محمدعبدالرحمن
مع أنّ الحاخام بوش لا يعيش في معمعة أرذل أراذل العمر التخريفية إلا أن هرطقاته التي اجترحها من مخيال الخبل
محمدعبدالرحمن
مع أنّ الحاخام بوش لا يعيش في معمعة أرذل أراذل العمر التخريفية إلا أن هرطقاته التي اجترحها من مخيال الخبل وهو يحلق في فضاء النبوءة تحت قبة الكنيست الإسرائيلي تكاد تجزم بانقطاعه التلمودي عن العالم الوجودي إلى الدرجة التي جعلت أكبر الصقور الصهاينة يبدون أمامه كطيور كناري باعترافهم هم ، فقد قال عنه الليكودي العريق سيلفان شالوم بعد أن استمع إليه : إنه بدى أكثر صهيونية من وزراء عدة يجلسون في حكومة إسرائيل !.
كان خطابه في الكنيست بمناسبة الذكرى الستين للنكبة يستحق أن يضاف كملحق عصراني إلى سفر إشعيا لتكتمل به الرؤيا العبرانية للكون، فقد تحدث فيه بلسان الرّب عما سيجري على كوكبنا لقرون قادمة ، بل وحدد تواريخ ثابتة إلا فيما يتعلق بموعد ظهورالدولة الفلسطينية : في الخامس عشر من أيارعام (2068) سيحتفل أحفاده مع أحفاد أولمرت وشارون وبن غوريون بمرور 120 عاماً على قيام دولة الشعب المختار بلا حماس ولا حزب الله ولا أي من قوى (الإرهاب) العربي والإسلامي وبديمقراطية سياحية تجارية استثمارية خلاقة كعبتها إسرائيل وتمتد من القاهرة إلى بيروت إلى الرياض إلى بغداد بعد أن تمر بدمشق (المحررة)!.
البعض العالمي سمّى الخطاب البوشي (وعد بلفورالثاني) ، لكنه في الواقع ليس كذلك إذا ما قارنا لغة بلفور الدنيوية ـ الدينية الذرائعية بلغة بوش المحض دينية الطقوسية الإملائية ، وفي حين كان (وعد بلفور) قد استند لترجمة ذاته فوق الأرض الفلسطينية على إرادة القوة الإستعمارية الغربية الغاشمة فإنّ خطاب بوش يستند على حتم القوة الغيبية المطلقة قبل غطرسة القوة الدنيوية الأمريكية ـ الصهيونية النسبية وهذا ما يضعه أمّا في مصاف الأسفار والمزامير والأناشيد والوصايا الديانية العبرانية أو في مصاف الخَرفنة ، وما دام بوش يعدّ من صنف المجانين المخرفنين فلا يمكن تحميل هلوساته أكثر مما تحتمل .
على أنّ قناع الثقة البلهاء الذي غطى وجه بوش لم يستطع أن يخفي ما لايمكن إخفاءها من ملامح الخوف ، الخوف الهائل من كل ما تعنيه كلمة فلسطينيين التي لم يأت على ذكرها سوى مرة واحدة عندما علقت في زردومه كشوكة أثناء ما كان يتلو على الملأ التلمودي ما تيسر له من سِـفر الجنون ، ولعل في حماسة وناريّة ونازيّة (التصفيقات) الجماعية الكينيستية التسعة عشرة للحاخام بوش ما يدلّ على حجم حاجة الصهاينة الغريزية والنفسية والوجودية والتاريخية والجغرافية والسياسية والأيديولوجية والإستراتيجية والتكتيكية إلى دفعة معنوية حتى وهم يتربعون على عرش العنجهية وحتى ولو جاءت هذه الدفعة المعنوية من لدن رئيس أمريكي ممسوس وذاو وآفل ومفلس وممقوت ولم يسبق لأي رئيس أمريكي أن حظي مثله بكراهية شعبه قبل بقية شعوب العالم.
إنما السؤال الذي لا بد من إثارته قبل أن ننتهي من المنتهي الصلاحية عقلاً وولاية :
مالذي تجنيه العواصم العربية المعنية من تلهفها على استقبال هكذا مخبول و( إكسباير) ولا يعدها سوى بالديمقراطية بأمثولتها العراقية ؟!.