تستعد 159 فتاة سعودية للالتحاق بسوق العمل السياحية قريبا، بعد أن أنهين برنامجًا تدريبيًّا نظمته الهيئة العليا للسياحة في تجربة هي الأولى من نوعها بالمملكة.
يأتي هذا بعد نحو 4 أشهر من السماح للسعوديات بالإقامة في الفنادق دون محرم، وفي ظل جدل متنامٍ بالمملكة حول السماح بالاختلاط في العمل.
وأكد مدير تطوير الموارد البشرية بالهيئة العليا للسياحة الدكتور عبد الله إنهاء 159 فتاة سعودية البرنامج التدريبي الذي نظمته الهيئة، مشيرا إلى أنه من المقرر تعيينهن في مكاتب سفر وسياحة في جميع أنحاء المملكة لمزاولة العمل السياحي، بحسب ما نشرته جريدة الوطن السعودية اليوم.
وأوضح الدكتور الشويّل أن المتدربات يمثلن الدفعة الأولى من المقرر عملهن بسوق السياحة، مشيرا إلى أن 79 فتاة أخرى يخضعن حاليًّا لبرامج تدريبية مماثلة يمثلن الدفعة الثانية.
وشدد الشويل على أن المرأة السعودية مؤهلة للعمل في مجال السياحة، مشيرا إلى وجود المزيد من الخطط والبرامج التأهيلية الخاصة بالنساء لدى الهيئة العليا للسياحة ستنفذ بنهاية العام الحالي.
سفريات وحجوزات
وعن طبيعة عمل المرأة السعودية في السياحة، قال الشويل إنه سيتمثل في أعمال السفريات والحجوزات.
وبين أن هناك وسيلتين لهذا العمل، إحداهما تتمّ من خلال المنزل كحجز التذاكر والبرامج السياحية بواسطة شبكة الإنترنت، موضحًا أن الوسيلة الأخرى تتم عبر أقسام نسائية في مكاتب السياحة للحجز عبر الهاتف.
وعن المعوقات التي قد تواجه عمل المرأة في السياحة، أشار الشويل إلى “عزم الهيئة العمل على تجاوز بعض المصاعب التي تواجهها من قبل بعض مكاتب السفريات وضعف جديتها في توظيف المرأة”.
ولفت إلى أن بعض مكاتب السفر والسياحة صممت أقسامًا خاصة بالنساء بالتعاون مع الهيئة العليا للسياحة.
وإضافة للحجوزات والسفريات، قال الشويل إنه توجد برامج لتدريب الفتيات تنصبّ على الحرف والأشياء التقليدية والأثرية، مبينا أنه تم تدريب فتيات في القرى على حرف من التراث وكيفية تسويقها للسائح.
وأوضح أن الهدف الأول من التدريب السياحي النسائي المحافظة على الآثار التقليدية وإيجاد فرص عمل للنساء، إضافة إلى تقليص عدم تقبل بعض القرى للسائح ورفضهم زيارة السياح.
وأضاف أنه سيتم توفير فرص تسويقية لإطلاع السائح على منتجات النساء الحرفية.
وتقول الهيئة العليا للسياحة إن الهدف من هذه الخطوة هو استيعاب جميع فئات المجتمع السعودي في مجال العمل السياحي.
تطور اجتماعي
وقررت الهيئة العليا للسياحة والآثار عقد 6 ورش عمل خاصة بالسيدات انبثقت عن برنامج (السياحة تُثري) الذي بدأ السبت 26-4-2008 في منطقة القصيم ومحافظة المجمعة التابعة لمنطقة الرياض، وذلك بمشاركة العديد من شرائح المجتمع من أعيان ومسئولي المنطقة، وشيوخ القبائل، وملاك الفنادق، وأعضاء المجلس البلدي وعدد من المهتمين في القطاع السياحي.
وتهدف ورش العمل إلى تهيئة المجتمع المحلي بجميع أطيافه لفهم وقبول ثقافة السياحة، وتعميق مفاهيم التربية السياحية لدى أفراد المجتمع بما يمكنهم من تطبيق وممارسة سلوكيات السياحة الإيجابية.
والهيئة العليا للسياحة هي هيئة رسمية صدر قرار ملكي بإنشائها قبل 8 سنوات بهدف تفعيل السياحة الداخلية.
وفسر الخبير الاقتصادي السعودي عبد المجيد الفايز اقتحام السعوديات لمجالات عمل جديدة بأنه يأتي في سياق تطور اجتماعي، ونتيجة حتمية للتنمية الاجتماعية التي تعيشها البلاد.
وأشار في تصريحات سابقة لـ”إسلام أون لاين” إلى أن المملكة تشهد تحولات اقتصادية دفعت إلى تغيير مفهوم عمل المرأة السعودية، وواكبه تغير -وإن كان محدودًا- في تفكير ونظرة المجتمع لكثير من المهن التي لم تكن تحظى بالقبول من قبل.
الاختلاط
ويأتي دخول المرأة السعودية سوق العمل السياحية وسط تنامي الجدل بالمملكة حول جواز الاختلاط بين الرجال والنساء، بعدما نقلت النسخة السعودية من جريدة “الحياة” اللندنية تصريحات عن الشيخ عبد المحسن العبيكان خلال جلسة مؤتمر “الحوار الوطني” السابع الثلاثاء 22-4-2008 قال فيها إنه لا يوجد بالشريعة الإسلامية ما يمنع ممارسة المرأة لأي عمل، ما دامت لا توجد خلوة مع أجنبي، مشيرا إلى “عدم وجود نص شرعي يحرم الاختلاط في أماكن العمل”.
ونفى العبيكان هذا الأمر فيما بعد، معلنا مقاضاته للصحيفة التي اتهمها بتحريف تصريحاته.
من جهته، قال فيصل بن عبد الرحمن بن معمر أمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني: إن الظروف الاقتصادية ستجبر في النهاية معارضي عمل المرأة من علماء الدين والسعوديين على قبول فكرة دخولها في ساحة العمل، بحسب وكالة رويتر أمس.
وأضاف بن معمر: “بما أن عدد الفتيات اللاتي يتخرجن من الجامعات يفوق عدد الفتيان؛ فلا يمكن أن تكون لدينا عمالة وافدة قوامها سبعة ملايين شخص فيما تقبع نساؤنا في منازلهن”.
وقبل نحو شهر نشر تعميم لأمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل يحدد فيه ضوابط عمل السعوديات، تم فيه إلغاء نص “عدم جواز الاختلاط” واستبدل به “الالتزام بمقتضيات الشريعة”.
وبرز في الأعوام الأخيرة اهتمام رسمي بتفعيل دور المرأة السعودية في المجتمع؛ إذ وضع العاهل السعودي هذه القضية كأولوية في خطة التنمية ما بين عامي 2005 إلى 2009، مع تأكيد ضرورة أن يكون ذلك متفقًا مع مبادئ الإسلام.
وشهد عام 2008 عدة قرارات رسمية تتعلق بالمرأة السعودية، كالسماح للمرأة بالإقامة في الفنادق دون محرم، حيث افتتح بالمملكة رسميا في 18-3-2008 أول فندق مخصص للنزلاء من النساء فقط في منطقة الشرق الأوسط.
كما صادق مجلس الشورى الأحد 24-2-2008 على توصية دولية تنص على تجسيد مبدأ “المساواة المطلقة” بين الرجل والمرأة.