خالد القره غولي كاتب وصحافي عراقي
ما حدث في لبنان مؤشر خطير لإنهيار الحكومات العربية وخطوةٌ ناجحة لبسط نفوذ أقليات عقائدية أو حزبية أو حتى طائفية إن صح التعبير .. وما حققه حزب الله ليس بالأمر الهين أو العابر ، على الرغم من التداخلات والتفسيرات والتأولات المتشابكة والغامضة التي قد تحدثها كلمة غير مقصودة من هنا أو هناك ضيعها مقاتلوه ومع الأسف الشديد بعيارات نارية قتلت بعض لمساكين من بائعي الخبز أو أحرقت مكاتب إعلامية أو أغلقوا شوارع بيروت الخالدة ثم قرروا الانسحاب ؟!
لكن ببساطة خاض مقاتلو حزب الله حرباً شرسة وأستطيع أن أطلق عليها حرباً مترية ، ضد القوات الإسرائيلية ، هذه الحرب أسقطت رهانات وأكاذيب عدة لعل من أبرزها ثبات ستراتيجية عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على حربٍ طويلة الأمد وإمكانية الوصول والقدرة على تأجيل الوصول بالصواريخ لكل الأراضي المحتلة ، أي أن ما تحقق نصرٌ كامل بكل المعايير السياسية والعسكرية والعقائدية وحتى الدينية لو لم يكن الذي قاد تلك الحرب مستقلاً وشبه منسلخٍ بالكامل عن الدولة اللبنانية ، مع أن السيد حسن نصر الله إجتهد لكي يبدي للعالم أنه على الأقل لبناني ويدافع عن أرضٍ لبنانية مغتصبة ! وهو عكس الحقيقة تماماً فالدولة اللبنانية ممثلةً بالرئاسات الثلاثة المتناحرة إشتركت في تأييد هذه الحرب وعكس ذلك معناه الانتحار السياسي ، فرئيس الجمهورية السابق المؤيد لسوريا تربطه جبهة موحدة مع نصر الله وعلاقة متأرجحة مع رئيس التكتل النيابي ، وأنا على يقين تام أن الدعوة السابقة التي وُجهت لاستقالة الحكومة لو يترك الأمر للسنيورة لاستقال فوراً وكفى الله المؤمنين القتال ، لكن الّذين أوصلوه إلى الحكم لا يمكنهم القبول بتقاعده بهذه السهولة في خضم الموقف الحرج الذي دخلت به الأحزاب السياسية الآن بعد التطورات الأخيرة ووصول لبنان الى حافة حرب جديدة لا أقول عليها أهلية بل حرباً عالمية إن صح التعبير بعد دخول أغلب دول العالم الى معترك صراع سياسي جديد في لبنان وإستبدال ساحة العراق بساحات أخرى مؤقتاً أو على الأقل قلب التوازنات ووضع اتفاق الطائف على الرفوف .. نعود إلى حزب الله وهو حزبٌ غالبية أعضائه من الطائفة الشيعية المهيمنة على منطقة الجنوب اللبناني وأجزاء واسعة من بيروت والبقاع وبعلبك وغيرها من المدن اللبنانية اللاهثة وراء الاستقلال والأمان ، زعيم الحزب لا يخفي في أي مناسبة إرتباطه الوثيق بإيران وسوريا وهو ما يعتبره السياسيون بصورةٍ عامة ليس عيباً إذا ما فسر باتجاه المقاومة والتصدي للمحتل ، لكنه في الوقت نفسه أعرب وبمناسبات عدة بعد وقف القتال وبأسلوب قريب من أساليب رؤساء الدول أن هنالك أموراً كان يجب دراستها أو التأني بها قبل خوض هذه الحرب وهو ما لم يتجرأ خصومه على التصريح به ما يدعو إلى أن الأمور تسير قريباً من جادة وضوح الرؤية الأيديولوجية المرتبطة مع الواقع السياسي الاستراتيجي للمنطقة ككل .. ثم عاد في خطابٍ آخر وبدأ بتعبئة الشارع من جديد هذه المرة ضد خصوم الداخل وبوضوح هم ومن يقف وراءهم متناسياً أنه داخل دولة في ظل دستور وحكومة ووزارات .. الخ ، الحرب في لبنان تشتعل من جديد والسلاح المستخدم المايكروفونات وقسم منها مصنع ( أي المايكروفونات) في سوريا وإسرائيل وإيران وأوربا والسعودية باستثناء لبنان الصامت المخرب المدمر الذي يحتاج الى اعمارْ ما هدم وليس الى ردود نارية ومساجلات بين أحزاب وكتل نيابية وفرق طائفية ومنظمات سياسية مثلما أراد جنبلاط وجعجع والحريري ونصر الله وسعيه لسحب البساط من كل الأحزاب والتكتلات السياسية والانفراد المطلق بالسلطة لكن ليست الشرعية وإنما المدعومة من دولتين سوريا وصراعها الإستراتيجي مع الإسرائيليين والتصدي لأي فرصة تحرمها من التفاوض الآن وفي المستقبل على الجولات .. وإيران وحصولها على القنبلة النووية بثمن جديد هو مستقبل الشعب اللبناني بعد أن فقدت أو بالأحرى بدأت تفقد أبرز مواليها وأنصارها في العراق .. نقول لكل الأخوة في لبنان المسيحيين والمسلمين من السنة والشيعة وغيرهم إلتفتوا فقط الى ما يجري في العراق وأسالوا عن المستفيد من إحتلاله وإتساع الخراب والفتنة بين أهله ؟ أو عودوا الى عام 1975-1990 وقارنوا ! فقط لا غير…..