منذ أن تصاعدت الأزمة في لبنان الشقيق – هذا البلد الذي نحبه جميعا – قبل أسبوع من الآن، لم يكن من الممكن إن أفعل إلا مثل الكثيرين الذين يخشون على لبنان وشعب لبنان بكل ما فيه من طوائف وتشكيلة سياسية واجتماعية مختلفة وغير موجودة في الكثير من الدول والبلدان سواء العربية أو غير العربية، فلقد تابعت “بنهم” كل ما يطرح في الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة ولم أقصر في قراءة الكثير من المقالات التي تمت كتابتها حول الوضع هناك والذي أثار اهتمام الجميع بما في ذلك الذين عادة ليس لهم اهتمامات سياسية ولا يتابعون تفاصيل ما يحدث هنا أو هناك في العالم.
خلال تلك الأيام -وحتى الآن- وضع الكثير منا أيديهم على قلوبهم وقد لاحظت بأن هنالك من الفضائيات والأقلام والشيوخ الذين تخصصوا في الهجوم على حزب الله وعلى كل القوى التي تقف مع حزب الله، وصار منطقهم يتماهى تماما مع المنطق الأميركي والإسرائيلي المعادي للأمة العربية والإسلامية، منطق يبعث على الاستغراب والاستهجان حيث انطبق المثل القائل “إن لم تستح فافعل ما شأت” تماما على كثير منهم ، إلا أنني لاحظت بأن الموضوع تجاوز الحياء وصار هؤلاء يتعاملون مع الموضوع بشكل فيه الكثير من “العهر” بحيث كنت أشعر بأنهم يجلسون عراة أمام شاشات التلفزة، ولم تعد حتى ورقة التوت التي كانت تغطي عوراتهم في هكذا مناسبات موجودة، لقد رموها بحيث جلس هؤلاء بكل عريهم المفضوح والمبتذل والباعث على التقزز والغثيان.
فضائيات شمرت عن “ساقها” وبدأت “تشتغل” على مدار الساعة بلبنان وقضيته في محاولة لإيهام من تريد إيهامه بأنها حريصة على لبنان وشعب لبنان، فضائيات لم نسمع منها كلمة مناصرة واحدة لا للبنان ولا لأهل لبنان عندما كانت طائرات الحقد تقوم بقتل كل شيء حي فيه في حرب تموز لا بل ضنت عليه بإظهار حتى الصور التي كانت تفضح الجرائم التي ترتكب ضد أطفاله وشيوخه ونساءه، ولم نسمع منها كلمة تضامن واحدة عندما كان لبنان يتعرض للذبح على مدار 33 يوما ولا نريد الحديث هنا عن موقفها فيما يتعلق بالعراق وفلسطين -غزة بالتحديد- وأين هذا التكثيف في العمل ” المخلص” فيما يتعلق بهذه القضايا.
لقد كانت بعض الفضائيات ولا زالت تتعامل مع الموضوع بطريقة فيها من التحريض على حزب الله والمعارضة بحيث نافست حتى فريق الموالاة في حقدها لا بل كانت هنالك “ولو بعض” من الأصوات في الموالاة أقل سوءا وحدة من تلك الفضائيات، وصارت تأتي بكل من يمكن إن ينضح من فمه ما تعجز عنه أنظمة مجاري بكاملها، وصارت بعض مقدمات ومقدمي البرامج يتعاملون مع المسألة بطريقة لا علاقة لها بالمهنية أو الموضوعية لا بل وفيها الكثير من الابتذال والسقوط المريع.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد لا بل كان أكثر سوءا عندما وجدنا أن بعض الفضائيات الأكثر تسويقا ” للحم والأجساد النسائية” تتحدث عن موضوع السنة والشيعة وتبدي خوفا على أهل السنة وأننا – السنة- معرضون لخطر ماحق، وهي في الواقع لا علاقة لها بأي دين أو أخلاق ولا بالسنة ولا بالشيعة ولا بأي قيمة دينية أو أخلاقية.
لم يتوقف الأمر كذلك عند هذا الحد بل صار يخرج علينا جماعات من ” المعممين” الذين يدعون بأنهم يمثلون السنة وأنهم من مفتي هذه الدولة أو تلك في محاولة بائسة يائسة لإقناع المشاهد بأن هنالك خطرا شيعيا على السنة، وأن هذا المذهب أصبح في مهب الريح، لقد تمنيت لو أن واحدا من هؤلاء كان قد خرج علينا في الماضي أو في الحاضر ليشجع الناس على قتال الأعداء وان يحرض المسلمين على الجهاد أو إن يتحدث عن الإرهاب الذي يقوم به تنظيم القاعدة الذي -هو تنظيم من المفترض أنه سني – لا أن يصطف هؤلاء تحت ستار الدين وتمثيل السنة وبحجة الخوف على المذهب في الصف المعادي للأمة وان يدعوا تمثيل السنة في ما يصدرون من فتاوى ومواقف لا علاقة للسنة بها، أنا شخصيا أعلن منذ اللحظة وبلا أدنى تردد أنني بريء مما يفعلون ومما يقولون ومما يفتون وأنني بريء من هؤلاء وادعوا كل الأقلام النظيفة إلى إعلان البراءة من هؤلاء الذين يصدرون الفتاوى باسم السنة وان هؤلاء الذين رهنوا أنفسهم للشيطان على الأقل بالنسبة لي ولأطفالي لا يمثلونني ولا بأي شكل من الأشكال.
