لا يخفى على أي مراقب التنسيق الأمني بل الاستراتيجي بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية حتى وصل الأمر حد وصف البعض لإسرائيل بالولاية الواحدة والخمسين للأمريكيين .
ومن هنا وجدنا التناغم الكامل بين الخطوات الأمريكية أقله إعلامياً ضد سورية والتحركات الإسرائيلية على الصعيد السياسي والعسكري . الخارجية الأمريكية والناطق باسم البيت الأبيض طالعنا بقصة المفاعل النووي السوري الذي كاد أن يبنى في دير الزور بمساعدة كوريا الشمالية ، وقدمت الحكومة الأمريكية أدلتها المزعومة للكونجرس مبررة العدوان الإسرائيلي على ذات الموقع للقول أن سياسة العداء والضغط على سوريا تنطلق من شروع سورية في امتلاك أسلحة دمار شامل تمثل خطورة على أمنها وأمن ربيبتها اسرائيل . ثم يخرج علينا السيد جورج بوش الابن ليتحدث عن أمر آخر تماماً يتعلق بتهديد إيران وكوريا الشمالية ويقول أن ما نشرناه يشكل إنذاراً لهذه الدول ومعها سورية حتى لا تستمر في مقاومتها لسياسة الإدارة المحافظة في البيت الأبيض ، ولم يؤكد على وجود أدلة حقيقية على اتهامات إدارته لسورية حول ذات الموضوع ، كما لم يتحدث عن إحالة الموضوع للجان التفتيش الدولية المعنية بالأمر والتي تستطيع القيام بالتثبت من صحة مزاعم الولايات المتحدة كون سورية من الدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ولن تمانع في هكذا إجراء ، وهذا يدل على كذب الادعاءات سالفة الذكر وأنها تستخدم لخدمة سياسة أقل ما يمكن وصفها به هو البلطجة .
وفي الطرف الآخر من الصورة يرسل رئيس وزراء العدو الصهيوني عبر الوسطاء الأتراك رسالة تتضمن قبولاً إسرائيلياً بإعادة كل الجولان المحتلة مقابل السلام وبعدها بأيام يصرح بعض أركان حكومته بان هذا لن يكون ولا موافقة من الحكومة عليه كما يقوم وزير الحرب الإسرائيلي ايهود باراك بذات الأمر عبر تصريحات بصياغة أخرى تغمز من قناة العلاقة السورية الإيرانية ، ويشرف بنفسه على مناورات تحاكي حالة حرب مع سورية مرفقاً ذلك بتصريحاته المعادية للسلام ولكل حل يعيد الهضبة السورية للوطن الأم . إذن هو التكامل والتنسيق بين الطرفين المعاديين للحق العربي والمنغمسين في العدوان على الأمة العربية في العديد من المواقع والبلدان ناهيك عن نهب ثرواتها واحتلال أراضيها تنسيق يستهدف سورية في المقام الأول . إن سياسة العصا والجزرة ، والهبة الساخنة ثم الباردة تعطي الدليل الواضح على أمرين : الأول تخبط هؤلاء وعدم قدرتهم على اختيار الأسلوب الصحيح للتعامل مع سورية من خلال الإقرار بموقعها ودورها الإقليمي كما بمصالحها المشروعة . والثاني النوايا العدوانية تجاه سورية وما تمثله عربياً واللجوء للبلطجة والتهويل من أجل كسر ارادتها وهذا لن يمر ولن ينجح ، والذي فشل في تحقيق أي نتيجة في هذا المجال عبر التهديد العسكري ، لن ينجح هذه المرة عبر البلطجة والدعاية المكشوفة .