حاوره بسام الطعان
أديب من الجزائر ويعمل في الصحافة ، له عدة مجموعات قصصية والكثير من الحوارات والريبورتاجات والدراسات المنشورة في الصحف والمجلات العربية.
ـ أنت إعلامي وكاتب وقاص ، وقد قرأت لك الكثير من الحوارات والمقالات والدراسات والقصص القصيرة ، ما سبب توجهك لتنويع في الكتابة الأدبية؟
* دعني أوضح لك أمرا مهما منذ البداية فتكويني الخاص مسرحي بحت وبحكم الحياة المهنية والفضاءات التي فتحتها أمامي جعلتني أومن أن التنويع من أهم أسباب النجاح وكذلك يعطيك فرصة الاستماع أو الاحتكاك بالآخرين من مختلف المشارب وبالتالي يساعدك على تكوين الذات . ومن جهة أخرى يمكّنني التنويع في الكتابة الأدبية من إيصال الفكرة التي أريدها بالطريقة والمنهج والأسلوب المناسب لها ، فقد تكون لديك فكرة من المستحسن التعبير عنها من خلال قصة قصيرة أو مقال أو دراسة .
ـ ما الصفة التي تريد أن تطلق عليك، الإعلامي أم الأديب ولماذا؟
وكيف هي العلاقة بين الإعلامي والأديب في داخلك، ومن يستفيد من الآخر، الصحفي أم الأديب؟
* إذا عدت إلى بداياتي فقد كتبت القصة القصيرة وأنا طفل صغير قبل أن ألج عالم الصحافة وأنا كبير ، وبالتالي صفة الأديب أقرب إليّ ، إلى جانب أنني لستُ إعلاميا محترفا . أما العلاقة بين الإعلامي والأديب فهي علاقة تكامل وتجاذب في آن واحد ، فالإعلامي يكمّل الأديب ويحاول أن يسدّ الثغرات لديه وفي نفس الوقت يحاول أن يجذبه ليكون البارز على حسابه ، وعلى العكس من ذلك يحاول الأديب البقاء في الواجهة وجذب الإعلامي ليكون ظلا له ، وكلاهما يستفيد من الآخر : فالإعلامي ينحت من الأديب لغته وثقافته والأديب يمتص من الإعلامي ثورته وعلاقاته وتجاربه
ـ لماذا الشعب العربي شعب غير قارئ، هل لأن لدينا أمية ثقافية وعقبات تحول دون وصول الكتاب إلى القارئ سواء كانت رقابية أو مادية، أو لا يوجد عندنا سوق للكتاب ولا جهات تجيد الترويج للقراءة عكس دور النشر في الدول الصناعية التي حولت عادة القراءة هاجسا استهلاكيا كأية صناعة رأسمالية وأجادت الترويج لها؟
* الأكيد أن أمة اقرأ أصبحت لا تقرأ ، ولكن من أوصلها إلى هذا الوضع .. فالكل متواطئ بدءا من صُناع الكتاب مرورا بمروجيه ، فنحن لا نحسن صناعة الكتاب وإن وُجد ما هو صالح فلن تجد من يقدر على الترويج له وتوزيعه ، وبذلك يبقى سوق الكتاب بعيدا كل البعد عن اهتمامات أصحاب المال الذين باستطاعتهم الإستثمار فيه وتسهيل العمل لانتشار المقروئية .
ـ كيف على المنتج الأدبي العربي أن يطور ويفيد الثقافة العربية إذا كانت إحدى مقدساته وهي الحرية مغتالة؟
* فعلا .. الحرية من ركائز العمل الإبداعي المتطور ولكن نحن لم ننتج أدبا متميزا ومتطورا لأننا لا نملك الحرية وحتى بعض الهوامش الممنوحة لنا لم نستغلها في إنتاج أدبي يليق بطموحاتنا ويعبر عن قدراتنا .
ـ كتاب القصة والرواية من الجيل الراهن يخاف الاقتراب من المسائل الحساسة ( الدين، الجنس، الحرية، الديمقراطية، الخراب النفسي والاجتماعي) ما السبب برأيك؟ هل هو الرعب الداخلي المنعكس من السلطة ، أم هو نقصان في الوعي المعرفي، أم هو انحدار في الموهبة وضآلة في التجربة؟
* عدم اقتراب كتاب القصة والرواية من الجيل الحالي من المسائل الحساسة ليس انحدارا في الموهبة أو ضآلة في التجربة ، بل هو نقص في الشجاعة الأدبية والقدرة على المواجهة ، فحين تكتب عن الدين فأنت متطرف أو استئصالي وحين تفكر في الجنس فأنت منحط ومبتذل .. أما الحرية والديمقراطية الاقتراب منهما يجعلك تواجه عصا السلطة .. ولكن ليس عيبا أن أتحدث عن الدين أو الجنس بحكم تجارب أو معارف تخدم الفكر والبشرية ، وقد أتناول الحرية أو الديمقراطية من باب لا يتعارض مع الآخرين وحتى إن تعارض ، فهذا رأيي أضع نقطة نهايته عند بداية آراء الآخرين .
