المؤتمر الإعلامي الفلسطيني الثاني والمنعقد تحت عنوان “الإعلام الفلسطيني سلطة رابعة أم أداة في تأجيج الصراع الداخلي” نظمته شبكة أمين الإعلامية على مدار ثلاثة أيام من1-3 أيار في مدينة أريحا ، وشارك فيه عدد كبير من الصحفيين الفلسطينيين من مختلف القطاعات الإعلامية من الضفة الغربية وقطاع عبر نظام “الفيديو الكنفرس”، وفكرة عقد هذا المؤتمر تعتبر فكرة رائدة وتستحق الدعم والتقدير كون هذا المؤتمر يوفر فرصة للإعلاميين الفلسطينيين للتواصل المباشر بينهم ولتدارس واقع الإعلام الفلسطيني، وواقعهم هم أيضاً في هذا القطاع، والبحث عن السبل والوسائل التي تمكنهم من تجاوز المعيقات التي تقف في وجه النهوض بهذا الواقع ومعالجة الشوائب التي علقت به على مدار سنوات، في ضوء غياب جسم قوي يقود هذا القطاع ويتابع شؤونه المهنية واحتياجاته الفنية، والدفاع عنه في التعديات والمعيقات التي توضع أمامه.
وجدية هذا المؤتمر وأهمتية كانت واضحة في أجندته التي حاولت تغطية معظم الأمور ذات العلاقة بالقطاع الإعلامي والإعلاميين، حيث تحدث المشاركون في عدة محاور على درجة من الأهمية تمثلت في “الحريات الإعلامية في ظل الانقسام والاقتتال الداخلي”، والواقع الإعلامي في شقي الوطن بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، وإعلان حالة الطواريء في الضفة الغربية، وتعرض المؤتمر للآليات التي يمكن من خلالها إخراج وسائل الإعلام من أتون الاقتتال الداخلي، وكان لنقاش واقع نقابة الصحفيين جزء كبير من وقت هذا المؤتمر، وهذا يعود لأهمية الموضوع وتأثيره على القطاع الإعلامي وواقع الإعلاميين في الأراضي الفلسطينية، حيث خصص اليوم الثاني من هذا المؤتمر لموضوع النقابة، والذي شهد الكثير من المشادات بين الإعلاميين من جهة وبين نقيب الصحفيين الذي عبر عن” عدم قدرة الإعلاميين على استفزازه” مما يعني وجود علاقة غير سليمة بين النقابة والإعلاميين، وتوقع النقيب هجوم أقوى وأعنف من الإعلاميين على الجسم المفروض أنه يمثلهم ويدافع عن مصالحم فيه الكثير من المؤشرات السلبية على بنية هذه العلاقة.
وقد كان للمنهجية التي أديرت بها جلسات المؤتمر دور كبير في تفعيل ومشاركة الجميع بشكل فاعل في هذا المؤتمر، ولم تجعله مقتصر على المتحدثين الرئيسيين وأصحاب أوراق العمل المقدمة، فكان لنظام المجموعات التي كانت تشكل بعد كل جلسة من جلسات المؤتمر دور في مساهمة كل مشارك في مخرجات ونتائج هذا المؤتمر.
هذا من حيث أهمية المؤتمر وأهمية الفرصة التي وفرها للإعلاميين لتدارس واقعهم خاصة في ظل صعوبة التواصل بينهم نتيجة الإغلاقات والحواجز والفصل بين شقي الوطن بسبب إجراءات الاحتلال، ولكن من حيث فحوى وتفاصيل النقاش والحوارات التي دارت في المؤتمر فهي تحتاج للكثير من الحديث والتقييم كونها بينت صورة الواقع الإعلامي الفلسطيني حتى لغير المنخرطين به بشكل كامل ومتواصل، والذي سنحاول التعرض لها فيما بعد ببعض القراءة والتحليل، خاصة إنني اعتبر نفسي (بناءً على مشاهداتي في المؤتمر) من القلائل الذين حضروا هذا المؤتمر ولم يأتوا بأفكار مسبقة وبنيتهم المحاربة لإثبات صحتها ومنطقيتها أمام الأفكار والتوجهات المضادة.