بقلم: ميساء البشيتي
من يخاطبكم يا ميتون ؟
طارت الكلمات من حناجركم جثثا ً هامدة تسبح في فضاء غزة لتنقل أحر التعازي ، فعلا هدير الصمت هناك أخمد فحيح هذه الكلمات .
خذوا جثامين كلماتكم ، خذوا كلماتكم الخرساء ،علقوها على آذان طرشاء ، في غزة هدير الصمت أعلى من فحيح الكلمات .
في غزة لا موت إلا للأموات فقط ، غزة خلعت أسمال الموت البالية كما خلعتكم منذ أعلنتم عليها الحداد ،غزة تصحو من سكرات الموت ، تنتفض من بين القبور ، كلا ليسوا أشباحا ً بل أنتم من متم منذ زمن وغبار الموت ما زال يرقد على وجوهكم وينبعث في كلماتكم ، في سخطكم واستنكاركم ، في شجبكم وإدانتكم ، فكلها طقوس وإيقاعات لا تنبعث إلا من أثير صدى الموت .
ستبقون هائمين في هذه الأرض ، موتى بلا قبور، كلماتكم جثث باردة ، ضمائركم عدم ، وأنفاسكم دخان أسود ، فلا تبثوا رائحة الموت في غزة ، دعوها تنفض عن نفسها غبار الموت وخذوا أنتم القبور لا داعي للتجوال كأشباح الليل لبث الرعب ووأد الأمل في القلوب .
منذ ألف ألف عام وأنتم موتى بلا قبور ، تسكنون القصور ، وتعتلون الصولجان والعروش ، وتبثون السموم ، وتقطعون بالسيف زبد الكلام وتحاربون الأعداء بمعسول الكلام ، تصافحون العدو بيد ٍ من حرير، وتضربون بفأس صرخات الأرامل والمكلومين ، تتراكضون في الليل كأشباح الظلام تفتكون ، تتآمرون ، تتلاعبون ، ومع خيوط الفجر تعودون فتنغمسوا في الموت من جديد .
أنتم الأموات يا سادة ، ورائحة الموت العفنة تفوح من جنباتكم كما تفوح رائحة الخمر من فم السكّير وهو يقف على سجادة الصلاة ويعلن أنه على وضوء.
من يخاطبكم يا سادة ؟ من يخاطبكم يا ميتون ؟