بقلم/ د. رفعت سيد أحمد
ما يجري في لبنان يؤلم كل عربي محب لعروبته ولإسلامه، فنار الفتنة التي انطلقت هناك بين (المقاومة) وبين عملاء أمريكا من وليد جنبلاط إلى سعد الحريري، وحاول البعض من العمائم المدعومة أمريكياً وسعودياً إعطائها صبغة صراع مذهبي بين سنة وشيعة، وهي محاولة فاشلة طبعاً، هذه الفتنة من الممكن أن تمتد إلى مصر وإلى السعودية ذاتها التي تمول فريق سعد الحريري بالمال والسلاح ،إن ما يجري في لبنان وباختصار وحتى لا يتوه القارئ العربي ينحصر في الحقائق التالية، نقدمها آملين من الجميع الانتباه إلى الفخ الذي يراد للأمة وللبنان تحديداً أن تقع فيه فتفرح إسرائيل وتزغرد أمريكا بعد أن يكون عملاؤها قد فضحوا:
أول الحقائق: أن ما يجري في لبنان بدأ بمسلسل طويل من الإهانات والاستدراجات للمقاومة بقيادة حزب الله وللمعارضة بأطيافها الوطنية المتعددة المسيحية والإسلامية والدرزية وظلت المعارضة تكظم غيظها رغم الدم الذي رفعته ورغم مؤامرة الثلاثي (جنبلاط ـ جعجع ـ الحريري) وطعنهم للمقاومة عدة مرات من الظهر والتخطيط مع أمريكا بعد الانتصار العسكري الذي اعترفت به إسرائيل في حرب الصيف عام 2006، التخطيط لإيقاع الهزيمة عبر السياسة بالمقاومة داخل لبنان من خلال حلفاء أمريكا، فبدأوا برفض كل المقترحات للوصول إلى (حكومة وحدة وطنية حقيقية) ممثلة لكل القوى والطوائف، إلى أن انتهى الأمر بمؤامرة وليد جنبلاط والحريري المسماة تعطيل وإيقاف شبكة اتصالات المقاومة (وهي الشبكة التي حمت المقاومة وحققت الانتصاروهذا باعتراف العدونفسه) ثم قام فريق (جعجع -جنبلاط/ الحريري) بإقالة قائد مطار بيروت العميد حسن شقير المنتمي للطائفة الشيعية بحجة تعاطفه مع حزب الله، وهو أمر غير صحيح، وكان هذا القرار هو الشرارة التي أشعلت الحرب الأخيرة والتي انتهت بهزيمة فريق السلطة وهروب عناصر المرتزقة التي استأجرها سعد الحريري وأعطى كل واحد منهم ثلاثة آلاف دولار لقطع الطرق وقنص المواطنين وللإيحاء بأن ما يجري بأنه فتنة مذهبية وفشلوا.
ثانياً: الحقائق الآن على الأرض تقول بأن فريق أمريكا وإسرائيل وخدامها قد هزم أمام فريق المعارضة/ المقاومة وأنه لا خيار أمام من تبقى شريفاً في فريق 14 آذار/ مارس إلا الجلوس الى مائدة الحوار وبشروط وطنية جديدة يأتي في مقدمتها تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخاب رئيس توافقي مع قانون انتخاب وطني عادل. بدون هذه الحزمة الثلاثية من الشروط لن تحل أزمة لبنان، ورغم هزيمة فريق السلطة وتطهير بيروت من عناصر المرتزقة إلا أن واشنطن وباريس وتل أبيب وللأسف (القاهرة والرياض) لا يزالون يحاولون تعطيل أية حلول وسط ويتعمدون الإيحاء المستمر بأن الصراع في لبنان صراع مذهبي بين سنة وشيعة وهو الأمر الذي يتقضه الواقع وتكذبه الحقائق، إذ أن ميشال عون مثلا (أحد أبرز أركان المعارضة) ليس شيعياً ولا سنياً بل ليس مسلماً أصلاً، فكيف يصور الأمر على غير حقيقته؟ ولماذا يتهم أهل السنة في لبنان بهذه الفرية ويصبحون مجرد أدوات لواشنطن وتل أبيب. الأمر في جوهره كما تؤكد الحقائق على الأرض أمر صراع بين مشروعين: مشروع للمقاومة وللانتماء العربي الحقيقي ولإقامة علاقات صحية استراتيجية مع سوريا ومنظومة الصمود العربي و الإسلامي، ومشروع ضد المقاومة ومع أمريكا، ويريد تحويل لبنان إلى مجرد (كباريه) تابع للغرب ولنفاياته الأخلاقية والسياسية. ولأن الأمر كذلك فلم يكن مستغرباً أنضواء مجموعات وقوى إسلامية (سنية) واسعة تحت لواء المشروع الأول: مشروع المقاومة، ولم يكن مفاجأة أن ينتصر هذا المشروع على الأرض في كل معركة دخلها سواء ضد إسرائيل مباشرة أو ضد خدامها في بيروت، لأن شعب لبنان أصلاً وبطبيعته شعب مقاوم.
لكل هذا نأمل من العقلاء العرب، إدراك حقيقة المعادلة في لبنان والانحياز لما يريده الشعب اللبناني لا لما يريده خدام واشنطن.
E-mail: [email protected]