف إفشال مؤتمر الدوحة للحوار الوطني ، كالقول بأن ما جرى كان اجتياحاً شيعياً لمناطق السنة وإهانة للطائفة المذكورة وغير هذا من التعابير والدعاية السوداء التي أوصلت لبنان في الماضي إلى شفير الهاوية وكادت أن تطيح به كدولة وكيان كما القيام بالتحريض وعمل الدسائس وتقديم المال، واستخدام بعض الحلفاء اللبنانيين كأحصنة طروادة للتخريب .
نحن نعرف المصالح الأمريكية المرتبطة بإبقاء التوتر والانقسام اللبناني على حاله ومن ثم الهاء المقاومة وحزب الله في قضايا داخلية مريرة ومعقدة لترتاح حليفتهم اسرائيل من الوجع المزمن في الجنوب اللبناني وفي حدودها الشمالية ، كما نعلم مصلحة المعتلين العرب في إضعاف المقاومة وتخفيض صوتها بل والقضاء على بؤرة للثورة والممانعة تسبب لهم القلق والخوف من شارعهم الرافض للهيمنة الأمريكية على مقدرات أوطانهم . لكن هذه المعرفة لا تساوي القبول بهكذا سلوك يورث الأذى والخراب لبلد عرف بطليعيته على صعيد مقاومة الغزوة الصهيونية لأرضنا العربية عبر سنوات طويلة من احتضان المقاومة الفلسطينية واللبنانية ، وعرف كمتنفس لكل قوى الديمقراطية والتحرر في المنطقة العربية…وخصوصاً من بعض الدول العربية والشخصيات التي تقدم نفسها بصورة الحريص على مصالح لبنان وسلمه الأهلي وكأنها أم الولد ! .
يغلف هؤلاء الناس مواقفهم المعادية للمصالح اللبنانية والعربية بقصة المد الشيعي والنفوذ الإيراني وغير ذلك من الأساليب المثيرة للغرائز والنعرات ، وهم يدركون أن هناك قوى تطرف جاهزة لتلقف هذه المعطيات الكاذبة والمخادعة من أجل خدمة توجهاتهم التدميرية ، ولا يتورع المتدخلون للتخريب من إنفاق الملايين لتعزيز الدعاية المغرضة في هذا الشأن .
إن ما نسمعه ونراه على فضائيات عربية مرتهنة لبعض الأنظمة وممولة من أمريكا وحلفائها يشير بوضوح إلى نية الولايات المتحدة وهذه الأنظمة في تخريب الجهود المبذولة لحل الأزمة اللبنانية وإبقاء حالة الاشتباك السياسي الخطرة في شوارع بيروت والمناطق الأخرى ووسائل إعلامها المختلفة . ورغم ثقتنا في نضج قوى المعارضة وحزب الله إلا أننا نخشى على كل الواقع العربي من هكذا منحى خطير وغير عقلاني في توصيف ما يجري وتحويل التناقض الرئيسي مع العدوان الأمريكي والإسرائيلي على أمتنا إلى مجرد حالة ثانوية طارئة تحت العنوان المذكور ، وهو ما يجعل كل جهد لإنهاء حالة البؤس التي نعيشها ومقاومة العدوان والاحتلال عملاً عبثياً لا طائل من ورائه . لذلك نهيب بكل من يدعي الانتماء للعروبة والحرص على مصالح لبنان والعرب توخي الدقة والموضوعية والأمانة الفكرية في تناول الأزمة الراهنة وأسبابها وطرق الخروج منها ، وعلي جميع المعنيين قول الحق والكلمة الطيبة … أو فليصمتوا .
زياد ابوشاويش