المكان معسكر عش غراب الواقع بمدينة بيت ساحور الفلسطينية والذي انسحب منة جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل ما يقارب السنة، الزمان 15-5- 2008 ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني الكبرى، الساعة العاشرة والنصف صباحا، الحدث العشرات من غلاة المستوطنين الذين جمعوا أنفسهم وعقدوا العزم على إقامة بؤرة استيطانية في معسكر عش غراب وبحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
بلمح البصر كانت وكالات الأنباء والزملاء الصحفيون في الموقع، حيث عربد المستوطنون وأعلنوا أنهم بصدد إقامة بؤرة استيطانية في المنطقة التي تعتبر المتنفس الوحيد لمدينة بيت ساحور وبلديتها التي عقدت العزم على إنشاء مشاريع خدماتية في جبل غش غراب وقد نجحت بذلك حيث العمل يجري على قدم وساق إلى أن باغت المستوطنون عمال المشروع.
هذا المشهد الاستيطاني ليس غريبا، لان دولة الاحتلال تضع كل ثقلها لبناء الوحدات الاستعمارية وتدعم المستوطنين بلا حدود، وتصادر أراضي أصحاب البلد الأصليين لإقامة المزيد من المستوطنات في ظل مهزلة تسمي المفاوضات ووعود كاذبة بإقامة الدولة الفلسطينية على ما تبقى من الضفة الغربية بمعزل عن مدينة القدس المحتلة التي تخضع للتهويد وتغير المعالم على مدار الساعة.
الغريب في هذا المشهد الاستيطاني أنة صادف ذكرى النكبة الفلسطينية، حيث الاستنفار في أوساط الذي يطلقون على أنفسهم قيادة العمل الوطني الفلسطيني، هؤلاء الذين كثفوا شعاراتهم في الأسبوع الأخير حول حق العودة والجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الأرض والإنسان والشجر والحجر، بمعنى آخر، لقد رفعوا سقف الشعار الغير مدعوم بممارسة عملية، لا أريد أن أسهب في الحديث عن هذه الشريحة التي باتت عبئا على الشهب، وسأعود لاستعيد المشهد في عش غراب حيث وقف المحامي فريد الأطرش وحيدا يقارع المستوطنين وجيش الاحتلال.
حضر إلى المكان رئيس بلدية بيت ساحور السيد هاني الحابك، بقي لبعض الوقت وغاد، ثم حضر المحافظ صلاح التعمري والنائب فؤاد كوكالي، طلب منا التعمري أن نطلق نداء عبر المحطات المحلية لكي يتوجه المواطنين والفعاليات إلى الموقع، أطلقنا النداء، ولكن لا حياة لمن تنادي، وكأنك تخاطب جثث، وبعد حين حضر المحامي فريد الأطرش الناشط في الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، وكان الوحيد الذي لبى النداء، لحظة وصولة توجه إلى حيث يقف جيش الاحتلال وطلب منهم أن يخرج المستوطنين، وبالطبع لم يصغوا إلى كلامه، وإذا بشاب يافع يأتي بالعلم الفلسطيني، انتزعه منة الضابط الإسرائيلي، إلا أن الأطرش تدافع مع الجنود واستعاد العلم ورفعة في وجوههم، بعد دقائق مرت سيارة للمستوطنين، وقف الناشط في مجابهة الاستيطان ضرب بيده على السيارة بقوة وأمرهم بالرحيل، تكرر المسهد مع سيارة ثانية وثالثة، إلى أن حضرت شرطة حرس الحدود.
طلب حرس الحدود من المتواجدين وهم قلة مغادرة المكان، وإذا بسيارة أخرى تستقلها مستوطنة تقترب من المكان، واجهها المحامي الأطرش، صرخ بالمستوطنة طالبا منها المغادرة، لحظتها انقض علية عشرة جنود سحبوه بقوة إلى جيب عسكري، قيدوا يديه وبعد ساعات اقتادوا إلى معسكر كفار عصيون ليوجهوا له تهمة الاعتداء على جندي وأطلقوا سراحه بكفالة مدفوعة بقيمة إلف شيكل”270 دولار.
ما فعلة المحامي الأطرش عاديا يقوم بة المئات من المواطنين الفلسطينيين المنتميين إلى أرضهم وقضيتهم في قرية بلعين يرام اللة وأم سلمونة ببيت لحم وفي مدينة الخليل وكل أنحاء الوطن الفلسطيني المحتل، ولكن الغير عادي أن يقف هذا الرجل وحيدا في مواجهة أكثر من مئة مستوطن وجندي إسرائيلي، الغير عادي أن محافظة بيت احم تتجاوز المائة والثمانين ألف مواطن، والمفارقة أن الحدث وقع في ذكرى النكبة حيث الحشود الجماهيرية التي دعت إليها لجنة إحياء ذكرى النكبة.
لقد اسقط المحامي الأطرش الذي قاوم وحيدا العشرات من غلاة المستوطنين المحميين من جيش الاحتلال ورقة التوت وكشف عن عورات من المدعيين الذين ينظروا ليل نهار للوطن وثوابته، واثبت أن النضال في أيام أصبح مدفوع الأجر، فهناك من تمتلئ جيوبهم وتتضخم حساباتهم في البنوك الاجنية، وهناك مثل الأطرش الذي يدفع ثمن مقاومة للاحتلال والاستيطان من جيبه الخاص، وبالمناسبة تحدثت مع الصنف الأول الذي اتخم على حساب الشعب للمساعدة في دفع الكفالة المالية”1000″ شيكل، وكان أنهم ” قطعوا أياديهم وشحدوا عليها”.