إذا ذهبت إلى المتحف البريطاني، وبحثت عن المخطوط ذي الرقم 324/1606، فإنك ستجد أقدم نسخة من كتاب “القرون” تمت طباعتها في فرنسا في العام 1589، أما مؤلفها فهو المتنبئ الكبير نوستراداموس، وستكون فيها مئات العبارات التي تشير إلى أحداث وقعت وستقع، ولكن بعضها حدّد نوستراداموس موعد حدوثه في العام القادم 2015.
نبوءات نوستراداموس التي تتحقق
“اليهودي المُعمَّد يبقى يهوديا” تلك هي الكلمات التي قالها الجد لحفيده ميشيل الذي سيصبح أهم أشهر فلكي متنبئٍ في التاريخ، معتمدا على علوم مختلفة لم ينقصها الكثير من التوراة ونصوص القابالاه، سيحمل ميشيل اسم نوستراداموس، وسيكتب نبوءاته شعرا مكونا من رباعيات تصف مشاهد بصرية، وسيكون موضوع الخمسئة سنة التي تلت عصره حتى وصلت عصرنا هذا والعام القادم 2015.
قال الجد لحفيده عبارته تلك، لأنهما كانا أصبحا مسيحيين كاثوليكيين، نوستراداموس الذي ولد في فرنسا في العام 1503 تابع حياته مرتبطا، مـن خلال نبوءاتـه، بمصير الكنيسية الكاثوليكية ممحورا معظـم ما كتب حول ما يمكن أن يحدث لها ومن حولها وبسببها وبعيدا أو قريبـا منهـا، قـال نوستراداموس إن العام 1792 سيكـون بـداية لزمن جديد، وقد وجّه حديثه هذا إلى ملك فرنسا هنري الثاني، وما حصل بعد أكثر من مئتي عام أن تلك السنة صادفت سنة الثورة الفرنسية وإعلان الجمهورية الفرنسية.
قال نوستراداموس : “إن العهد الذهبي سوف يعود، حسب العلامات السماوية، بعد فترة اضطرابات ستقلب كل شيء والتي ستأتي من لحظة كتابتي لهذا بعد 177 سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يوما والتي ستجلب معها فساد الأفكار والأخلاق والحروب والمجاعات الطويلة” وفي تمام الموعد كان جان جاك روسو بعد 177 عاما وثلاثة أشهر وأحد عشر يوما يصل إلى باريس معلنا نظريته “العقد الاجتماعي” وعلوم التربية والأخلاق في العام 1732.
الطبيب الحكيم
كان نوستراداموس طبيبا، كافح الطاعون والأوبئة التي انتشرت في أوروبا في عصورها المظلمة، وكان ساحرا مثقفا في العلوم التي لا يجرؤ أحدٌ على الاطلاع عليها، وعرف عنه استعماله وسائل علاجية طبية عربية مثل الحجامة وغيرها، ووضع وصفات طبية غريبة على علوم الطب في تلك الأيام، تلك العلوم التي درسها في مونتبليه، و كثيرا ما قال بنفسـه عن نبوءاته إنها جاءت مفاجئة له، ورغم ذلـك لم يتمكــن العـراف من التنبـؤ بحادث مصـرع زوجتـه وابنتـه، ولكنـه بعدهـا تـرك الطـب نهائيـا وتفـرّغ للمستقبل.
تنبأ نوستراداموس بالحرب العالمية الأولى والثانية، وبحرب الخليج، وبصعود الخميني، وكذلك بأحداث الربيع العربي الدامية، وتحدّث عن تفاصيل يصعب عليه معرفتها في زمنه، كتلك النبوءة التي ذكر فيها مدينة الرستن السورية التي اجتاحتها قوات الأسد ونفذت فيها المجازر وقصفتها بالمدفعية والطيران، قال نوستراداموس: “نار تزلزل الأرض من مركز الأرض، سوف تسبب هزات حول المدينة الجديدة، ستتقاتل صخرتان عظيمتان لوقت طويل، ثم ستضفي أريثوزا لونا أحمر على نهر جديد”، أما أريثوزا فهو الاسم القديم لمدينة الرستن التي تقع على نهر العاصي، ويعني “ربة النهر” باليونانية القديمة، أطلقه عليها سلوكوس نيكاتور في العام 322 قبل الميلاد تيمنا باسم ابنته أريثوزا.