في هذا السياق أنا استغرب من أعطى لهؤلاء الحق أو الرخصة بتوزيع شهادات الكفر أو الإيمان على الناس، وهل تكفير الناس بهذه الطريقة هو جوهر الدين الحقيقي، وهل هؤلاء هم الذين يحتكرون صفة الإسلام والإيمان وهل هذا يعني أن الشيوخ الذين فضلوا أن يتقوا الله وأن يعلنوا بأنهم يقفون مع حزب الله في مواجهته لقوى الطغيان هم كذلك من الكفار بحسب ” هؤلاء ” الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا في خدمة الشيطان ومن معه في لبنان وغير لبنان. ألا يحاول هؤلاء أن يسالوا أنفسهم سؤالا بسيطا هو هل أصبحت أميركا التي تزود إسرائيل بكل الأدوات القتالية لذبح الفلسطينيين دولة “مسلمة سنية” وهل عندما يقول باراك “أن لبنان صارت دولة خطيرة خاصة في ظل سيطرة حزب الله عليها” إلا يعني هذا لهم شيئا.
ترى هل س
مع هؤلاء السيد عمر كرامي وهو يتحدث وهل سمع هؤلاء السيد ارسلان من الدروز وهو يتحدث وهل سمع هؤلاء السيد ميشيل عون وغير هؤلاء ، هل هؤلاء أصبحوا من الشيعة وهل اسلم السيد عون واختار المذهب الشيعي في إسلامه، إلا يرى هؤلاء إن القضية لا علاقة لها بدين أو مذهب وإنما هي اصطفاف لقوى خيرة مع لبنان ومع الحق ومع الحرية بغض النظر عن دينها أو انتمائها، وبين قوة شريرة تريد السيطرة على العالم وليس على لبنان فقط، وان هذه السيطرة صارت تتم من خلال قوى محلية مرتبطة بالفاشية الأميركية ” أفغانستان والعراق ولبنان وكثير من الدول التي يحكم فيها السفير الأميركي أكثر مما يفعل الرئيس أو الملك”.
مع هؤلاء السيد عمر كرامي وهو يتحدث وهل سمع هؤلاء السيد ارسلان من الدروز وهو يتحدث وهل سمع هؤلاء السيد ميشيل عون وغير هؤلاء ، هل هؤلاء أصبحوا من الشيعة وهل اسلم السيد عون واختار المذهب الشيعي في إسلامه، إلا يرى هؤلاء إن القضية لا علاقة لها بدين أو مذهب وإنما هي اصطفاف لقوى خيرة مع لبنان ومع الحق ومع الحرية بغض النظر عن دينها أو انتمائها، وبين قوة شريرة تريد السيطرة على العالم وليس على لبنان فقط، وان هذه السيطرة صارت تتم من خلال قوى محلية مرتبطة بالفاشية الأميركية ” أفغانستان والعراق ولبنان وكثير من الدول التي يحكم فيها السفير الأميركي أكثر مما يفعل الرئيس أو الملك”.
إنني اعتقد بأن هؤلاء الذين يحاولون الترويج لكل سمومهم لا علاقة لهم بالشارع العربي والإسلامي، وعلى ذلك فإنني ادعوهم الى النزول الى الشارع وان يستفتوا الناس في المدن والقرى والأرياف في الشوارع العربية وان يذهبوا أينما شاؤوا ليسألوا الناس عن موقفهم ومع من من القوى في لبنان هم يقفون وأتحدى إن يتم إبراز نتائج ذلك بشكله الحقيقي على شاشات التلفزة.
لقد تعامل حزب الله حتى اللحظة الأخيرة بشكل لا يمكن أن يوصف إلا بأنه تعامل راق بعيد عن عنجهية القوة، وبعيدا عن الحسابات الضيقة أو الفئوية برغم كل ما تعرض ولا زال يتعرض له ومن معه من ظلم وتشويه خلال سنوات من مسيرته النضالية، وأتساءل هنا مذكرا الذين لا يرغبون في تذكر ما الذي فعله حزب الكتائب في صبرا وشاتيلا، أو لم يكن سمير جعجع أحد المنتصرين الذين ذبحوا أبناء فلسطين كالخراف في المخيمين، ترى لو كان هذا الذي تحقق لحزب الله تحقق “للدكتور سمير جعجع” هل كانت النتيجة كما نراها الآن، الجواب موجود في بقية ضمائركم وانتم تعلمونه جيدا.
بيت لحم 13-5-2008