عبد الستار قاسم
كان من المفروض أن يستقيل فؤاد السنيورة من رئاسة الوزراء وعمر البشير من رئاسة الجمهورية. استقوى السنيورة على أبناء وطنه بالصهاينة والأمريكان والعربان فلم يتحمل وقت تحضير فنجان قهوة وانهارت كل إمبراطوريته المصطنعة، ولاذ أركان حكومته بصمت ينتظرون نجدة أمريكية لم تحضر. أما عمر البشير فاستبيحت عاصمته بمئات المقاتلين والمركبات القتالية التي قطعت المسافات الطويلة وهي آمنة مطمئنة.
أنا لا أحرض على الاقتتال الداخلي، ولا أرى فيه أي جدوى، لكن الذي يريد أن يتحدث عن المرجلة عليه أن يكون رجلا. السنيورة ليس برجل، وكذلك البشير. على الأقل كان بإمكان كل منهما أن يعاقب نفسه على الذل الذي اختاره لنفسه ويحمل أمتعته ويرحل حيث لا يراه أحد. إن الذي يريد الدفاع عن نظام أو عن دولة أو عن حياض أو عن امرأة عليه أن يتحلى بالشهامة والمروءة والإباء والشمم. لماذا اختار السنيورة بداية الطريق الأمريكي الإسرائيلي؟ أغواه العربان من الحكام فعز عليه أن يبقى بعيدا عن مستنقع الخيانة وقرر التآمر على المقاومة. ولماذا بعد هذه السنين الطويلة من القتال لا تملك السودان وسائل الاستطلاع والرصد والاتصال؟ السهر على أمن الأمة يحتاج إلى جهود لا تملكها قيادة السودان.
أفاق السنيورة على بيروت وقد تغير حالها بلطف ولين ودون ضجيج، وكانت الرسالة صارخة مدوية للبنانيين وغير اللبنانيين. أما البشير فلم يشرح لنا كيف قطعت السيارات العسكرية وراكبوها من المتمردين مئات الكيلومترات عبر السودان ووصلت إلى أم درمان دون أن يعترضها أحد.
بدون خجل ظهر السنيورة على التلفاز بخطاب رنان يحمل حزب الله مسؤولية ما جرى، ويهاجم سلاح المقاومة ويعتبره سلاحا لتخريب الوطن؛ وكذلك البشير الذي طلع علينا ببزته العسكرية المحملة بالنياشين والأوسمة وتوعد بأنه سيختار الزمان والمكان المناسبين للانتقام، ودون أن يفسر كيف وصل المتمردون إلى عاصمته. بماذا أصف هذين الزعيمين العربيين الكبيرين؟ لو وصفتهما كساقطتين متبجحتين بالشرف للامني العديد من القراء على اللغة؛ ولو وصفتهما كعاهرتين تتحدثان عن الأخلاق الرفيعة لواجهت الانتقادات؛ ولو قلت عنهما بأنهما أرنبتان لم تصلا درجة المحيض بعد لوجدت أقلاما تلومني. أنا واثق أنهما يستحقان أقذع الأوصاف، وللقارئ أن يختار لهما ما يريد من أوصاف.
يبدو أن النذالة ليست في الحكام وإنما في الذين يصبرون على هؤلاء الأنذال. ربما من يسكت على النذالة يكون أكثر نذالة من النذل.
على الشعوب العربية أن تتحرك ضد هؤلاء الحكام المستهترين الذين يجرون الأمة إلى مزيد من التهافت والتهاوي والسقوط. مصيرنا نحن الشعوب العربية بأيدينا، وعلينا أن نختار بين الصمت الذي يودي بنا إلى مهاوي الذل والخنوع والاستعباد، وبين إعلاء الصوت الذي بالتأكيد سيريحنا من هؤلاء الحكام الخونة الأقزام عبدة الشهوات.