كانت لغة نوستراداموس مثيرة، فيها الكثير من لغة الكتب القديمة، والخطاب الرمزي، وكان يطلق على العالم الإسلامي اسم “مملكة محمد” قال في إحدى أشهر نبوءاته: “من الأرض العربية العظيمة سوف يولد سيد عظيم من مملكة محمد، هذا الملك سوف يدخل أوروبا لابسا عمامة زرقاء، إنه الذي سوف يبعث الأمة العظيمة من الموت لتعيش مرة أخرى، سوف يكون هـو الرعب لكل الناس، لم يكن أحد أكثر منه رعبا” ولم يعرف بعد ما المقصود بكل تلك الرموز التي وضعها نوستراداموس في نبوءته تلك، كان نوستراداموس، يقول عن ذلك إنه لــم يكن يسمع أصواتا بل كان يــرى صورا، حتى أنه عجز عن تفسير بعض الصــور فاستعمـل لها لغة عصره، حين أطلق على سبيل المثال تعبير “الأعمدة الحديدية القادمة من السماء” ليصف بها ما صادف أنه سقوط صواريخ على منطقة معينة في زمن معين.
أنظر في الماء
كان نوستراداموس يستعمل الماء في قراءة المستقبل، فينظر في إناء مملوء بالماء الصافي، ويتأمل ما سيحدث ليكتبه شعرا موزونا فيما بعد، وكانت نبوءاته قد انتشرت كثيرا في حياته، فكل أسرة تريد معرفة مستقبلها، ولم يكن الطبيب يبخل على السائلين، طلبت منه الملكة الفرنسية كاترين دي مديتشي أن يتنبأ بمستقبل أبنائها السبعة، فقال إنهم جميعا سيكونون ملوكا، وهذا ما كان، وورد في كتابه “القرون” أن قائدا عظيما سيهزم في واترلو، في الزمان المحدد، فكانت هزيمة نابليون بونابرت الشهيرة الذي تنبأ له نوستراداموس باحتراق أسطوله الفرنسي في مياه الإسكندرية في مصر، فقال: “يغرق الأسطول بالقرب من البحر الأدرياتيكي، ومصر تهتز كلها، والدخان يتصاعد ويحتشد المسلمون”.
وفي العام 1798 وصل أسطول نابليون إلى مصر ورست سفنه في مياه أبو قير، فقام البريطاني نلسون بإغراق سفن نابليون.
وكان نوستراداموس يحدّد السنة، وفق تقاطع الأفلاك والنجوم والكواكب، ثم يقول رباعيته، وحين حدّد العام 1967 كتب: “بقانون جديد أراض جديدة، ستحتل في سوريا والأردن و فلسطين، وستتقوض القوة العربية، وستنهار عند الانقلاب الصيفي (12 يونيو)”.
وقد نشرت الصحف الإسرائيلية تلك النبوءات واحتفلت بها، وقبل ذلك في الحرب العالمية الثانية، استخدمت النازية كتاب نوستراداموس للتأثير في معنويات الجنود، فكانت طائرات الألمان تلقي بملايين القصاصات من رباعيات نوستراداموس، على المدن التي يحتلها الجيش الألماني، فغرقت لندن ذات مرة بأشعاره وحديثه عن الكوارث والهزائم.
عاش نوستراداموس في آجين الفـرنسيــة، بعـــد أن حصل على الدكتوراه في علوم الطب، وهناك فقد زوجته وابنتــه، وقدّم إلى المحاكمة في تولوز بتهمــة الكفــر، من قبل محاكم التفتيش الكنسية الكاثوليكية، وسبب تلك التهمة قوله لأحد الفنانين وهو يصنع تمثالا لمريم العذراء: “إنك تصنع شياطين”، هرب نوستراداموس من المحكمة، وعاش في مدينة سالون، وتزوج من جديد وخصص لنفسه صومعة سرية للبحث والتأمل وكتابة النبوءات.
القرون
ظهر كتاب “القرون” لنوستراداموس أول مرة في العام 1555، فصنع له شهرته الواسعة، وانتشر انتشارا واسعا في العالم وتناقلته الأجيال، وما تزال تطبع نسخه على مدار العام بلغات عدّة، مات نوستراداموس بعد أحد عشر عاما في سنة 1566 وتم دفنه واقفا في حائط كنيسة سالون، ونبش قبره في الثورة الفرنسية، ولكن أعيد دفنه من جديد في كنيسة سانت لورن وما يزال ضريحه قائما حتى اللحظة.
