بسم الله الرحمن الرحيم ” وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ “صدق الله العظيم.
مقدمة:
لم نكتف بعد بستين عاما تقترب بعد أيام قليلة لنكبة الشعب الفلسطيني وتمزيق أراضيه واحتلالها وتفتيت وضياع شعبها في موجات من اللجوء المستمر آخرها كان إلى أمريكا اللاتينية قادما من العراق المحتل وهذا اللجوء والتيه ما يزال يعصف بشعبنا، ونظرة إلى من تبقى على أرض فلسطين التاريخية فهم هناك ما يزالون صامدون رغم أهوال عصف الثقافة العبرية والتطبيع فهم يصرخون في كل مناسبة وطنية ها نحن هنا باقون محافظون على الهوية….
أما من هم قابعون في الضفة وغزة هذا الخليط من الشعب اللآجىء في 50% منه والذي بلغ تعداده العام قرابة أل 4 مليون نسمة فإنهم ومنذ ستون عاما على أمل الاستقلال والحرية والعودة مثلهم مثل إخوانهم أل 5 مليون في الشتات .. عيونهم ما انفكت تصبوا نحو فلسطين الأم والأرض الطيبة التى يرتع فيها المحتل وما انفك يتمدد بمستوطناته كالسرطان في كل الاتجاهات.
لم نكتف بهذا وسنحتفل بعد شهرين بمرور عام كامل على انفصال غزة عن الضفة بانقلاب عسكري مثبت بالصوت والصورة وبتداعياته المتلاحقة وحقائقه الملموسة وهى أكبر من إخفائها فالأوضاع القاتمة من سواد كقطع الليل المظلم بلونه وفتنته ومعصيته ! ومن الألم المتجدد كشلالات من القهر والتراجع في كل شيء والذي يعتصر ما تبقى من ارض فلسطين الحلم والتاريخ والأمل.
الحقيقة ( حتى مايو /2008 ):
فشل الجهود الداخلية والخارجية لإقناع حماس بالرجوع عن انقلابها وعدم اعترافها به انقلابا وإنما حسما عسكريا .. لما له من تداعيات قانونية وخيمة مستقبلا وعليه استحالة الحوار الداخلي بروح أخوية قبل إنهاء هذه الحالة الشاذة حيث لم يحدث حوار في العالم ولا في دول الجوار حتى الآن كسابقة من هذا النوع ولن تحدث لاحقا حتى لا تتكرر داخل أي دولة منها أو أي كيان حكم كائن وتصبح هناك فوضى من ابتزاز أو نوع من انقلابات متكررة أو فوضى أقليات معينة أو عصابات مسلحة تتربص بوحدة الأرض والدولة وعليه يجب إعطاء ضمانات من الرئاسة ليست شفوية وإنما متزامنة مع خطوات التراجع وبصيغة أكثر وضوحا من جملة الرئيس أبو مازن (عفا الله عما سبق ) التى ذكرها في احد خطاباته للشعب الفلسطيني والمثبتة لأهميتها الكبرى في سياق الحل الداخلى.
الخارطة السياسية الحالية بكل شفافية وصراحة :
* هناك جبهة إسلامية تقود الصراع الداخلي وترغب في مشاركتها الحكم على ضوء انتخابات تشريعية فازت بها وهذا حق من حقوقها ولكنها لا تقر بفشلها في الاستمرار في تنفيذ برامجها ووعودها بل وتراجعت كليا لأسباب دولية وعربية وإقليمية لم تشاء أن تفهمها سريعا، وتنتظر إنهاك سكان غزة نهائيا أو حدوث مفاجئات ضاغطة معينة من أي صنف أو نوع كان. في مقابل هذا هناك الجبهة الوطنية المسيطرة فعليا على مقاليد الأوضاع في الضفة وعلى المستوى الدولي و الإقليمي والمحلي حيث يسيطر ويحكم في الضفة الغربية و التى تقدر مساحتها بأكثر من 6 إضعاف مساحة قطاع غزة حيث تتواجد فيها مقومات الزراعة والصناعة والسياحة بلا منازع عنه في قطاع غزة ذو الكثافات العمرانية التى التهمت معظم الأراضي الخصبة وأشجار البرتقال وما لم تفعله المباني أكملت عليه جرا فات الاحتلال بتجريفها للأراضي الزراعية والبساتين وبشكل يومي وممن هج ولم يتبقى سوى البحر مميزا للقطاع وهو جانب هام مستقبلا للتكامل وكمنفذ بحري هذا انقسام في الجغرافيا الفلسطينية تحبذه إسرائيل وتعمل عليه جاهدة بأن يبقى ضمن ضوابط معينة لأنه وضع قد اخل في الترابط الجغرافي الفلسطيني وسهل عليها حل هذه المعضلة التى تعتبر في صميم الاستقلال وإعلان الدولة الفلسطينية.
