يبدو أن الإرهاب في اليمن كما أظهره التقرير السنوي الصادر عن الخارجية الأمريكية عن الإرهاب بدأ يتخذ طابعا آخر، فمجرد التبني له من قبل السلطة -كما ألمح التقرير-لم يكن في الحسبان، إذ أن التهمة بحد ذاتها خطيرة، تؤشر نحو أزمة وتيرتها مشتدة في العلاقات اليمنية الأمريكية. لكن منطق السياسة واللعب بمتاحات الضغط تفرض استخدام ما أمكن ومن يشتبه به في سبيل تحقيق أهداف سياسية، فإرادة البقاء تدفع نحو التشبث ولو بقشة!!
ولعل استدلال ذلك التقرير باستمرار تأييد رئيس الجمهورية للشيخ” الزنداني “وجامعته واعتبار ذلك عدم وفاء من اليمن بالتزامها للأمم المتحدة إزاء الأخير دليل على قدرة الأول ونجاحه في استخدام الأخير ورقة ضغط ليس إلا، الزنداني الذي ينتمي إلى حزب الإصلاح والمعروف بمواقفه التي تعدت مواقف حزبه وشكل دعامة قوية للرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية الماضية حين رفض الإفصاح عن تأييد أي من المرشحين وهو ما عده بعض قواعد الإصلاح إشارة باتجاه انتخاب (صالح) الذي كان زار جامعة الإيمان إبان حملاته الانتخابية ووعد بتوظيف طلابها.. قد يكون الإحساس بحرج المرحلة التي تمر بها البلاد وتفاقم الأزمات بوتيرة متسارعة أخذة نحو التصعيد في جنوب اليمن وصعدة والأزمات الاقتصادية والأحداث الأخيرة وما يبدو أن تصلب المعارضة في مواقفها هو ما جعل النظام في حالة اهتزاز وارتباك، أدى إلى استخدام تلك الاستقطابات المضرة والتوظيفات المرتبكة لمواجهة سخط التقارير الأمريكية التي قالت إن الحكومة اليمنية استمرت بتنفيذ ما وصفته ببرنامج استسلام ذي متطلبات متساهلة مع الإرهابيين الذين لم تستطع إلقاء القبض عليهم والذين تم احتجازهم بأسلوب متساهل إلى حد ما، وكذلك إطلاق سراح المعتقلين الذين عادوا من جوانتنامو بعد فترة قصيرة من التقييم وإعادة التأهيل وعدم تأكيد الحكومة اليمنية الاحتجاز المستمر لجمال البدوي الذي قال التقرير إنه العقل المدبر للهجوم على المدمرة u. s. s cool..
وعلى الرغم من أن اليمن استجابت لعروض الولايات المتحدة الأمريكية مساعدتها في مكافحة الإرهاب وإصدارها قانوناً لمكافحته. وقيامها تأسيس مجموعة عمل معنية بصياغة مشروع قانون شامل لمكافحة الإرهاب إلا أنه لم ينل رضا الولايات المتحدة الأمريكية فقد وصفت ذلك القانون بأنه ضعيف إضافة إلى افتقار اليمن إلى قانون شامل لمكافحة الإرهاب وعدم فعالية القضاء اليمني. وبالنسبة للشيخ الزنداني تظل المسألة شائكة كونه واقع تحت استقطاب واضح وضعه في موضع لم يستطع التخلص منه أو البت فيه، فهو متهم بتمويل الإرهاب وأصدرت ضده الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات عام 2004م بقرار رقم (1267) ألزم الحكومة اليمنية باتخاذ إجراءات منعه من السفر وتجميد أمواله وحين تقدمت الحكومة بتاريخ 6 أغسطس العام الماضي طلب دراسة إلغاء تلك العقوبات، قال التقرير إن الرئيس صالح استمر طوال العام بالتعبير عن التأييد الشعبي للشيخ الزنداني وجامعته، معتبرة ذلك نوعاً من عدم الالتزام تجاه الإرهاب.
*كاتب وصحافي يمني
صحيفة الوسط اليمنية