أليس من السخف أن يسمع ويصغي المواطنين العرب لهذه التراهات المغرضة التي تدعو لتشرذم اجتماعي وسياسي ونضالي للأمة العربية .
المقاومة العراقية الباسلة لم تكن سنية ولا شيعية بل مقاومة عراقية وطنية تبتعد كل البعد على ايذاء المواطن العربي في العراق وكرست جل اهتمامها لمحاربة الاحتلال الأمريكي وأعوانه ورغم ذلك يحاول البعض أن يزرع الشقاق والفرقة المذهبية بين السنة والشيعة أو بين الشيعة والتركمان وغيرها من المذاهب ، أليس هناك من يتعامل مع الأمريكان من السنة وأليس هناك من يتعامل مع الأمريكان من الشيعة وماذا نسمي مجالس الصحوة والعشائر وماذا نسمي التيار الصدري الصاعد الهابط من أجل البحث على كينونه السياسية بعد ممارسات بحق أبناء العراق الشرفاء التي طالت السفك الدموي للشرفاء والمقاتلين والمنضالين الذين حددوا مواقفهم منذ اللحظة الأولى للغزو الأمريكي للعراق وأشهروا سلاحهم وخبراتهم في ترتيب ومواجهة قوات الغزو الأمريكي وحلفاؤها .
في فلسطين وبعد أن قامت فئة باحتكار القرار السياسي معتمدة على تركامات تمهيدية من تخريب للبنية الاطارية النضالية الفلسطينية استطاعت أن تجنح بالقرار السياسي والنضالي في وجهة معاكسة للتاريخ وللمطالب الفلسطينية الشرعية في تحرير فلسطين وصون الأرض والمقدسات وتمادت تلك الفئة في اتفاقيات وتفاهمات لم يجلب منها الشعب الفلسطيني إلا الويلات ومازالت تسير في طريق الشرذمة والاقصاء للقوى الأخرى واختارت حلف أمريكا ، واختارت الخضوع للمنهجية الأمريكية في تعاملها مع الصراع العربي الصهيوني ومازالت وبرغم كل النكسات والويلات من جراء تلك المواقف مازالت تستمر في مفاوضات عبثية فاقدة أي خيارات بديلة تحافظ على الحد الأدنى بل وضعت عنقها فيما يسمى “المساعدات والرواتب ” في خانة رمق الحياة التي تزود به من أموال الرباعية وعندما ثارت فصائل مختلفة اسلامية وغير اسلامية قامت الدنيا ولم تقعد ولان تلك القوى من حماس إلى كتائب شهداء الأقصى إلى الجهاد الإسلامي إلى كتائب أو علي مصطفى وإلى باقي الفصائل التي لم تتنازل عن الثوابت الفلسطينية قامت أجهزة الاعلام لهذا التيار بمنهجية فئوية تبتعد عن الحقيقة وعن الحقائق بوصف تلك الفصائل بالشيعة وهم السنة من أب إلى جد وما هو المعيب في أن يقوم الشيعة بدور هام في حياة حركة المقاومة العربية وهم كما قلت عرب أبا ً عن جد ، لم يخجل هؤلاء ولم يحرك لهم ضمير أمام تلك المغالطات التي وان هدفت فإنها تهدف إلى تقويض البنية الاجتماعية والوطنية للشعب الفلسطيني كما يحدث في العراق ، فعندما يكون الأمر متعلق بمواجهة العدو الصهيوني ومواجهة قواه على الأرض يهرب هؤلاء للأمام ليرتكبوا الفاحشة بالمنطق وبالإعلام وبالحقائق المقلوبة محاولين تشويه العقلية العربية والعقلية الثقافية للمواطن العربي باستناد أي فعل مقاوم للفلسطينيين أو للعرب بأنهم يخضعون لخيارات الغير وهنا نقول ماذا عن فلسطين والقدس هل حررت وهل نحن لسنا بحاجة لكل القوى الداعمة لموقف الصمود والمقاومة مغالطات تتبناها قيادات مؤتلفة الوجه والحقيقة سواء في العراق أو في لبنان أو في فلسطين .
أكثر من عقد حاول حلف أمريكا تمرير مخططاته في المنطقة محاولات لم تجلب إلا الفوضى وتعيطل حركة الزمن من أجل نيل الشعب الفلسطيني حريته وتحرير وطنه وكذلك حرية المواطن العربي ، هاهي ذكرى نكبة 48 واعلان اقامة ما يسمى “بالكيان الصهيوني ” يفتقد الواقع العربي لنظرة الجدية في مواجهة متطلبات الصراع مع الصهيونية والكيان الإسرائيلي ، أنظمة عاجزة ، أنظمة ارتأت لتغطية عجزها أن تشكك في حملة السلاح ومشروع المقاومة في مواجهة المخطط الصهيوني ، بل بالعكس هذا العجز بلور خطاب اعلامي وسياسي يأتي في نفس السياق مع الخطاب الاعلامي والسياسي الأمريكي والصهيوني وخاصة في تمشي عجلة الاعلام مع مصطلح الارهاق ومفاهيمه الغربية فإذا كانت تعني مقاومة الاحتلال ارهاب فهذا يؤكد على صحة التوجه بطريقة ووسيلة نيل الحقوق وليس العكس ولأن العجز لا يمكن أ
ن يولد مبادرة ايجابية في اتجاه نيل الأمة حريتها واستقلالها وحقوقها وكما هو الحال في فلسطين نأتي إلى المركب الآخر في خارطة الصراع :-
الساحة اللبنانية :-
لقد حاولت أمريكا قديما وبعد خروج الثورة الفلسطينية من بيروت تمرير اتفاقية مع لبنان تؤمن حدود الكيان الصهيوني أمنيا ً وفي مصادر المياه والقضاء على حق عودة اللاجئين في الساحة اللبنانية إلا أن قوى الفعل والمقاومة أحبطت تلك الاتفاقية التي لا تقل خطورة عن اتفافية كامب ديفيد واتفاقية أوسلو وكانت تسعى أمريكا وإسرائيل إلى تأمين المثلث الضامن لأمن إسرائيل .