كان نوستراداموس قد كتب رسالة لولده حذّره فيها من اتباع طريقه فقال:”تجنّبْ الباطل في ذلك السحر المقيت الذي استنكره الكتاب المقدس، واستثن فقط استعمال التنجيم المرخص به، لأنني بواسطة التنجيم، وبمساعدة الكشف والوحي الإلهي والحسابات المستمرة وضعت تنبؤاتي. وخشية أن تدان فلسفة المعارف الخفية هذه وتتهم بسوء فإنني لم أرغب في أن أجعل مضمونها المرعب الرهيب مكشوفا أو معلوما”.
نبوءات نوستراداموس للعام 2015
كتب نوستراداموس أن سنة 2015 القادمة ستكون مليئة بالأحداث المريعة، والحروب، وأشار إلى أن أزمات اقتصادية كبيرة ستضرب أوروبا، وأن بركان فيزوف الإيطالي سيثور من جديد، كما حدّد أربعة اغتيالات ستحدث لأربعة زعماء من العالم المتقدّم، وأن زلزالا سيضرب أميركا، وأن صراع الخير والشر سيزداد ضراوة في البلدان التي تشتدّ فيها قسوة الحكام.
و رأى نوستراداموس كارثة نووية ذات أبعاد عالمية تقع، واشتباكات عنيفة على المستوى المحلي داخل الدول، واحتداما عنيفا للعالم الروحي في صراع الخير والشر، كما حدد نوستراداموس العام 2015 ليكون عاما لتلوث إشعاعي قوي يؤثر على عمر الإنسان على كوكب الأرض.
كتب نوستراداموس: “كما هي الحــال التي سبقت بــابل” وشرح أنه “المحــرّك الجديد” الذي رآه على شكل آلة، ولعلّه الكومبيــوتر، سوف يؤدي إلى “نهاية الدول، واختفاء عشر لغات من الوجود”.
وكتب أيضا: “ثرواتهم ذهــب، الأغنياء سيمــوتون عدّة مرات” في حديث عن أزمات اقتصادية مــرتبطة بالذهب.
وكتب نوستراداموس عن الطبيعة في العــام 2015: “يجب أن تسلب الغابات، والسماء تفتح، ويجب أن يحرق الملوك مجالات الحرارة” وقد تم تفسيره على أنه إشارة إلى الاحتباس الحراري وعلاقة ذلــك بثقـب الأوزون وتسرّب الأشعــة فـوق البنفسجيـة إلى الأرض.
كما تنبّأ نوستراداموس بأن البشر سيكونون قادرين على التحدّث مع الحيوانــات في حقل العلوم والمزارع، وسيزيد هــذا من عدد نباتيي العالم، إذ يقول نوستراداموس إن “الخنزير سيكون أخا للإنسان”، وسيرفض الناس دفع الضرائب في مكان ما من الأرض، بعد ثورة كبرى تضع حدا للنظام الضريبي وتزعزعه.
من رباعيات نوستراداموس
القرن الثاني – النبوءة السادسة
(بحساب التاريخ النبوءة عن هيروشيما وناكازاكي)
قرب الميناء وفي مدينتين
ستحدث كارثتان ليس لهما مثيل
جوع وطاعون في الداخل
أناس يطرحون خارجا بفـعل السيف
سوف يبكون من أجل الحصول
على مـساعدة من الله العـظيم الأبـدي.
* * *
القرن التاسع – النبوءة الخامسة والخمسون
(بحساب التاريخ يصف الحرب العالمية الأولى)
إن حربا مخيفة تدار في الغرب وفي
السنة التالية سيأتي مرض سار رهيب
جدا بحيث سيهاجم الصغار والكبار
حينما تكون النار والدم والحرب
والطيران في فرنسا.
* * *
القرن الثالث – النبوءة الثامنة والخمسون
(تحديد ميلاد وحياة ومصير هتلر)
بالقرب من الراين سيولد قائد عظيم
للشعب في شمال الألـب وسيأتي
متأخرا ليدافع عن نفسه ضد روسيا
وهنغاريا وسـيكون مصـيره مجهولا.
* * *
القرن الأول – النبوءة السبعون
(سقوط الشاه وصعود الخميني)
ثورة وحرب ومجاعة لن تتوقف في إيران
الدين سيخون الشاه الذي ستبدأ نهايته
في فرنسا على يد رجل دين (أو نبي)
مـعتصم في مـعتزل.