دعا الكاتب الصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة إلى تقديم “مبادرة نوعية من أجل إنقاذ لبنان”، ناصحا له بعدم انتظار الدعم الخارجي؛ فـ”المجتمع الدولي لديه اهتمامات كثيرة، وأنت تبدو بعيدا عنها”. وانتقد هيكل في مقابلة مع قناة “الجزيرة” الفضائية تبثها مساء الخميس المقبل، إثارة الحكومة اللبنانية مسألة شبكة الاتصالات السلكية التابعة لحزب الله في الوقت الراهن.
ومضى مخاطبا السنيورة: “أرجوك يا دولة الرئيس.. أنا أعرف أهمية ما يجري من حول لبنان.. أرجوك ألا تنتظر طويلا قبل أن تطرح مبادرة حل لهذا التوتر في لبنان.. لبنان في خطر، والوضع الإقليمي ليس في صالحك ولا يقـدر على خدمتــك.. والوضــع الدولي لديه اهتـمامات كثـيرة، وأنت تبدو بعيدا عنها”.
وشدد هيكل على أنه “في هذه اللحظة، وعلى عكس المألوف تاريخيا، على اللبنانيين بشكل أو بآخر أن يجدوا صيغة جديدة للحل”.
وبرر خصوصية هذه اللحظة بأن “الإقليم (لبنان) ممزق، والعالم غير مهتم، وإسرائيل، حتى إسرائيل، لديها مشاكل”، بحسب ما نشرته صحيفة “السفير” اللبنانية اليوم الثلاثاء.
لماذا الآن؟!
وانتقد هيكل إثارة مسألة شبكة اتصالات المقاومة في الوقت الحالي “ما الذي استوجب في هذه اللحظة أن تثار مسألة شبكة الاتصالات؟ هذه الشبكة يتم التناقش حولها، لكن لماذا تحولها (السنيورة) إلى شرط بقاء؟”
وتابع: “حزب الله ارتكب أخطاء لكن قل لي (السنيورة) لماذا استوجب في هذه اللحظة، في موقف قلق، أن تؤزّمه بحكاية السلك.. تحدّث فيها.. اشتكي منها.. لكن لماذا تخرجها إلى العلن؟!”.
وكانت الحكومة قد قررت الأسبوع الماضي اعتبار هذه الشبكة “غير قانونية” و”غير شرعية” و”تهدد سيادة لبنان”، متعهدة بملاحقة المسئولين عنها قضائيا، فضلا عن إبعاد مدير أمن مطار بيروت العميد وفيق شقير، بعد اتهامات لحزب الله بزرع كاميرات مراقبة بالمطار.
هذان القراران اعتبرهما حزب الله بمثابة “إعلان حرب” عليه، فرد بإنزال مقاتليه إلى شوارع العاصمة بيروت، حيث سيطروا على عدد من مقار القوى الموالية للحكومة قبل أن يسلموها للجيش.
اغتيال مغنية
وعاد هيكل للحديث عن الوضع الإقليمي الراهن وانعكاسه على لبنان: “هناك استخبارات عربية كثيرة، وأطراف كثيرة وفلتان أمني.. حتى إن مقتل عماد مغنية (أحد أبرز القادة العسكريين لحزب الله) هو في ثلاثة أرباعه باستخبارات وجهات عربية.. عندما يُمَس حزب الله يشعر أنه مكشوف”.
وكان مغنية قد اغتيل في انفجار سيارة مفخخة بالعاصمة السورية دمشق في فبراير الماضي، ووجه حزب الله أصابع الاتهام إلى إسرائيل، التي نفت بدورها أي دور لها في عملية الاغتيال.
وعلى صعيد ذي صلة، تحدث الرئيس الأمريكي جورج بوش أمس عن دوافع إدارته لإعادة إرسال المدمرة “يو إس إس كول” إلى قبالة الشواطئ اللبنانية.
وقال في تصريحات لشبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية إنها “جزء من التدريبات الروتينية، وفي الوقت ذاته هي الطريقة الأمثل لدفع الديمقراطية في لبنان، والضغط على سوريا إلى حين يستطيع الجيش اللبناني حماية البلد والحكومة”.
وانتقد بوش الجيش اللبناني، مطالبا إياه بدعم قوي للحكومة وللأكثرية النيابية ضد قوى المعارضة، ولفت إلى أنه بصدد إرسال أحد كبار قادته العسكريين إلى بيروت؛ لتقييم حجم الدعم العسكري الذي تحتاجه الحكومة.
وأعلن الجيش أنه سيستخدم القوة بدءا من اليوم الثلاثاء إذا اقتضت الضرورة ضد المخالفين لأوامره القاضية بسحب المسلحين من الشوارع ووقف
الاشتباكات.
الاشتباكات.
وكانت الحكومة قد تعهدت مطلع الأسبوع بتسليم زمام الأمور للجيش خلال الأزمة، وبعدها أصدر الأخير بيانا تضمن أربعة قرارات تشمل: إلغاء قراري الحكومة المثيرين للأزمة، وإلزام جميع الأطراف بسحب مسلحيهم من الشوارع، واستكمال سيطرة الجيش على كافة المناطق.
وأوقعت الاشتباكات بين أنصار المعارضة والموالاة خلال الأيام الستة الماضية 81 قتيلا، وحوالي 250 جريحا.
وتبحث الحكومة خلال الساعات المقبلة طلب الجيش إلغاء قراري “الشبكة” و”إبعاد العميد شقير”، وسط توقعات بتراجع الحكومة.