في ظل الغثيان العربي والخطأ التكتيكي والاستراتيجي للثورة الفلسطينية وخروجها من بيروت بعد وجود استمر أكثر من عقدين لم تستخدم فيها الثورة الفلسطينية ميكانزم العمل الثوري بقدر ما استخدمت ميكانزم البيروقراطية ونظرة البرجاوزية بل الرأس مالية في نظرتها للصراع وللحقوق .
كان لابد أن تملأ مناطق الفراغ والحلقات المفقودة في البرنامج النضالي الفلسطيني والعربي في الساحة اللبنانية فكان النتاج تراكم التجارب التي بلورت حزب الله كحركة مقاومة من مستضعفين مظلومين في كيانيتهم في الساحة اللبنانية وبصرف النظر عن الظلم الاجتماعي فإن حزب الله الذي عماده المقاومة والكبرياء العربي فعل من الفعل ما عجزن عليه أنظمة طوال سنوات الصراع وكان بوجوده ما فعل من متغيرات اندحار العدو الصهيوني من جنوب لبنان والقضاء على آماله في استغلال مياه الليطاني مما دعاه لاستيراد المياه من تركيا وبقيت مخيمات اللاجئين هويتها الأساسية البندقية والكفاح المسلح بصرف النظر عن المحاولات القائمة لسيطرة حلف أمريكا على مجريات الامن في المخيمات وما حدث في نهر البارد كان مجرد استطلاع لخطط قادمة لانهاء مشكلة اللاجئين .
حزب الله لا يعيبه في توجهه كل ما ينطق به الغوغاء والمستزلمين دعاة الانقسام ولانفصال في الجبهة العربية المقاومة ، فليس من الخطأ أن تؤمن المقاومة خطوطها الدفاعية الخلفية في حين أن إسرائيل تؤمن خطوطها الدفاعية من خلال حلف أمريكا ومناوراتها الدائمة في شمال فلسطين .
حكومة السنيورة وأجهزة اعلامها التي تسير في نفس المركب للإعلام العربي الموجه ذات اللغة الواحدة وهي معركة الطائفية وتغذيها والمذهبية أيضا ً ، فلقد فشلت كل المحاولات لكسر البندقية في لبنان كما هو الحال في فلسطين ، فما كان لهذه الأجهزة إلا أن تصب حممها وسمومها على تفرقة أداء وتوجهات البندقية من خلال النعرة الطائفية والمذهبية لتتوه البندقية ومبادرتها وفعلها بين ما هو سني وشيعي على حد قولهم في حين أن إسرائيل تتمد في الاستيطان وترسم الخطط والبرامج للسيطرة على نهر الليطاني وتهويد القدس بكاملها ، حجج ضعيفة وواهية في ظل وجود ممارسات واضحة لتهويد المسجد الأقصى ورفض الانسحاب من القدس والأراضي التي أحتلت عام 1967 وبرغم أن هذا البرنامج بتقليص أراضي فلسطين إلى 18% من أراضي فلسطين التاريخية إلا أن إسرائيل تريد للشعب الفلسطينية كيانية هزيلة ضمن كنتونات مقطعة بالحواجز كما قال وطرح باراك في كامب ديفيد تمتلكون ما فوق الأرض فقط في تلك الكنتونات ودواعي الأمن تحت السيطرة الاسرائيلية وبرغم تلك الأطروحات المشحفة بحق الشعب الفلسطيني والعربي إلا أن الوفد التفاوضي الفلسطيني طالب مؤخرا ً بالموافقة على ما طرحه باراك في كامب ديفيد .
معركة الحسم في شهر 6 حزيران عام النكبة وعام النكسة ومقدمات النكسة للأمة العربية والفلسطينية تحول إلى عام حسم في غزة ضد المشروع الصهيوني والمتعاونين مع هذا المشروع وانتصر الحسم على كل التمويل الغربي لاصحاب برنامج التسوية المجحفة ولم تفيد الملايين من الدولارات ولا أجهزة الأمن في منع البندقية من أن تثبت وجودها بمقاوميها من أن تغير خطوط المعادلة من جديد وكما هو الحال في الساحة اللبنانية ، فعندما فشلت إسرائيل وهزمت في المواجهة في الجنوب اللبناني ركزت أنشطها على دعم ما يسمى ” حلف الموالاة ” الأمريكي لتشتيت قوى المقاومة في الجنوب اللبناني وفتح جبهة شمالية شرقية على المقاومة لتأمين وتسهيل اجتياح صهيوني قادم ولذلك كان من واجب المقاومة تأمين خطوطها الخلفية والدفاعية في مواجهة التحالف المركب من القوى العربية المتآمركة مع قوى الصهيونية .
وأخيرا ً نقول أن حرب الورق والاعلام المدعوم لن يهزم الحقيقة القائلة أن هناك مقاومة عربية وطنية اسلامية تفرض نفسها على الأرض في كل من العراق وفلسطين ولبنان والصومال فلا يوجد في المقاومة وفي قواميسها نعرة مذهبية لا سنية ولا شيعية .
بقلم/سميح خلف
عضو اتحاد الاعلام العربي
عضو اتحاد المدونين العرب