يتجدد الجدل السياسى والفكرى حول طبية الدولة الفلسطينية ، وهل ستأخذ شكلا مغايرا لشكل الدول السائده ؟ أورى أفنيرى يرى أن حل الدولتين مستحيلا ، وبالمقابل يرى مايكل نيومان الفيلسوف ألأمريكى أن فكرة الدولة الواحده مضحكه ،وقبل ذلك بوقت طويل حدد زئيف شبف الخبير الإسرائيلى الإستراتيجى قائمه طويله من الشروط المسبقة لقيام دولة فلسطينية ضمنها فى كتيب من الحجم الصغير صادر عن مركز واشنطن لسياسات الشرق ألأدنى ، وأن على الفلسطينيين قبولها إذا أرادوا لدولتهم أن تقوم ، وهذه التصورات تسبق رؤية الرئيس بوش ، وما يجرى الحديث عنه اليوم من تحديد معالم هذه الدولة ، لذا يكون من المفيد أن نشير إلى هذه الشروط ،حتى نؤكد إلى أن فكرة الدولة ليست جديده فى الفكر الإسرائيلى بل هى قديمه وكانت دائما أحد الخيارات الإسرائيلية المطروحة ، لذا يبدو من المفيد أن نعيد التذكير بهذه الشروط والتى ما زالت قائمه حتى ألن ، وحتى لا نخدع أنفسنا كثيرا فى إمكانية قيام دولة فلسطينية بعد أن أقامت إسرائيل دولتها الثانية دولة المستوطتنيين على حساب ألأرض اللسطينية .فالدولة ألأولى والتى قامت على أساس القرار رقم 181 بمساحة لا تزيد عن 55/ من مساحة فلسطينن إمتدت واتسعت بفعل القوة والحرب إلى ما يقارب 80/، ولم تكتفى بذلك بل إستمرت فى التوسع الإستيطانى على الجزء المتبقى من ألأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية لتبتلع ما يقارب 10/ من المساحة المخصصة للدولة الفلسطينية ، ولم يقتصر ألمر على ذلك ، بل أن شكل الخريطة الإستيطانية كانت مقصوده بطريقة تحول دون توافر عنصر التواصل الجغرافى والإقتصادى ومن ثم السيادى للدولة الفلسطينية المحتمله ، وذهبت إسرائيل ابعد من ذلك عندما وفرت لولة الإستطان كل مقومات الدولة من بنية تحتية وموارد غقتصادية ، وحتى سكانيه بحيث لا تقتصر على المستوطنيين ،بل شملت شرائح سكانية أخرى من الإسرائيليين ، حتى شكل البناء أخذ بعدا إتسم بالديمومة ، هذه الخريطة الإستطانية كانت من ضمن ما وضعه زئيف من شروط حتى لا تضطر إسرائيل لإخلاء المستوطنات الكبرى منها ، بل هو لا يمانع من إخلاء المستوطنات الهامشية أو ما يطلق عليه غير العشوائية ، وكأن هناك مستوطنات شرعية لا يمكن التفاوض بشأنها . ويضيف إلى هذا الشرط الإستيطانى التطلبات ألأمنية التى ينبغى أن تتوفر فى الدولة الفلسطينية وهنا يقدم وصفة طويله من الترتيبات ألأمنية تتضمن : ذولة منزوعة من سلاحها وإسرائيل هى من تقرر نوعية السلاح ، ومحروم عليها إنتاج أى شكل من أشكال السلاح ، ويحظر عليها السماح بمرور أو تدريب قوات أجنبية على أراضيها ، ولن يكون لها جيش نظامى ، ولن تكون فيها خدمة عسكرية إجبارية ، وفقط تتوفر لها قوات أمن لحفظ ألأمن والإستقرار ، ومن وجهة نظره وهى وجهة نظر تعكس الموقف الرسمى ، ممنوع عليها أى شكل من أشكال التحالف ألإقليمى ، ويطالب بتواجد عسكرى فى غور ألردن حتى لايكون لهذه الدولة عمق إستراتيجى مع ألأردن ، وأن تسمح هذه الدولة للجيش ألإسرائيلى من إستخدام اراضيها وخصوصا فى منطقة ألأغوتر . ويضيف شرطا آخر أن يتم تحديد شكل الدولة وصلاحيتها بومافقة ألأردن ، أما فى مسألة المياه وهى مسألة حيوية لإسرائيل سيكون من نصيب إسرائيل 60/ من مصادر المياه التى تختزنها ألأرض الفلسطينية ، أما فى مسألة اللاجئيين الفلسطينيين فلا مجال لعودتهم ، وفى مسألة الحدود وهذه نقطة مهمه بمناسبة الحديث عن قرب الوصول إلى حدود الدولة الفلسطينية ، فقد حدد زئيف معيارين أولهما طبيعة التهديدات المستقبلية التى قد يكون مصدرها الدولة الفلسطينية ذاتها وثانيها عدم دمج أعداد كبيرة من الفلسطينيين داخل إسرائيل وهو ما يعنى تبنى سياسة الترانسفير والحفاظ على يهودية الدولة اليهودية ، أما القدس فلم يأتى على ذكرها لأنه يعبرها مسألة محسومه إسرائيليا .بإختصار شديد هو يريد دولة كما تريدها وتحددها إسرائيل دولة بلا دولة .
