فجأة هبّ العرب السنة لنجدة لبنان من هيمنة إيران الشيعية، واجتهد العرب لإيفاد لجنة للجامعة العربية إلى بلاد الأرز، ليس بها مؤيد للموالاة، ولا للمعارضة، لتسهيل عملية إيجاد الحل لأزمة الفرقاء اللبنانيين، وكان أن شكّلت لجنة لا هي سنية ولا هي شيعية، انتقلت إلى بيروت وجمعت الفرقاء ونقلتهم إلى الدوحة، العاصمة القطرية، ومقر القيادة الوسطى للقوات الأمريكية التي غزت العراق، ولا تزال تسهر على أمن الصهاينة وتؤمنه.
نقلت الوفود اللبنانية من «معارض» للسنة إلى «معارض » للشيعة وفتحت طرقات بيروت وأزيلت الحواجز، وقبل الموالاة بإلغاء قراري حكومة السنيورة المتعلقين بقائد أمن مطار الحريري ببيروت، وشبكة اتصالات المقاومة اللبنانية، وطارت الطائرة القطرية إلى الدوحة…
الكل اطمأن إلى أن لبنان ستصل إلى حل أزمتها، لكنني بالمقابل كنت أتابع زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى الكيان الصهيوني بمناسبة مرور 60 عاما على إقامته بأراضينا العربية، وسمعت جيدا وبدون تشويش أن بوش هنأ إسرائيل على قيامها وتمنى لها أن تحتفل بعيدها ال 120 والعشرين قبل أن يطير إلى المملكة العربية السعودية، وطار بوش بالفعل واستقبل استقبال العظماء بالعاصمة الرياض، التي وعده قادتها برفع إنتاج النفط السعودي ، وطار بوش بعدها إلى شرم الشيخ المصرية، لملاقاة حبيب القلب مبارك، وطار مع طيران بوش كل أمل في استدراك وهننا كعرب ومسلمين، فالرجل إن كان رجلا يعي أن «زعماء » العرب هم خير ضمانة لأمن وسلامة الصهاينة لذا فهو قبل اعتذار رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ،عن ملاقاته بشرم الشيخ، فالرجل مشغول بإشغال المقاومة الإسلامية في صراعات داخلية مفبركة، شأنه شأن راعي المفاوضات، فالكل يراهن على الإشغال، إلا أمريكا والصهاينة الذين يراهنون على شيء آخر، أكبر بكثير مما يتصوره المفاوضون، الذين يتفاوضون للوصول إلى نقطة تقاطع، فإسرائيل وصلت إلى قناعة مؤكدة، مؤداها أن أبواب جهنم قد فتحت عليها، فحزب الله الذي غير موازين القوة في لبنان والمنطقة ككل لم يستول على السلطة في لبنان بل سلمها في وقت كان بإمكانه السيطرة عليها إلى الجيش اللبناني، وهذا ما فسرته إسرائيل على أن المقاومة الإسلامية في لبنان لم تقع في الفخ ولم تلهث وراء السلطة، بل فضلت الاحتفاظ بهويتها الأساسية كمقاومة للاحتلال الصهيوني، وهذا لربما ما يفسر إيحاءات وأوامر الصهاينة والأمريكان لعملائهم في لبنان بضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات، في أرض بسطت عليها أمريكا هيمنتها، لربح بعض الوقت ليس إلا، فأمريكا وإسرائيل تعيان تمام الوعي أن الألفة بين الشيعة والسنة في العالم الإسلامي والتي استمرت لقرون، سوف لن تفجرها شطحة أمريكية صهيونية، ولذا أقول ، فلتستعدوا لما هو آت وهو أعظم…
جمال الدين حبيبي