السادة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع تفاقم الوضع الأمني والإنساني والخدمي في العراق المنكوب، ومع ازدياد معاناة اللاجئين العراقيين وتدهور أحوالهم الإنسانية خارج وطنهم… تلتفت أنظارالعالم – حكومات وشعوب، مؤسسات ومنظمات – إلى أكبر ظاهرة نزوح جماعي في التاريخ المعاصر بعد نكبة فلسطين، بقلوب يعتصرها الألم، وعيون يملؤها القلق، وأياد سخية تريد المعونة وتتطلع إلى مرشد معين وناصح أمين !
إننا في هذه السطور، نضعكم في صورة معاناة حقيقية لشريحة تعد الأهم والأرقى في أي مجتمع متحضر.. إنها معاناة (الأطباء العراقيين المغتربين في الأردن) !!
فلقد وقع على هذه الشريحة ظلم كبير وحيف عظيم، يوم اضطرت إلى مغادرة أرض العراق ، وبعد أن أصبحت الكفاءات العلمية المرموقة أهدافاً سائغةً للموت الأعمى والإجرام المنظم.. ثم وقعت هذه الشريحة تحت وطأة مظلمة أخرى يوم فرض عليها واقع جديد في أرض المهجر، شمل بقسوته كل فئات شريحة الأطباء العراقيين : (بدءاً بأطباء الاختصاص، مروراً بالأطباء المقيمين، وانتهاءاً بأطباء الامتياز المتدربين) ..
لن نسهب بالحديث عن معاناة كل الفئات المذكورة أعلاه، فالموضوع يحتاج إلى صفحات مطولات – خاصة إذا علمتم أن هذه الشريحة تقدر بحوالي أكثر من 5000 طبيب عراقي متواجدين على أرض الأردن !! – .. بل سنعرض على حضراتكم مشكلة فئة واحدة من هذه الشريحة الضخمة، وهي فئة : (الأطباء العراقيين المقيمين والمتدربين لغاية الحصول على شهادة البورد في مختلف التخصصات الطبية في المستشفيات التعليمية الأردنية – الخاصة والحكومية – ) .. فهؤلاء – بعد أن كانوا يتقاضون عن دوامهم وتدريبهم في العراق رواتب مجزية تكفل لهم عيشاً كريماً – أصبحوا اليوم في الأردن يداومون في المستشفيات الأردنية (بدون رواتب) !! نعم، بدون رواتب !!.. فضلاً عن اضطرار بعضهم لدفع رسومٍ للمستشفيات التي يعملون فيها تتراوح بين 2000 و 4000 دولار سنوياً !! كل ذلك من أجل أن يتلقوا نفس التدريب والشهادة (البورد) التي يحصل عليها الطبيب الأردني براتبٍ كاملٍ حرٍ وكريم !!!
علماً أن شهادة (البورد) تختلف اختلافاً كبيراً عن شهادات (البكلوريوس والماجستير والدكتوراه).. فالأولى شهادة مهنية يترتب من تحصيلها إلتزام بدوام مكثف ومناوبات ومسؤولية عن تقديم الخدمات الصحية للمرضى والمراجعين.. أما الأخيرة فهي شهادات أكاديمية تقضى سنوات تحصيلها على مقاعد الدراسة وبين أروقة المختبرات وبدوام جزئي خفيف !
إن قانون العمل هنا في الأردن لا يسمح لغير حاملي الرقم الوطني الأردني بتقاضي أي راتب، الأمر الذي دفع العديد من الأطباء غير الأردنيين -كالفلسطينيين واليمنيين والسودانيين وغيرهم- إلى الاستعانة بالمنظمات الإنسانية والخيرية لمساعدتهم على نفقات الدوام والدراسة – والتي تصل في أدنى مستوياتها إلى أربع سنوات ! – كجزء من الإغاثة الثقافية والإنسانية !
إن الأطباء العراقيين المقيمين والمتدربين (من غير رواتب) في المستشفيات التعليمية الأردنية عموماً والخاصة منها على وجه الخصوص، وعلى رأسها المستشفى الإسلامي – الذي يبلغ عددهم فيه وحده أكثر من 15 طبيباً وطبيبة !- .. ليتطلعون إلى المنظمات الإنسانية والخيرية أن تعينهم في محنتهم وتخفف معاناتهم، وأن تحتضن مواهبهم وقدراتهم، حتى يعوضوا خسارة العراق الفادحة بالكفاءات العلمية، ونكبته العميقة في القطاع الصحي، وخسارته لخيرة أطبائه المهرة المشهود لهم في الشرق الأوسط ، من الذين طالتهم يد الغدر والتهجير..
إننا نأمل – في الختام – أن تولوا هذه الشريحة المهمة ما تستحقه من لطيف اهتمامكم وجميل عطفكم.. شاكرين لكم تعاونكم الكريم ويدكم البيضاء الحانية ..
وفقكم الله لخير الانسانية جمعاء..
وتقبلوا فائق التقدير والاحترام
لفيف من الأطباء العراقيين المقيمين
عمان – الأردن