اتجهت الفتاة الصينية لي غيلنغ الى جنوب البلاد قبل ثماني سنوات للبحث عن عمل، فعثرت على عمل في احد المصانع وتعرفت على شاب اقامت علاقة عاطفية معه واصبحت حاملاً.
وفي مثل حالة غيلنغ يتعين على الفتاة الصينية اما ان تتزوج والد الطفل او تجهضه، ولما كانت غيلنغ في الثالثة والثلاثين من عمرها ولها شخصيتها المستقلة، لم تلجأ الى اي من الخيارين واختارت ان تصبح اماً عازباء او single mother.
وقد حمل هذا القرار لغيلنغ دلالات لم تكن تتوقعها في بلد يفرض قيوداً صارمة على النمو السكاني ويقدم القليل من التسهيلات للنساء من امثالها.
وتقول الآن، وقد بلغت الثالثة والاربعين، انها ليست نادمة بعد ان واجهت المتاعب، وزعمت انها مطلقة من اجل تجنيب ابنها اي احساس بالعار، وتزوجت رجلاً كبير السن لتنسب اليه ابنها من اجل دخول المدرسة والحصول على الخدمات الاجتماعية الاخرى.
وتقول غيلنغ التي تعيش مع هذا العجوز في بكين وتصف علاقتها به بالسيئة، انها سوف تفعل اي شيء من اجل ابنها.
ولم تكن ظاهرة الام العزباء قد دخلت المجتمع الصيني الذي ظل – حتى وقت قريب – يعاقب المرأة على الانجاب خارج مؤسسة الزوجية.
ولا تتوقف الحكومة الصينية عن ترديد ان الحزب الشيوعي حرر المرأة عام 1949 كما حرر بقية الاراضي الصينية، ولكن في حقبة الحداثة السريعة، هناك غياب لاي حديث عن حقوق المرأة.
ولا توجد احصائيات رسمية عن عدد الامهات العازبات في الصين، ولكن ممارسة العلاقات الغرامية خارج اطار الزوجية اصبح امراً شائعاً، لا سيما بين ابناء الطبقات الثرية، ويعتقد الخبراء ان اعداد من يقيمون علاقات جنسية بلا زواج، في ازدياد مطرد.
وتعتبر زي جنغ (33 عاماً) المراسلة الصحفية في شانغهاي نموذجا لجيل اخذ يتزايد من الامهات العازبات اللواتي يتمتعن بقدر كبير من الاستقلالية الاقتصادية ويتخذن قراراتهن بانفسهن. تقول زي انها اصبحت حاملاً اثناء فترة الخطوبة، التي لم تدم طويلاً، وقررت الانجاب وتربية الطفل بنفسها، وتقول انها سعيدة وتعيش في وضع جيد مع طفلها.
وتتراوح القوانين من مدينة الى اخرى ومن مقاطعة الى اخرى، لكن الخيارات تظل محدودة جداً بالنسبة للمرأة غير العاملة، او ذات القدرات الاقتصادية البسيطة.
معلمة الموسيقى زونغ يو (23عاماً) في مدينة شونغ كنغ تقول، انها فكرت في الاجهاض حين اكتشفت انها حامل، فالاجهاض مشروع في الصين وينتشر على نطاق واسع، لكن المشكلة انها لم تكن قادرة على تحمل نفقات المستشفى، وفي النهاية عدلت في فكرة الاجهاض، وقررت انجاب طفلها ورعايته.
وانتقلت لي بابنها، الذي انجبته في الريف من دون زواج، الى بكين من اجل البحث عن عمل ولابعاد ابنها عن النميمة، وهناك اخذت تنهال عليها عروض الزواج، واخيراً تزوجت وعاشت مع زوجها الجديد وابنها، ولكن سرعان ما انهارت العلاقة حين رفض الزوج تسجيل الطفل باسمه.
وتقول لي انها مستعدة لتحمل اي معاناة من اجل طفلها، ورفضت ان تفعل ما قالت ان «معظم النساء اللواتي يتخلين عن اطفالهن لآخرين يتبنونهم، فمعظم الامهات لا يرغبن في تولي رعاية اطفالهن بمفردهن».