والسؤال هل تريد إسرائيل فعلا دولة فلسطينية؟
الإجابة على السؤال ترتبط برؤية إسرائيل لذاها ولدورها فى المنطقة ن ولمفهومها لحدوده أولا ، فمهوم الحدود لإسرائيل يرتبط بالحدود التى يمكن أن تصل إليها قوتها العسكرية أو قو جيشها ، وبالحدود ألأمنية التى تشمل إمكانية الوصول إلى أى خطر يتهدد أمنها ، وهو ما يعنى أن مجالها الحيوى يمكن أن يغطى العديد من مجالات الدول العربية والإسلامية ، وبالحدود المصلحية والمقصود بذلك إمكانية الوصول إلى منابع النفط والمياه وهذا المفهوم من االحدود يتسم بالمرونة حتى يصل إلى حيث تريد إسرائيل .أعود وأتساءل ثانية ما هى التحديات التى يمكن أن يشكلها قيام الدولة الفلسطينية ؟هناك أولا : البعد الأمنى فقد تشكل الدولة الفلسطينية ملجأ أو قاعده للعمليات ضد إسرائيل ، وثانيا البعد السياسى : تتمثل فى التحالفات ألإقليمية والدولية ، وثالثا البعد ألأيدولوجى : وهى العودة لسياسة الجيتو أو العزلة ، ورابعا البعد السكانى : بزيادة عدد السكان الفلسطينيين فى المستقبل ومن ثم إمكانية التوسع نحو ألأرض الفلسطينية التاريخية ، ويزداد هذا الخطر مع التواجد السكانى ذاخل إسرائيل ذاتها ، وأخيرا لبعد ألإقتصادى والمائى ، حيث منابع المياه فى الجبال والتلال فى الضفة الغربية ـ وكما هو معلوم تشكل مشكلة المياه خطرا أمنيا كبيرا ويمس إمكانية إسرائيل إستيعاب المزيد من اليهود ، وقد تكون الم
ياه أحد أهم وأخطر ألأسباب لحرب قادمه.
ياه أحد أهم وأخطر ألأسباب لحرب قادمه.
فى هذا السياق يمكن أن نفهم التصور الإسرائيلى للدولة الفلسطينية ، فهى تدرك أن هناك مشكلة سكانيه فلسطينية قابله للزياده ولا يمكن تجاهل تداعياتها على يهوديتها ، وهذا ما يفسر لنا سياسة الترانسفير التى تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين ، ورفضها المطلق لعودة اللاجئيين الفلسطينيين ، ومن ناحية ثانيه لا تستطيع أن تقف إلى ما لانهاية أمام قيام الدولة الفلسطينية ، ومن هنا محاولة تحديد معالم هذه الدولة ومحاولة إبقائها منذ البداية ضعيفه هشه غير قابله للبقاء الذاتى دون إستيعابها فى كيان أكبر منها وهنا الخيارات المستقبلية فى إبتلاع هذه الدولة فى كيانات سياسية وإقتصاديه إقليمية أكبر ن وبالتالى تذوب وتنصهر هذه الدولة بمجرد قيامها .
والسؤال المقابل فلسطينيا هل سيقبل الفلسطينيون بدولة بدون سياده ، وبدون فضاء إقليمى متواصل ومتكامل ، وبدوبة دون موارد إقتصادية ، وغير غير قادره على التحكم فى المنافذ والمعابر الواصله بين هذه الدولة والعالم الخارجى ، ؟
وأخيرا نحن أمام نموذج جديد فى أدبيات الدول ، دولة تمنح من دولة إحتلال ، وتحدد معالمها بما يتفق ورؤية الدولة المحتله ، وليس من الواقع الجغرافى والسكانى والتاريخ والإقصادى للشعب الفلسطينى وعلاقته بأرضه، دولة بمثل هذه مواصفات ومحددات مكتوب عليها أن لا تولد حتى لو جاء إعلان الولاده قبل ستون عاما ، وحتى تكون عملية الولاده طبيعية شرعية فلا بد من أم فلسطينية وأب فلسطينى . وإلا ستبقى الدولة الفلسطينية مجرد حلم ورؤية ووعد فى مخيلة ألأخرين ،ولن تحول إلى واقع إلا بإرادة أبنائه والخطوة ألولى بالحفاظ على الكيانية الفلسطينية وتقويتها ودعمها ديموقراطيا وبمشاركة الجميع، فالوطن يبنى بالتوحد وليس الإنقسام والفرقة . والدولة الفلسطينية حق وليست هبة أو حلم أو وعد أو رؤية ،
دكتور /ناجى صادق شراب/أستاذ العلوم السياسية /غزه