* ظلت منظمة التحرير الفلسطينية معترف بها دوليا وعربيا وفلسطينيا كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني منذ 35 عاما إلا من قبل حماس لاختلافات عميقة كانت في ظاهرها أيديولوجية حتى وقت قصير قبل أن تتحول إلى سياسية وصراعات على الحكم ب
ينما تصارع حماس على تغيير صورتها دوليا بكل الطرق والوسائل المتاحة دوليا دون أي تقدم أو نجاح يذكر وبقيت محصورة في مثلث أضلاعه في منطقة الشرق الأوسط و دون فائدة ترجى وهى في بداية الطريق بعد ويلزمها خطوات ستمتد لسنوات طويلة قادمة وبتنازلات جوهرية في أهدافها التى قامت وانتشرت عليها.
* المفاوضات التى تقودها منظمة التحرير بشقها المتمثل في السلطة الوطنية الفلسطينية متعثرة لعدم رغبة أمريكا الجادة في حل الصراع العربي الفلسطيني /الإسرائيلي كرزمة واحدة وذلك انحيازا لإسرائيل وبالتالي تفضل تفتيت المسارات لإضعاف الحلقة الأضعف وهم الفلسطينيين والنزول بسقف أطروحاتهم وثوابتهم بعد أن ضمنوا اعترافا عربيا بالحل ضمن حدود عام 67 ومن كافة الجهات وحركات المقاومة الفلسطينية.وقد سبق لهم تحييد المسار المصري بإنهاء قضايا الخلاف بينهما وعودة سيناء وكذلك مع الأردن كدول رئيسية من دول الجوار وهذا بنظرهم لم يكتمل بعد، فالعيون متجهة صوب سوريا لدحرجتها ضمن حل منفرد آخر لقضية صراعها وهى الجولان المحتل يتبعها لاحقا لبنان.
* تعطل معظم عمل المؤسسات الرسمية بشقيها (العسكري والمدني) والشعبية في قطاع غزة بعد انقلاب من قبل حماس على حكومة الوحدة الوطنية التى كانت ممثلة فيها بأغلبية برلمانية حتى 14/6/2007 إلا من بعضها كالصحة والتعليم وكلها ما يزال يمول من حكومة الأخ الرئيس أبو مازن حتى الآن وفى ظل وجود الانقلاب.
* يعمل الجانب الوطني جاهدا وعن قناعات الراسخة وعلى حتمية وجود انتخابات قادمة ويعمل على إعادة ترتيب صفوفه فيسير من تقدم إلى آخر وما فوزه في انتخابات الأطر الطلابية والنقابية إلا خير شاهد في مناطق الضفة وعمله الدءوب لاستلام المناطق المحتلة من إسرائيل بعد تقوية أجهزة الشرطة في حفظ الأمن للمواطن وإخضاع الجميع تحت سلطة وسيادة القانون دون استثناء لأحد.. بينما التيار الإسلامي قد نفض يديه كليا بعد فوزه مرة أولى وتجمد عندها ؟ فهل يسمح بإعادة الانتخابات من جديد في غزة ؟؟ على الأقل كونه فاز بها مرة وانتهى الأمر وله حجته في ذلك ! وبالتالي ما يزال يجزم بأنها لن تحدث في الضفة نتيجة لشعار الوحدة التى ترفعه الضفة حاليا بأنه بدون غزة لن تكون هناك انتخابات مجزأة ؟؟ ويستثنى من حساباته أي مفاجئة ولو تكتيكية مثلا من قبل الشرعية في الضفة الغربية ولو من باب أحقيتها في محاولة الضغط لاستعادة وحدة الأرض والشعب بغير سفك دماء جديدة لا طائل منها أبدا وهذا من حقها طبعا!! بينما حكومة الأمر الواقع أو المقالة في غزة تقوم بتطبيق وفرض سياسات الأمر الواقع فلا توجد قوى محلية أو إقليمية تهدد هذا الواقع المفروض بقوة السلاح عمليا بالرغم من كثرة الكلام ونبذ ما حدث والمطالبة بالرجوع للشرعية فهي تبقى مجرد فقاعات غازية بنظرها.
* تم توقيع ورقة للتهدئة أو لهدنة بين حماس وبعض المليشيات التى تدور في فلكها بواسطة مصرية تهدف إلى وقف الاعتداءات الإسرائيلية وتبادل للأسرى وفتح المعابر في غزة أولا ثم يتبعها تهدئة في الضفة الغربية وهى بوادر جيدة لاستمرار جهود التسوية المتعثرة وتخدم في استبعاد ذرائع أمريكا وإسرائيل بعدم جدية الفلسطينيين وتنقل الكرة للملعب الإسرائيلي من جديد..
