ميساء البشيتي
قلت لك : هذا قلبي اليافع لم تخربش عليه أنامل بشرية قط ، هو ملكك ، شكّله كما تشاء ، إجعله شمسا ً ترمي بسهامها القلوب المظلمة فتضيئها ،إجعله قمرا ً ينير ليالي العاشقين الحالكة ، إجعله وردة جورية تضمها كل صباح فتداعب براعمها الندية خدك العاري وشفتيك،إجعله عصفورة تغرد في شرفة نهارك وتهمس في أذنك كل صباح أغنية جديدة للحب ، هذا القلب لك فشكّله كما تشاء .
وهبتك قلبي وسكنت في حجرة صغيرة من حجيرات قلبك ، كنت عروس أحلامك التي لم تزف إليك بعد ، كنت أمنّي نفسي برؤياك كل يوم ، أنعم برؤياك وخيوط الشمس الأرجوانية تداعب وجنتيك في كل صباح فتزهر ورود الخدّ ويتفتح ياسمينها الندي ، أنعم برؤياك والقمر يرسل ضياءه كل مساء فيداعب جفنيك الساهرتين حتى تغزوهما نسائم الكرى وتستسلم لأحلام المساء ، أنعم برؤياك وبراعم الورد الجوري تداعب نبضات قلبك وتراقص دقاته ، أنعم برؤياك وعصفورة الحب تغرد بأعماقك ، تعزف لك سيمفونيات العشق وتتلو على مسامعك أساطير عشتار .
إلى أن أقترب يوم غائم فقلت لي : أخاف عليك من وهج الشمس يحرق وجنتيك الغضتين ، فحجبت عني خيوط الشمس ! ثم عدت فقلت لي : هذا القمر يرسل أنواره في كل مساء فيؤرق جفنيك الناعسين ويطرد عنك أحلام المساء ، فحجبت عني ضياء القمر ! ثم عدت إلي فقلت : هذه الوردة الجورية تغار من خمرة شفتيك وتقطف منها نضارتها فحجبت الوردة الجورية عني ! ثم عدت أخيرا ً فقلت : عصفورة الحب تضج في أفقك الحالم فتشوش أفكارك الرقيقة وتبدد الكرى ، فحجبت عني عصفورة الحب! وصدقتك! وقبلت .
أخذ هذا القلب اليافع يضمر بين يديك يوما ً بعد يوم ، إلى أن أصبح جثة هامدة فقلت لي : ليس أكرم للميت سوى دفنه !
ميساء البشيتي