ـ ما السبب في الفجوة الثقافية الهائلة بيننا نحن العرب وبين الغرب، مثال على ذلك، اسبانيا وحدها تصدر إصدارات في السنة الواحدة أكثر من كل الدول العربية مجتمعة؟
* هناك عدة أسباب وعوامل رئيسية كانت السبب في اتساع الفجوة بين العرب والغرب فنحن تعودنا على أن نكون شعبا مستهلكا ولو بقليل لا منتجا ، وأصبح الكسل من أهم سلوكاتنا هذا من جانب ومن جانب آخر هل وفرنا الوسائل الضرورة والقادرة على الإنتاج الفكري ؟ وهل منحنا مبدعينا ومنتجي الثقافة عندنا الفضاءات المناسبة ، فنحن نجاري الغرب في تسهيل فتح فضائيات الرقص والعري ونعتبره من عوامل تطور الثقافة واللحاق بركبهم .
ـ على الرغم من كل ما فعلته بنا أمريكا من احتلال وخراب ودمار، إلا أن هناك بعض الكتاب العرب يصفقون لها دون خجل ويتشدقون بديمقراطيتها وحريتها، ماذا تقول لهؤلاء؟
* نحن أمة أرضعوها منذ الطفولة حليب التصفيق وعودوها على ذلك ، فبمجرد صعود أي شخص على المنبر نصفق حتى أصبحت عادة لدينا ، وأمريكا اليوم موجودة على كل المنابر وبالتالي يجب التصفيق وكان من الأجدر بالكتاب العرب المزمرين والمصفقين لحرية وديمقراطية أمريكا أن يكونوا في الصفوف الأولى ويقابلونه بالتصفير ، ويكفي الوقوف على أحوال السود بأمريكا ليكون الجواب ونستخلص العبر .
- في بلادنا العربية تقصير واضح في مجال البحث الأدبي المتعلق بالقصة القصيرة ما السبب ؟ ما سبب غياب الاهتمام بالقصة نقديا داخل الجامعات ومؤسسات البحث العلمي أو عبر المؤسسات الثقافية والإعلامية وعلى من تقع مسؤولية ذلك ؟
* معروف أن القصة القصيرة لها قوالبها وهي ليست سهلة ومؤكد أنها لا تجد الإهتمام النقدي الكافي سواء داخل الجامعات أو مؤسسات البحث العلمي وهذا لطبيعة مضمونها وطريقة تركيبها، وبالتالي صعوبات تأطيرها وفهمها والغوص في طرق تركيبها يقلل من شأن الإهتمام بها والعزوف عنها والجري وراء ما هو أسهل منها ، وحتى المنابر الثقافية والإعلامية لم تعطها حقها وتفضل ما يسهل الإستماع أو النشر دون الإستحواذ على مساحات كبرى . أما المسؤولية فهي مشتركة بين كتاب القصة أنفسهم وصناع الثقافة والإعلام ، فالترويج لها يفرض على الجامعات ومؤسسات البحث العلمي وضعها في محك الدراسة والنقد .
- كيف تنظر إلى واقع القصة القصيرة الجزائرية راهنا ؟ هل من تطورات طرأت عليها ؟ وأين مكانها على خارطة القصة العربية ؟
عمار بولحبال : القصة القصيرة الجزائرية عرفت تطورات كبيرة جعلتها تنسجم مع الواقع الراهن وتعبر بشكل لافت لتكون في مستوى الطموحات والتطورات التي شهدتها سواء من ناحية المضمون أو القوالب وحتى تفاعل القارئ معها . وهي تحتل مكانة لا بأس بها داخل خارطة القصة العربية ، فيكفي أن ننظر إلى مختلف المنابر الإعلامية ومواقع الشبكة العنكبوتية لنجد تلك الفضاءات تحوي الكثير من القصص الجزائرية ويمكن اعتبارها ضمن الخمس دول عربية الأولى في هذا المجال .
ـ هل تعاني الصحافة الجزائرية من أزمة حرية شأنها شان الصحافة في أنحاء كثيرة من عالمنا العربي؟
* فعلا .. تعاني الصحافة الجزائرية من أزمة حرية ولكن ليس بالحدة التي تعانيها باقي الصحافة العربية ، فالأولى بها هامش معتبر للحرية حتى وإن لم يكن بالقدر الكافي وربما لولا الظروف التي مرت بها البلاد لكان الوضع أحس بكثير ، ومع هذا تشهد تطورا كبيرا في المضمون والنوعية والعدد وحتى هامش الحرية .