ميساء البشيتي
هل تعودين ؟
هل يتكلم الموتى ؟؟؟ هل يعودون ؟؟؟
بالأمس البعيد وأدنا ذلك الحب وأقمنا له مراسيم التشييع ، رحلت ِ أنت ِ ورحلت ُ أنا ورحل ذلك الحب الوديع .
أتاني صوتك في هذا الصباح الجميل عبر أثير مذياعي العتيق ، أيقظ في ّ شعلة ً من الحنين ،
كيف افترقنا وباعدت بيننا السنين ؟
وقفت ِ أمامي ترتجفين كقطة بللها المطر وثلج كانون ، تلعثمت ِ وارتجفت الحروف على شفتيك ، قلت ِ : أحبك ودثرت رأسك وأخفيت سيلا ً من الدموع ثم تساءلت ِ : أهي الخطيئة ؟
فأجبتك وأنا أخفي ضحكة تشفي غرور قلب محب ٍ متيم ٍ مجنون : لا ، لا ، كيف يكون الحب خطيئة ؟ جِنّي ولا تخافي فأنا بك من قبل أن أولد متيم ٌ مجنون .
اندفعت ْ بكل جنون تطرح مشاعرها الندية أرضا ً وأنا بكل غرور أدوس عليها بأقدامي لا لأجل أن أصل قلبها ، فقلبها بات بين يدي أشكله كالعجين ، ولكن كي أدوس قلوب نساء ٍ يتسابقن على فؤادي، يطلبن ودي ، يحلمن بي فارسا ً يمتطي صهوة السنين .
تيقظت ْ فجأة ودبت فيها نار الغيرة واستعر الأنين ، قالت : ولكنهن حولك كثر وأنا أريدك
لي وحدي دون الآخرين .
قلت : وما ذنبي ؟ هذا شأن الحريم .
لم أخف ِ عنها شيئا ً لكنها الغيرة الحمقاء مزقت قلبها الغض الطري ، والتمثال بداخلي لم يرأف لحالها ، لم يرحمها ، لم يصغ لشكواها ، لم يلن .
جاءني صوتها عبر الهاتف متهدجا ً باكيا ً ضاحكا ً حنونا ً، قالت : اشتقت لك هل نعود ؟
ربما تحركت مشاعري نحوها وحاولت أن تقفز إليها وتضمها إلى حجيرات القلب من جديد ، لكنه القدر ، هي الأيام ، لم يكن ذنبي ، تاهت مني في زحمة السنين وأنا تهت منها ، من نفسي ، من الآخرين .
كان كلما يداعبني طيفها في عتمة المساء ، أو يتسلل لي صدى ضحكها المتواصل ، أو حتى بحة الأنين ، أثور كالمجنون ، أذرع الطرقات بحثا ً عنها لكن دون جدوى .
لم أيأس ، سكنت باب دارها ولوحت لها بالشمال وباليمين ، لم ترني ، كانت تمر ّ من أمامي كالضرير لا يمّيز بيض الوجوه من حمر الذقون .
واليوم أتاني صوتها المتهدج الباكي الضاحك عبر الأثير ، أيقظ فيّ نيران الحب … فهل نعود ؟
وإن زرت بيتها ،خاطبا ً ودها ، متعبدا ً في محراب عينيها ، طارحا ً قلبي المعذب أرضا ً كي تدوسه بأقدامها الطاهرة ، فهل نعود ؟
وإن أخبرتها بأني قد حطمت التمثال في داخلي ، فهل نعود ؟ هل تعودين إلى ذلك القلب المعذب يا مهجة القلب ؟ هل تعودين ؟
ميساء البشيتي