مقترحات أولية للوفاق الوطني :
1. إعادة مقرات السلطة الوطنية في غزة وما تبقى منها وممتلكاتها إلى سلطة الرئاسة كبادرة حسن نية وتوضع تحت قيادة مصرية مؤقتة تشرف على تسليمها لقيادة فلسطينية يتم تحديدها من قبل الرئيس الفلسطيني ، حتى لا يكون هناك فراغا امنيا بين الناس بشكل مؤقت لحين تنظيم انتخابات محلية (تشريعية ورئاسية ) لتجديد الشرعيات وإعادة أجواء الديمقراطية للشعب فهو المرجعية النهائية لكل الشرعيات سواء ضمن الفترة القانونية أو ضمن حالة من التبكير لأسباب فادحة حلت بالبلاد وهذا ما حدث فعلا من تمرد وحصار وتردى قاتل للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.يتزامن ذلك مع تأكيد طي صفحة الماضي وتسوية الأمر بمصالحة شعبية وطنية شاملة يدخل فيها العرف والعادة إلى جانب السلطة الشرعية والرسمية .
2. بعد تمركز القوات واستتباب النظام يفضى إلى إجراء انتخابات حرة نزيهة يشرف عليها الجميع داخليا ودوليا من قبل هيئة الأمم المتحدة ويتم القبول لاحقا بما يرتئيه الشعب الفلسطيني ، ويستبق هذا تشكيل حكو
مة انتقالية مهمتها الإشراف على سير الانتخابات ومن ثم تقدم استقالتها لاحقا ويعاد تشكيل حكومة وفقا لنتائج الانتخابات وفقا للدستور.
3. بعد إجراء الانتخابات وبناءا عليها يفضى إلى بلورة الحوار لضم الراغبين في الدخول إلى منظمة التحرير ليتسنى للوحدة الفلسطينية أن تتقدم علما بان الانضمام للمنظمة لا يعنى ضرورة الاعتراف بأي دولة كانت ومن ضمنها إسرائيل طالما ما يزال السلام الحقيقي بعيدا وطالما لا تشكل تلك الجهات الأغلبية داخل المنظمة فالقرار ديمقراطي بحت بمعنى لن يكون هناك عرقلة للمفاوضات بل دعما وتسهيلا للمفاوض من اللجنة التنفيذية للمنظمة الجديدة.ويجب هنا الفصل بين دور منظمة التحرير وبين السياسات الداخلية للحركات والتنظيمات المنضوية في بوثقتها.
4. يتم تشكيل الحكومة الفلسطينية من كافة القوى السياسية التى تحصلت على أصوات في الانتخابات التى تمت وفقا لآلية النسب والتحالفات ضمن عملية ديمقراطية متعارف عليها دوليا على أن تكون من كوادر أكاديمية تزكيها تلاك القوى وليست من كوادر مسئولة وحالية وذلك ارتقاء لمستوى أفضل ومتطور من الأداء ولتبقى تلك الكوادر داخل أطرها الحزبية والحركية.
5. يتم وبشكل متزامن وضع إستراتيجية وطنية تحدد كيفية التعامل مع المفاوضات على أسس الثبات على المبدأ والحفاظ على الثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني وأولها إقامة ألدوله المستقلة بعاصمتها القدس وحل عادل لللآجئين وضمان حق العودة لهم كهدف أساسي للحل الشامل ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية بكل أطيافها والمبادرة العربية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
6. بعد تهيئة أسس الدولة وقبل إعلان قيام الدولة الفلسطينية يتوجب على جميع مكونات المنظمات والميليشيات المسلحة تسليم أسلحتها للحكومة التى تسبق الاستقلال لضمان وحدوية السلاح وقانونيته وشرعيته للحكومة فقط وغير ذلك يعتبر خارجا عن القانون وغير شرعي ويخضع لمحاسبة مالكه بشكل فردى وضمن سيادة القانون وقد يتزامن هذا مع إعلان الاستقلال ويشرف على ذلك جانب محايد عربي ودولي إن لزم الأمر لإتلاف الأسلحة الثقيلة .
7. بعد إعلان قيام دولة فلسطين ( ضمن أراضى أل 67 ) يعمل الجميع تحت راية واحدة وهو علم فلسطين وتحت سيادة القانون والدستور لدولة فلسطين أسوة بجميع الشعوب المستقلة وان يعاد تكوين وصياغة الأجهزة الأمنية والشرطية وحرس الحدود فلا تكون هناك جهات تحت كل المسميات خارج سلطة القانون وأن يخضع الجميع دون استثناء للدستور والقانون الفلسطيني للدولة المستقلة الذي يضمن عقد الانتخابات الدورية على أسس من الديمقراطية وتبادل الحكم.
===================
** هذا اجتهاد شخصي من الكاتب لا يمثل أي جهة رسمية أو سياسية.
*** متمنيا من جميع الكتاب والقراء التفاعل الايجابي واقتراح أفكارهم وإثراء المقترحات لتعديلها لاحقا فتكون فيما بعد معبرة عن آمال وطموح جميع الكتاب ومشاركات القراء لنطرحها فيما بعد باسم جميع المشاركين لاحقا إلى الجهات المعنية كرغبة عملية في رأب الصدع لما فيه مصلحة الأرض والإنسان الفلسطيني.
والله من وراء القصد.
أخوكم / م. زياد صيدم