حاول أعداء العراق بكل ما أتوا من مال وسلاح وخبث وشيطنة ومكر وخداع لدفع الأمر لتقاتل طائفي، وقد نجحوا لحدٍ ما…وذهب عشرات المئات من الضحايا من الشيعة والسنة. وكان آخر عمل إجرامي لهم تفجير المرقدين العسكريين عليهما السلام …وأنقلب السحر على الساحر…فتحولت التعبئة من الفتنة لبداية نهاية القتال الطائفي. حيث بدأت قيادات الجريمة تتساقط واحدة تلو الأخرى.
القيادات وحدها المسؤولة للوقوف أمام تحركات رموز الحقد والكراهية ومن أي طرفٍ كان…داخلي أو خارجي.
الأمر بات واضحاً للجميع أن أي خطاب يبيت في طياته مؤشر طائفي سيؤدي للضرر على أرض الواقع ثمنه أرواح وصاحب الخطاب في مأمن.
أنني أرى أن العراق تقدم خطوة كبيرة لتخطي مرحلة التمييز الطائفي، وبدأ الحراك السياسي محاولاً اللقاء حول نقطة التلاقي المشتركة وهو (الوطن)، لكن مازال البعض يحاول تجزأت هذا الوطن، وآخرين يسعون لتمزيق هذا الوطن (أو الصف الوطني) الذي لم يكتمل أطره طبقاً لأجندات مدفوعة الثمن خارجية بعيدة وإقليمية قريبة.
وفي رأي المتواضع أن ما يحاول ربط موضوع التحديات الطائفية في لبنان بالشأن العراقي ويعتب على دول تحول القتل على الهوية في العراق شأناً داخلياً، والحرب الأهلية في لبنان شأناً دولياً. الدول العربية ليس فيها خيراً لشعوبهم، فكيف لنا طلب شيء من فاقده. فأكثر القادة العرب أو الملوك والرؤساء حتى نهاية العمر هم ألعوبة بيد أمريكا ليس إلا. وأمريكا حركة أدوات الشطرنج لكي تقلل من شأن التدخل الإيراني في المنطقة، لكون إيران باتت القوة الوحيدة التي وقفت وتقف على الأقل ظاهرياُ بوجه الإستراتيجية الأمريكية لشرق أوسط جديد. وهذه بدايات أما لشن هجوم جوي وبحري مفاجئ لإيران وسوريا، وأما بداية لمفاوضات ووئام أمريكي إيراني على حساب شعوب المنطقة…فقط الغاية القصوى تحقيق الأهداف الأمريكية.
لكننا نسعى لبناء البيت العراقي، وهذا لا يمكن أن ينجز في محاولات اللجوء للأشقاء والأصدقاء أو الأعداء…بل يعتمد وبشكل كلي وحتمي على جهود القادة العراقيون ليس غيرهم. وهؤلاء القادة لا يمكنهم التقدم خطوة واحدة إلا بعد ممارسة سياسة إرضاء الشعب العراقي وخصوصاً المحرومين منهم وبناء أسس المصالحة الحقيقية التي تضمن حقوق المظلومين قبل الظالمين…وعسى أن تنفع الجهود الخيرة للتقارب بين قيادات الطيف العراقي لو على كلمة سواء أن لا نشرك في أمور العراق أجنبي، لا من قريب ولا من بعيد…لكن هل هذا ممكن؟
أما بخصوص الأعلام العربي ومقارنته بالإعلام العراقي فهذا أمرٌ بعيد عن احتمالات الممكن أو المنطقي. الإعلام العربي مسير ولديه تجربة طويلة في قلب الأمر لصالح الملك أو قائد الضرورة أو لمن يدفع الأكثر…وما أكثر أموال النفط المباح صرفه. أما الإعلام العراقي فهو مجزأ بقدر القيادات وأنواعها وتباعد المنطق السياسي أو الحس الوطني. والمثقفون العراقيون مع شديد الأسف في أشد أنواع العوز لكي يتلونوا حسب ألوان الدولار أو اليورو أو الدينار والدرهم والليرة…وقد لا يلامون إن كنا نؤمن بأن الفقر قاتل…يقتل ضمير صاحبه إن لم يكن مؤمناً وثابتاً على مبدأ…ويقتل الآخرين الأبرياء حين تلقيهم التلفيق والكذب والدجل.
لا أريد تعداد الصحف العربية والمواقع المأجورة والكتاب والمثقفين…وسماسرة بث الإشاعات والتضليل…لكن كلها مؤثرة في بناء العقلية العربية وسياقها نحو مصالح ضيقة لا تنفع بل تضر.
لدينا في عراق اليوم أشخاص يعدون على قدر أصابع اليد الواحدة يبثون السموم، ولدينا الكثيرين ممن يدسون السم بالعسل. والأجهزة الحكومية التي من واجبها حماية الشعب العراقي من كل ضارة غارقة في محاربة الخارجين عن القانون ولا تحارب من يهيأ الأجواء والظروف ويدعم بكل الطرق غير المشروعة للخروج ليس فقط على القانون وإنما الخروج عن القيم والأخلاق الإنسانية.
المخاطر كثيرة…وأعداء العراق والإنسانية يستغلون كل الظروف وكل حركة لأن من ورائهم مؤسسات ذات قدرة شيطانية كبيرة تعرف كيف يمكن استغلال الطفل المشرد والمتسول في الشوارع، والمرأة الأرملة التي لا معيل لها…والطلبة والكسبة…وكل المحرومين ليكونوا أكثر ضرراً من المفخخات…أين خطط الحكومة الاستراتيجية من كل هذه الكوارث.
المخلص
عباس النوري
[email protected]
18/05/08