جاءت النتائج المعلنة للزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس السلطة “محمود عباس ” لواشنطن قبل أسبوع تقريبا، تلبية للدعوة التي وجهها له “جورج بوش”، لتشير إلى ظهور تعبير جديد طرحه الرئيس الأمريكي أثناء كلامه عن الدولة الفلسطينية الموعودة. فالحديث الأمريكي عن وجود تعريف جديد لرؤية بوش للدولة الفلسطينية، يحمل مخاطر جديدة تضاف للتعريف “الكارثي” الذي أعلنه بوش في أواسط ابريل عام 2004 في رسالة الضمانات التي سلمها لرئيس حكومة العدو “شارون”. خاصة وأن ماصدر عن أركان قيادة سلطة رام الله المحتلة، المراهنون على دور “الراعي الأمريكي”، قد أعطى الانطباعات، والاستنتاجات تالياً، عن وجود مطالب أمريكية جديدة لخفض السقف السياسي لوفد السلطة، الذي تتدني مطالبه مع كل لقاء مع الأمريكيين، أو أعضاء حكومة العدو. محمود عباس تحدث في أعقاب اللقاء قائلاً(بصراحة، حتى الان لم يتحقق شيء)معرباً عن (خيبةامله، لأن الإدارة الأمريكية لا تمارس أي ضغط على اسرائيل لوقف نشاطاتها الاستيطانية).وهذا ماأكدته وكالة الاسوشيتدبرس عندما نقلت عن أحد مساعديه انه خرج “مستاء” من لقائه مع وزيرة الخارجية كوندوليزارايس، وهو ماتوضح في حديث “عباس” للوكالة في ختام زيارته الأخيرة لواشنطن(انالأميركانلم يقدموا أي مقترحات جديدة، وانه لم يتم احراز أي تقدم في أي منالقضاياالجوهرية) مضيفا( إن كل الملفات ما زالت مفتوحة ولم يتم الانتهاء من اي واحدمنها….لقد طالبناهم انيتحدثواعن حدود عام 1967 لكن _ايا من المسؤولين الأمريكيين الذين التقاهم_ لايتحدثعن حدود 1967). لكن هذه الحدود ستكون قابلة للتعديل وبموافقة من عباس، بحسب تصريحات جديدة_ بعد بضعة ساعات على مغادرته واشنطن_ لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية. اذ أكد على(انه لا يستبعد مبدأ تبادلالاراضي في حدود خفيفة على الجانبين… هذه النسبة يجب انتكون في اضيق نطاق).
في لقائه بالباحثين والخبراء بمعهد “بروكينغز”في الخامس والعشرين من ابريل/ نيسان، يتوجه “ياسر عبد ربه” أحد أبرز دعاة الرهان على السياسة الأمريكية، والعضو الأساسي في وفد السلطة المرافق لعباس لمستمعيه قائلا(ان ما يجري على الارض وما يقال يجعل المرء يشعر بالانفصام، لانه يتعارض معهدفاقامة دولة فلسطينية ولأن اسرائيل تسعى الى تقسيم الضفة الغربية، بحيث تدفع هذه المواقف، لصعوبة معرفة ما اذا كانت الامور تتجه نحو تسوية ام نحو كارثة). لكن الطاقم الفلسطيني المفاوض، يعرف قبل غيره، أن الولايات المتحدة تدعم علنا موقف حكومة العدو الرافض للانسحاب إلى خط الرابع منحزيران، كما جاء في رسالة الضمانات، بالإضافة لتأكيدها المستمر على ضرورة التعامل بواقعية مع التطورات الحاصلة على الأرض! بمايعني تغيير خط الهدنه، بحيث يتم ضم كتل المستعمرات للأراضي المحتلة منذ عام 1948، والإعلان عن تأييدها الكامل لـ” يهودية الدولة”، ورفضها لعودة اللاجئين الفلسطينيين لبيوتهم وممتلكاتهم التي طردوا منها عام 1948. ولهذا فإن ادعاءات أعضاء الوفد عن دهشتهم وصدمتهم من الموقف الأمريكي، لايعدو كونه تصرفاً يدعو للرثاء على الحالة التي وصل اليها هؤلاء، أنها بالتأكيد الكارثة !
ماكادت أقدام الوفد الفلسطيني تطأ الأراضي المصرية، حتى بادر رئيسه للحديث المتفائل عن زيارة واشنطن. فحديث عباس الذي وزعته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية يشدد على (أن الزيارة كانت مفيدةوناجحة والحوار كان معمقا وتفصيليا، ولقائي مع الرئيس بوش ورايس وعدد من اعضاءالكونغرس ركزنا فيه على المسار التفاوضي مع اسرائيل ووضعناهم في صورة العقبات التيتواجه المفاوضات وخاصة الاستيطان والحواجز). مضيفا (لقد وضعناهم في صورة المطالبالاساسية التي نريدها من هذه المفاوضات)، بدون أن يشير عباس إلى طبيعة الردود التي سمعها من الذين قابلهم .
إن المخاوف الحقيقية التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني، تنطلق من المعلومات التي يتم تداولها في الدوائر القريبة من” المطبخ التفاوضي”، خاصة الأنباء التي تتحدث عن تلك اللقاءات السرية التي جرت وتجري بين ” ليفني / قريع” في الغرف المغلقة في القدس المحتلة_ لم تبق في الظل طالما قصدت الإعلان عنها صحافة العدو _، لكن مالم يتم الافصاح عنه، هي تلك اللقاءات المحجوبة عن الاعلام، والتي تتوالى جلساتها بين “حاييم رامون و ياسر عبد ربه”، هذه المباحثات التي تستند في العديد من جولاتها على “وثيقة جنيف” سيئة الذكر، وعلى أفكار ومقترحات، ستهبط بسقف المطالب الفلسطينية _إن وُجدت_ إلى مستويات جديدة .
مع الخطوات الحثيثة التي تتحرك على مسارات” واشنطن، القاهرة، شرم الشيخ، رام الله والقدس المحتلة” بهدف وضع المزيد من العقبات في وجه المشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، تبدو أهمية التوصل لبرنامج عمل وطني مقاوم، ضرورة وطنية ملحة، من أجل مواجهة المشروع الاجلائي التوسعي الصهيوني، والتصدي لمخططات الاحتلال في الضفة الفلسطينية والقطاع، خاصة، ونحن على أعتاب الذكرى السنوية الستين للاحتلال الذي ألحق بالشعب والأمة، نكبة تتجدد في كل يوم .