بلغت خسائر الحرب الأميركية في العراق كلفاً خيالية بالنسبة للمجتمع الأميركي في الجانبين البشري والمالي، ولهذا فهي تشكل صدمة خطيرة تهز الكثير من المؤسسات التي أفاقت –وخلال مكاشفات التنافس الانتخابي- على أرقام خطيرة، إذ سيدفع الأميركان أكثر من 59 مليار دولار سنوياً (أي ما يعادل أكثر من ميزانية العراق الحالية التي تبلغ 45 مليار دولار) ولمدة 25 سنة فقط لعلاج مشوهي الحرب والمعاقين والذين سيبقون يعانون من عاهات وأمراض مستديمة. ورقم الكلفة المالية هذه يتضاعف بطبيعة الحال في الحسابات الاقتصادية السنوية بسبب عوامل كثيرة.
وتقول صحيفة أميركية إن الكلف المادية والبشرية –لحربهم في العراق- تثير هذه الأيام مخاوف الأميركان، فـ “صراعات” الانتخابات الرئاسية كشفت أسراراً كثيرة، ومن المتوقع أن تزداد سخونة هذا “الصراع” على مدى الأشهر القليلة المقبلة لتكشف المزيد من الخفايا.
وتؤكد صحيفة (أيفننغ صن) قولها: إننا نسمع الكثير في الأيام الأخيرة عن كلفة حرب العراق التي ربما ستكون النزاع ذا الكلفة الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، إن لم يكن في تاريخ النزاعات البشرية.
واعتباراً من يوم الجمعة الفائتة فإن الحرب في العراق تكلف تقريباً (521 مليار دولار) وهذا الرقم ينمو –كما تقول الصحيفة- بما يعادل 340 مليون دولار كل يوم. وهذه الكلف لا تتضمن “الخسائر” التي ستتحمّلها الأجيال المقبلة في الولايات المتحدة، بأن تدفع المزيد من الأموال المستدانة لسد العجز في التمويل الحربي، أو المبالغ الضخمة للعناية الصحية بالجرحى وبالمعوقين الذين تتفاقم مشكلة أعدادهم بشكل كارثي.
وتؤكد (إيفننغ صن) أن كلفة الحرب في العراق فاقت حتى الآن كلفة الحرب الكورية، التي قدرت بـ 340 مليار دولار بحسابات التضخم المالي حتى هذه الأيام، وكانت الحرب الفيتنامية قد كلفت 360 مليار دولار. وفقط الحرب العالمية الأولى كانت كلفتها أعلى بكثير لأنها بلغت 3 تريليون أي 3000 مليار دولار أميركي.
لكن كل تلك البلايين من الدولارات –تقول الصحيفة- لا تستطيع أن تلحق بالكلفة البشرية للحرب في العراق. وتأخذ الصحيفة نموذجاً لأحد الجنود الأميركان (ديفيد بوردن) الذي يواجه آلاماً ومشاكل صحية كبيرة في مركز “وولتر ريد” العسكري للرعاية الصحية.
فهذا الملازم في المارينز كان يقود مجموعة من جنوده في أحد شوارع مدينة الرمادي في كانون الثاني الماضي، عندما فجر انتحاري نفسه أمام المجموعة فقتل أحد الجنود وجرح ثلاثة آخرون. أما الملازم (بوردن) فواجه حالة كارثية إذ فقد ساقه اليمنى من تحت الركبة، وعظام جسمه تكسّرت، وتعرضت رئتاه للتلف بنسبة كبيرة. لقد تركزت 150 شظية صغيرة في جسمه، والكثير منها ظلت تحت جلده لأربعة أشهر تقريباً. وأجريت له حتى الآن 18 عملية جراحية. وما تهتم به الصحيفة هنا هو “تقديرات” الكلفة التي تستنفدها إجراءات الرعاية الصحية لجندي واحد من الجرحى الذين وصلت أعدادهم الى رقم مخيف بالنسبة للمجتمع الأميركي.
تقول الصحيفة: لا أحد من الجنود المعاقين إلا القلة يستطيع أن يستعيد حياته الطبيعة بنسبة 50 بالمائة، والتشوهات التي تركتها الحروق غالباً ما تكون عاملاً خطيراً في انهيار الحالة النفسية للجندي منذ الساعات الأولى لرقوده في المستشفيات أو المراكز الصحية فيما بعد. وتشدد الصحيفة الأميركية على قولها: إنّ الشعب الأميركي يجب أن يهيّئ نفسه لدفع التكاليف الباهظة لعلاج طويل الأمد وقد يمتد الى عقود لرعاية الجنود المصابين في الحرب العراقية وحدها.
وطبقاً لتقرير أوردته وكالة أنباء الأسوشييتد برس، فإن التوقعات تذهب الى أن الحكومة الأميركية ولمدة 25 سنة ستبقى تنفق 59 مليار دولار سنوياً لتوفير العلاج للجنود المقاتلين الجرحى في الحرب العراقية. وهذا المبلغ جرى تقديره بالارتفاع تدريجياً عن التكلفة الحالية التي تبلغ 29 مليار دولار (اليوم) طبقاً لتأكيد الصحيفة.
وتقول صحيفة (إيفننغ صن) إن العديد من العوامل –كالتضخم والكلف المتزايدة للعلاجات الطبية وغيرها- ستضاعف هذه الكلف (كلفة ما بعد الخدمة لأكثر من 4000 قتيل حتى الآن لا تعني شيئاً) لكن أعداد الجنود الأميركان الذين جرحوا يقدرون حتى الآن بحوالي 100,000 (مائة ألف) والعدد في تصاع
د طبقاً لقول الصحيفة.
د طبقاً لقول الصحيفة.
وقالت إن هذه الحرب تشكل حماقة اقتصادية خطيرة ولكنها في حساباتها البشرية الاجتماعية تشكل كارثة إنسانية تمكنت من أن تصنع “اليأس” لعشرات ألوف العوائل الأميركية.