بنظرة فاحصة للعنوان يدل على أن مصر وكأنها زوجة سيرحل عنها زوجها ولا حيلة لها من بعده , أو كأنها أملاك وتركة سيتركها أب من بعده, وأنا اعني المعني نفسه, فمصر مثلها مثل غالبية الدول العربية و دول العالم الثالث ليست دولة مؤسسات ، وما معني دولة مؤسسات ؟ يعني تلك الدولة التي لا يتوقف مصيرها علي أشخاص مثل شخص الرئيس أو الملك في دول العالم الثالث ،دولة المؤسسات تلك الدولة التي يعتمد نظامها السياسي علي مؤسسات فاعلة مستقلة ومقيدة في نفس الوقت ، مستقلة في نشاطها ووظيفتها المنوط بها أدائها في النظام السياسي ، وفي الوقت نفسه مقيدة من قبل المحاسبة والمراقبة بين المؤسسات لبعضها البعض بالإضافة للمحاسبة والمراقبة الشعبية ، مما يجعل الأشخاص يردون علي تلك المؤسسات ويرحلون وتبقي المؤسسات لا تتأثر بفقدان شخص فهي دورة أشخاص ، ولكن المؤسسات تبقي , مما يكسب النظام السياسي لهذه الدول الاستمرارية والبقاء والتطور؛ لأن كل شخص قادم علي منصب جديد يعلم جيدا من اليوم الأول الذي وطأت قدماه المنصب أنها فترة محدودة وسيرحل وبأن هناك مراقبة ومحاسبة فلابد أن يعمل جيدا بما يخدم مصلحة الدولة ويحفظ ماء وجهه وبقاءه في منصبه فترة توليه ذلك المنصب السياسي. أما في مصر وغيرها من الدول العربية تتجسد الدولة في الأشخاص لا المؤسسات، فالمؤسسات أسست لأشخاص، والمؤسسات لا تعمل باستقلال وبمعزل عن هيمنة هولاء الأشخاص، وبالتالي فبمجرد رحيل هولاء الإفراد تسقط وتنهار تلك المؤسسات وينهار النظام السياسي ككل. الديمقراطية الشكلية _ أي أن تتخذ بلد ملامح وأشكال النظم الديمقراطية لكن دون فحوى الديمقراطية الحقيقية_ وما هي سمات النظم الديمقراطية؟ تلك النظم التي تتميز بأن نظم تعتمد علي مؤسسات لا أفراد، دوران السلطة حيث لاتبقي السلطة في يد فرد للأبد ، انتخابات حرة ونزهيه تؤدي إلى اختيار أفراد ممثلين من قبل الشعب، القانون والدستور هو المنظم لكل النظام السياسي ،حرية الرأي والتعبير ، وجود فواعل سياسية مثل الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني مما يؤدي إلى توليد حراك سياسي واجتماعي بالدولة …………._ أين مصر من هذه السمات والملامح؟ مصر تتخذ ملامحها وشكلها حتى تبدو دولة ديمقراطية شكلاً لكن دون فحوي مضمون الدايمقرطية الحقيقة .
هل فكرت يا سيادة الرئيس ماذا سيكون مصير بلد كمصر من بعدك أليس السيناريو المتوقع والأكثر احتمالا لمصر من بعد مبارك هو أنها ستسقط فريسة بين متصارعين، تيارات سياسية متنافسة عاشت محكومة بالمطرقة والسندان تنتظر لحظة الإفراج عليها وخروجها من معتقلاتها .
أليس المتوقع صراع الأخوان المسلمون مع الشيوعيين والاشتراكيين، والأهم مع النخبة السياسية المحيطة بمبارك. أليس المتوقع في خضم كل ذلك أن تصبح مصر أرضًا خصبة للإرهاب والانفلات الأمني.
هل فكر القائد في مصير بلده وشعبه؟ ألم يكن أولى لمبارك الذي يدعي أنه يخطو خطوات الديمقراطية أن يدرب ويؤهل قادة يتمكنون من إدارة زمام وشؤون البلاد في أي وقت وفي أي عارض, هل زرعت ثقافة الانتخاب الحر وتبادل السلطة ودورانها؟ هل جعلت من مصر بلد مؤسسات لابلد أفراد ؟ هل نميت في شعبك المشاركة والثقافة السياسية ؟ هل المصريون يهابون السلطة والسياسية أم يدركون أنها حق من حقوقهم وتتجسد في المشاركة السياسية واختيار من يحكمهم وليس هذا فحسب بل ومراقبتهم ومحاسبتهم ؟
وأخيرًا ما تصورك لمصر من بعدك هل فكرت فينا؟ هل فكرت في مصر واستقرارها وأمنها؟ وإذا كان لديك تصور فلما لا تعلنه وتطمئننا.