الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية وما جرى من تحول كبير بين الفرقاء الذين كانوا مختلفين سياسيا ، وممارستهم لادوار المعارضة السلمية المتمثل بالإضراب الكبير ومسيرات الاحتجاج والانتقال نحو الاقتتال والحسم العسكري وانقضاض حزب الله وقوى المعارضة بقوة السلاح على بيروت العاصمة العربية ، العاصمة الجميلة ، العاصمة الحزينة ، الأمر الذي أدى إلى حدوث اقتتال داخلي بين معارضه وموالاه ، بين من مع وبين من ضد ، سقط على أثره عدد من القتلى والجرحى الأمر الذي سيترك الباب مفتوحا أمام صراع قد يمتد إلى ابعد من ذلك بكثير و لربما تفقد الأحزاب والتيارات الحزبية المتحكمة في الصراع حاليا قدرتها على السيطرة وتتوجه لبنان من جديد إلى حرب أهليه لا احد يعرف نهايتها ، خاصة وان تجربة الأشقاء اللبنانيين مريرة خصوصا وأنهم جربوا الحرب الأهلية ويعرفون أكثر من غيرهم ماذا تعني هذه ألكلمه ، وخطورتها خاصة وان التركيبة اللبنانية لها طابع خاص يختلف عن كثير من الدول حتى المجاورة منها بحيث أنها تجمع بين مجموعه من التناقضات المذهبية والحزبية والوطنية وتعدد الولاءات الخارجية داخلها مما يجعل الأمور تسير باتجاه الأكثر تعقيدا ، وتخرج عن حدود السيطرة سواء من جانب الموالاة أو المعارضة التي تشن هجوما بكامل ثقلها حتى تحقق أهدافها السياسية التي جزء منها معلن عنه تحت عنوان تغيير الحكومة الحالية والجزء الأخر هي أهداف لها أبعاد إقليمية وطائفيه وسياسيه من شأنها تغيير التركيبة السياسية في لبنان وهنا تنبع الخطورة من هذه المخططات التي تبقي الباب مفتوحا أمام القوى التي تريد أن تجعل من الساحة اللبنانية مكانا لتنفيذ مخططاتها ولو حتى على حساب الأشقاء اللبنانيين .
وفي ظل الأحداث المؤسفة التي إن دلت على شيء فإنها تدل على النوايا المبيتة تجاه حكومة السنيورة وأتباعه من أحزاب وتيارات وشخصيات مذهبيه وسياسية ، وما حالة الانقضاض على بيروت إلا دليل على أن المعارضة كانت تخطط لهذا الهجوم منذ وقت طويل ولم يكن وليد اللحظة بل انه اعد له جيد وتمت عمليات الاجتياح لبيروت وفق خطط تم وضعها بعناية مما زعزع قوى الموالاة وفاجأتهم هذه الأحداث في الساعات الأولى كونهم لم يعدوا أنفسهم جيدا للدفاع عن قراراتهم التي أصدروها ثم عادوا وتراجعوا فيما بعد عنها، بحجج واهية تدل على مدى ضعفهم وعدم مقدرتهم على المواجه في ظل الترسانة العسكرية لحزب الله والتي تفوق عتاد الجيش اللبناني وعدته وذلك بفضل الدعم الإيراني والتجهيز الإيراني والذي لا يختلف عليه احد تماشيا مع أهداف إيران في زيادة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط الأمر الذي يزعج دول الجوار والخليج العربي وذلك لاختلافات عديدة أبرزها الصراع المذهبي والأهداف السياسية التي تختلف في غاياتها وطرق الوصول إليها إضافة إلى رغبات الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .
وهنا وفي ظل الوضع المتأزم في لبنان ونتيجة لكل ما جرى نجد أن الأيام القادمة ستكون اشد خطرا على اللبنانيين خصوصا إذا لم يتنبهوا لكل الأخطار التي تحدق بهم من كل جانب ، والمطلوب الآن هو نبذ الخلاف القائم ومحاسبة كل من ارتكب جريمة أو جنحه خلال فترة الأحداث والعودة إلى طاولة الحوار الوطني حتى يعود الاستقرار للبنان ولا يغرق في ظلام دامس وآهات الحرب والاقتتال التي لا يعلم احد عواقبها إلا اللبنانيين أنفسهم فهم خاضوا تجربتها من قبل