الربيع السياسي …يمكن! إن لم تهطل أمطار ملوثة، وإن لم تهب رياح الحقد والتفرقة!
تمزيق الصف الوطني أخطر من الإرهاب، ويجب أن يوقف عند حده ويحاكم كلُ من يتجرأ لذلك من خلال خطاب أو مقالة أو تمثيلية مدفوعة الثمن.
أن أهم أسباب المآسي والكوارث التي حلت على العراق وشعبه كان وما يزال هو الخطاب السياسي والتصريحات المسمومة. ومن جميع الأطراف لكي لا يضعنا البعض في جهة ضد جهات أخرى…لن أقول هذا الكلام لأنني اكتشفت سراً كان خافياً على البعض. فأن من أنشأ الخطاب كان يقصد ذلك، وأن من كان وراء تلك السموم كان يعي الخطر…وأن من نفذ وإن لم يخطط لهذا وذاك لكنه لم يكن جاهل بالأمر.
لكن ما مضى فقد مضى، ولا يمكننا إرجاع عقرب الساعة لكي نصلح الأخطاء، لكن يمكن الاستفادة من تلكم الأخطاء لكي لا تتكرر الكوارث مرة أخرى…نسمع مقولة الربيع السياسي! وكثيرٌ من أبناء الشعب العراقي يعيش ليس فقط تحت خط الفقر…بل هناك من ينظر منيته في أي لحظة…فبدأ لا يرجو حقوقاً إلا الاستمرار في الحياة والنجاة من الموت.
الكتل السياسية أعطت الضوء الأخضر لرئيس الوزراء بأن يستمر في حملته للقضاء على كل أنواع المليشيات وتجريد الجميع من السلاح لكي يبقى السلاح فقط بيد الحكومة. وهنا يجب أن أشير لأمر أراه مهم جداً – أن يقدم مشروع عاجل لمجلس النواب العراقي يحرم حيازة الأسلحة بكل أنواعها أو المتاجرة بها أو التستر على من يخبئ أو ينقل أو يبيع أو يشتري، لكي لا يكون هناك أي ذريعة قانونية. وأن موضوع حماية الشخصيات السياسية ترتب لها حلول من خلال وزارة الدفاع ووزارة الخارجية.
والأمر الآخر الذي أراه مهماً هو التشكيلة الجديدة للحكومة أو بالأحرى رجوع الكتل لملء الفراغ الوزاري. أن وجود وزارات شكلية وبهذا العدد الكبير يعرقل عملية البناء، فليس العبرة بكثرة المسميات دون إنتاج يذكر، بل العبرة بالنوعية والمحصلة المادية والمعنوية للمواطن. فبدل أن تكون حصة الكتلة (س) كذا عدد من الحقائب الوزارية يمكن أن يقلل العدد من هذه الكتلة وبقية الكتل…والتوصل لتوازن بخصوص الوزارات الريادية أو المسميات الأخرى وزارت رئيسية وأخرى فرعية، ولماذا لا ترغب بعض الكتل بوزارات تقدم خدمات ملموسة للمواطنين، ولماذا التسابق على وزارة النفط والدفاع والداخلية والتخطيط والمالية…متى ينمو الشعور والحس الوطني لدى القيادات السياسية. يكفي الصراع من أجل الحصول على المكاسب. وعليه يجب وضع حد للفساد الإداري من خلال ضوابط محكمة ولجان مراقبة غير معروفة تنتخب من مختصين مستقلين. لا نريد أن نرى وزارات تابعة للأحزاب، لقد سأم الشعب العراقي هذه التمزق وقتل الروح الوطنية. من غير المنطقي أن يخرج سياسي في وسائل الإعلام ويتهم حزباً هو في تكتل معه بأن جميع الوظائف شغلت من الحزب ولم يحصل حزبه على أي منصب. هذه الأمور يجب أن تحل ضمن الكتل وأن لا يتقلى الشعب العراقي أسباب الفرقة والتشتت.
يجب سن قوانين تحمي الحس والشعور الوطني وتمنع الصرخات الممزقة للصف الوطني…العالم يضحك على ما يجري في العراق بين القيادات السياسية التي تحرك المواطنين ليتحول أعداء للوطنية وللوطن من حيث لا يشعرون. لا نريد رقابة على وسائل الإعلام، لكن يجب أن تنشر مفاهيم تؤدي لوحدة الصف الوطني، ويجب أن تسن قوانين تحمي الشعور الوطني من خلال وضع مؤشرات يحاسب عليه السياسي الذي يثير الخلافات أي كان نوعها. ليتحول التسابق من أجل المكاسب الخاصة الحزبية والطائفية والقومية لمكاسب وطنية…يجب أن يكون السباق من أجل من يقدم الأفضل والأكثر لهذا الشعب الذي ضحى بكل غالٍ ونفيس من أجل العملية السياسية.
نريد أن نعيش ربيع سياسي، لكن ليس من خلال التمني وحده، بل يجب أن يعد له قوانين وتوعية جماهيرية تنشر المحبة بين أطياف المجتمع العراقي والجميع يبادر لزرع بذور المحبة بدل الحقد والكراهية والتفرقة. يجب أن يعد لفصل الربيع السياسي فصول كثيرة ويكون الإعداد علمي وواقعي وليس أضغاث أحلام.
المخلص
عباس النوري
2 أيار, 2008
[email protected]