سعيد الشيخ*
بادئ ذي بدء سيصعق دعاة الليبرالية الجديدة من العرب
سعيد الشيخ*
بادئ ذي بدء سيصعق دعاة الليبرالية الجديدة من العرب المرتبطون بشكل وثيق بسياسات المحافظين الجدد الذين يتبوأون سدة السلطة في الولايات المتحدة الامريكية وفي بعض دول الغرب الرأسمالي.. سيصعقون وهم يقرأون هنا أهم شعار في تيارهم وانا أوظفه على عكس اتجاهاتهم ، وعلى عكس ثقافتهم المنافقة التي يعتاشون عليها. إذ من المعروف ان شعار “دعه يعمل دعه يمر” يستعمله الليبراليون لتأكيد معنى الحرية، هذا الذي مع مرور الزمن طاله الكثير من الالتباس والغموض من شأنهما ان اهدرا قيما غالية للكائن الانساني وشكلا تهديدا مباشرا لمجتمعات عريقة من خلال منطق القوة لسيادة عولمة الاستبداد المصالحي.
من هنا يمكن فهم ما يجري في لبنان من صدامات اخذت في البداية منحى مدنيا ثم تحولت الى صدامات مسلحة تحت ضغط الحكومة المضغوطة امريكيا لفرض واقع جديد على المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله.. حيث لم يستطع الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهرمن تحقيق اي نصر على المقاومة اللبنانية في حرب تموز عام 2006 فلجأت الولايات المتحدة الامريكية الداعمة الرئيسية للكيان الصهيوني بعد سنتين الى حلفائها في الحكومة اللبنانية من اجل تقويض المقاومة من الداخل، فكان ان طالبت هذه الحكومة المشكوك في شرعيتها من خلال قرارات حكومية بتفكيك شبكة الاتصالات العائدة لحزب الله وما كان من هذا الاخير الا ان استشعر بالخطر وتصرف ازاءه بأن تمدد في العاصمة لمحاصرة المشروع الامريكي التي تتبناه قوى 14 آذار ولتحجيم المطالبات الحكومية الاخرى التي كانت ستوضع بوجهه لو نفذ طلب تقطيع أوصاله التي هي شبكة الاتصالات والتي افشلت هجوما اسرائيليا في اواخر نيسان الماضي كان يستهدف قيادات الحزب في ضاحية بيروت حسب معلومات استخبارتية وصحفية اسرائيلية وبريطانية.
ان الصراع في لبنان كان دائما بين قواه وتياراته الوطنية والتقدمية التي تنادي وتتمسك بعروبته كأنتماء طبيعي وبما يعني ان يكون من دول الممانعة بوجه انتشار السرطان الصهيوني، وبين الذين يريدون سلخه والحاقه بمشاريع انعزالية تحفظ الامن الاسرائيلي وتحقق المصالح الامريكية… ولا يختلف هذا الصراع الذي يشهده لبنان هذه الايام الا من حيث اختلاف مواقع بعض القوى اللاعبة في الساحة اللبنانية، حيث كل الطوائف التي هي فسيفساء المجتمع اللبناني تنخرط في هذا الصراع ، ولكن لم يكن في يوم من الايام ذات طابع طائفي او مذهبي وذلك حتى في ذروة الحرب الاهلية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
في صراع اليوم تتجمع في الموالاة مختلف الطوائف كما هي نفسها في المعارضة. والخلاف سياسي من الطراز الاول ولا مجال لحديث عن صراع مذهبي او انقلاب ينفذه حزب الله لحساب اجندة ايرانية، والاعلام الذي يتحدث بهذه اللغه انما يريد حرف الصراع عن جوهره في تضليل مكشوف لتفريغ المقاومة اللبنانية من مضمونها والمس من طهارة سلاحها الذي جاء بشئ من كرامة عربية مهدورة على مدى عقود من هزائم النظام العربي الرسمي . والحكومة اللبنانية ليست ببعيدة عن هذا النظام الذي يجد نفسه محرجا وعاريا امام كل انتصار تسجله المقاومة.
لقد ذهب النظام العربي الر سمي الى أبعد الحدود في عقد اتفاقات السلام مع العدو الغاصب لبلادنا على أمل ان يكف هذا العدو من عدوانيته المفترسة لحقوقنا ووجودنا وعلى أمل ان يعم الازدهار بلادنا في ظلال السلام ولكن وبعد ثلاثين عاما على توقيع أول اتفاقية وهي اتفاقية كامب ديفد بين مصر واسرائيل نجد ان السلام بمفهومه الحقيقي لم يتحقق حيث العدوانية الاسرائيلية ظلت على وتائرها العالية وان الازدهار الذي وعد به الشعب المصري يتحول الى طوابير طويلة للحصول على رغيف الخبز ، وفي الاردن تجف امعاء المواطن الاردني لندرة الماء وعندما تطلب الحكومة الاردنية المساعدة من “اسرائيل” حسب اتفاقية وادي عربة تأتيهم مياه الاقنية الصحية للمستوطنات التي تم استعمالها أولا من المستوطنين الروس أو الاثيوبيين. واتفاق اوسلو مع منظمة التحرير عام 1993 لم يكن سوى نكبة جديدة زادت من انين الشعب الفلسطيني الذي تحتفل “اسرائيل” في هذه الايام بالذكرى الستين لاقتلاعه من بلاده وارساله الى الشتات في جريمة ما زالت تشهد فصولا وقد نام عليها وجدان المجتمع الدولي.
ان وجداننا العربي يدعونا الى ان نصطف الى جانب قضايا وجودنا المهدد بدولة اسرائيل التي زرعت على تخومنا وهي تحاول التغلغل الى قلب مجتماعاتنا لتشويه ما هو أصيل في كياننا العربي التاريخي، وذلك لا يمكن ان يتم دون المقاومة كثقافة انسانية تحاول البقاء وتتحدى من اجل التفوق في عالم اراده المحافظون الجدد برية من التوحش والافتراس.
من اجل السلام… نعم من اجل السلام العادل: دعوا المقاومة تعمل .. دعوها تمر.
* كاتب وشاعر فلسطيني