حاورها: بسام الطعان
إعلامية متميز، ومذيعة ناجحة بكل المقاييس، تعمل في التلفزيون العربي السوري، وهي أيضا شاعرة مبدعة تسبح في فضاءات النجوم، وقبل هذا وذاك ، هي إنسانة مسكونة بالقيم والمحبة والعطاء، وعلى الرغم من أنها تعيش بعيدا عن اللقاءات الأدبية المفعمة بالادعاءات والصخب، إلا أن لها حضورها المميز ومكانتها في المشهد الثقافي السوري ، وهي مزدهية بالقصيدة ، موشحه بالإيمان بها وبقدرتها على الوصول إلى المتلقي بشكل بديع، لها صوت رخيم يغسل أوجاع الروح، ومن يستمع إليها وهي تلقي قصائدها، يشعر وكأنه يغتسل بنسائم المساءات الباردة، ويتنشف برفيف ملائكة.. على هامش مهرجان القامشلي الشعري الرابع، وضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، التقينا بها، وتقديرا لمسيرتها الإبداعية ، أحببنا أن نقدمها للقارئ العربي عبر هذا الحوار :
ـ ما الذي قادك إلى عالم الأدب بشكل عام، والى كتابة الشعر بشكل خاص، وخاصة انك إعلامية متميزة، ومذيعة ناجحة؟ وما هي الصفة التي تنطبق عليك، الشاعرة أم المذيعة؟
* بداية أقول إن الإعلام والأدب شقيقان لا يجب أن يتفرقان، فالإعلامي الذي يجهل عالم الأدب سيكون دون شك إعلاميا هشا، تنقصه الجزالة والملكة،والأديب الذي يفتقر لغة الإعلام سيكون كاتبا أو شاعرا فقط بين صفحات ديوانه أو مجموعته الشعرية،أما أنا فحين أكون على منبر الشعر لألقي قصيدة.. أو حين أكون في استديو التلفزيون لتقديم احد البرامج أشعر أولا بمسؤولية، ثم اشعر بالسعادة، ولعل الأولى هي التي تولد الثانية.
ـ هل فكرت بكتابة أي جنس أدبي آخر غير الشعر، أم انك تحسين أنك شاعرة بالدرجة الأولى؟
* حين قررت أن اكتب الشعر، لم أقرر أي نوع سوف اكتب( عمودي،تفعيلة، نثر) بل كتبت فحسب، ولكن قبل أن اكتب اختلجت في نفسي مشاعر متلاطمة دفعتني إلى كتابة الشعر، وحين ألقيته وجدت له متلقيا ربما… لأنه نابع من القلب، ونابع من مخاض عسير لمشاعر جياشة، ولكن قبل كتابة الشعر كتبت القصة والخاطرة.
ـ كيف تنظرين إلى واقع القصيدة السورية ، هل فيها أي تجديد، وكيف تصفين علاقة الجمهور السوري بالشعر، وهل من بروز ظواهر شعرية جديدة في منطقة الجزيرة السورية التي تنتمين إليها؟
* الشعر جزء لا يتجزأ من الساحة الثقافية السورية، إن لم نقل مركزها، لكنه في الآونة الأخيرة أصبح كالعملة النادرة، قد لا يقدر قيمتها إلا من يعرف تاريخها.
ـ هل الحياة بدأت بالتسلل خارج النص الشعري العربي، وهل من أشياء أو عوامل تستطيع أن تبعد الشعر عن الساحة الثقافية، وتمهد الطريق إلى إعلان موته البطيء؟ هل هذا ممكن؟
* الشعر كان في يوم من الأيام كل شيء ، كان مدحاً،هجاءً،رثاءً، غزلاً، حماسة، أما اليوم أصبح موجها بشكل شخصي وفردي، وأصبحت الكلمات ملكا لمن يصفها على الورق، والنتاج يبقى حظاً إن كان شعراً أو ما يشبه الشعر.
ـ أي نوع من أنواع الشعر له المستقبل أكثر من غيره، الكلاسيكي، أم التفعيلة، أم النثر ولماذا؟
* لكل زمان دولة ورجال.. في زمن الجاهلية كان الشعر الموزون والمقفى هو المتعارف عليه، أما الآن فشعر التفعيلة هو الذي ما أصبو للوصول إليه، وإن كان عمري الشعري لم يتجاوز بضع سنوات، إلا أن اللحن الذي يربط القصيدة المعمودية يستطيع أن يصل إلى المتلقي بشكل أفضل، وان يجذب انتباه المستمع، هذا رأيي.
ـ هل يستطيع الشعر أن يكون محايدا، ولا يعبر عن هموم ومتطلبات الجماهير، وهل يستطيع الشاعر كإنسان وكفرد أن يتجاهل علاقته بهموم الناس وبالأشياء والتفاصيل المحيطة به؟
* عندما يصبح الشعر محايدا لم يعد شعرا، فالشعر إما أن يكون مع آو ضد، وحين نقول مع وضد فهذا ينطبق على الطبيعة والحب والسياسة و… الشعر رسالة تحمل بين كلماتها نهجا يعبر عن صاحبه، فكم من المسؤولية تقع على عاتق كل شاعر حين يكتب شعرا.
ـ السينما والتلفزيون، هل صادرا الثقافة العربية ، وهل الجمهور غاب عنه الحس الثقافي وبات لا يقوم
بأي جهد في سبيل التحصيل الثقافي الأصيل، ونراه يتكئ، يتمدد، ليقرأ الرواية أو القصة على شاشة السينما والتلفزيون؟
بأي جهد في سبيل التحصيل الثقافي الأصيل، ونراه يتكئ، يتمدد، ليقرأ الرواية أو القصة على شاشة السينما والتلفزيون؟
* أولا كان الشعر، وسوق عكاظ كان صورة عن تربع الشعر على سدة كل التجمعات البشرية، لا بل كان ميزة يتباهى من يملكها ومن يحفظها ، ثم جاءت السينما بمساحة صالتها الصغيرة لتعطي لونا جديدا من الثقافة، لونا كان بمثابة الثورة فأن يقترن الصوت بالصورة في إطار فني وبحضور شخصيات تمثيلية، كان ثورة في وقتها، ولكن هذه الثورة كانت حكرا لطبقة معينة، وجاء التلفاز ليدخل كل بيت ليعطي الجميع بنفس المستوى، وتطورت البرامج التلفزيونية في تنوعها حتى راحت تناسب الجميع إلى درجة أن أحدا لم يعد يبرح البيت لحضور أمسية شعرية، وفي التلفاز قنوات متخصصة للشعر، وأخيرا الانترنيت مالئ الدنيا وشاغل الناس، هذا ما قالوه عن المتنبي، وها نحن نقوله عن الانترنيت الذي أوصل الأرض ببعضها البعض، ورغم هذا ها نحن اليوم نشارك في مهرجان الشعر الرابع في مدينة صغيرة كالقامشلي، إذاً.. يبقى الشعر ملكته.
ـ أخيرا.. ماذا ينقص المرأة العربية، وماذا تحتاج حتى تبرز على
الخريطة الإبداعية ؟
* ينقصها الحرية بالتأكيد، وما يحز في نفسي هو قلة المشاركة في المهرجانات وفي هذا المهرجان من قبل الشاعرات، فمهرجان كهذا لم يقدم سوى ثلاث شاعرات.. أتمنى أن لا يكون في المهرجان القادم هذه الظاهرة لأن المرأة هي نصف المجتمع،وأخيرا أشكركم لأنكم سلطتم الضوء على مهرجاننا، وسلطتم بقعة منه على حياتي الشعرية، شكرا لكم.